وتحظى قضية المطماطي باهتمام واسع، وقد أحدثت ضجة كبرى في تونس، خاصة بعد ما أشيع عن دفنه في جسر بالعاصمة حيث قبرت جثّة سجين سياسي قتل تحت التّعذيب.
وقال محامي الدفاع الطاهرغرب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ جلسة اليوم تعد الجلسة السادسة في ملف المطماطي، وبعد تعنت المنسوب إليهم الانتهاك في الحضور إلى جلسات "العدالة الانتقالية"، تمّ إصدار 13 بطاقة جلب في حقهم وقد شملت المخلوع بن علي ووزير داخليته ومديرين عامين بالداخلية وقيادات أمنية، مضيفاً أنّه تم تنفيذ بطاقة واحدة، ليحضر وزير الداخلية في عهد بن علي، عبد الله القلّال.
وأشار غرب إلى أن المشتبه فيه نفى اتهامات التعذيب وإخفاء جثة المطماطي بحكم وجوده خارج تونس حينها، مؤكداً أنه تقدم باعتذار بصفته وزيراً للداخلية عند ارتكاب الجريمة التي أدت للموت، ومعبراً عن تعاطفه مع عائلة الضحية.
وبيّن المحامي أن المتهم ذكر أن رئيس الجمهورية حينها، أي بن علي، كان ينسق مباشرة مع القيادات الأمنية ووزير الداخلية، مشيراً الى أن القلال يعتبر من صقور النظام التونسي السابق، وأحد أبرز المقربين من بن علي. وأكد أن الأبحاث لم تقد لغاية اليوم إلى الكشف عن مكان دفن جثة المطماطي، والتي لا تزال مخفية منذ عام 1991.
ولفت إلى أن المطماطي "كان له إشعاع في منطقته بحكم نشاطه النقابي والسياسي، ويعتبر محل ثقة، وقاوم عملية الإيقاف التعسفية التي تمت، وهو ما أدى إلى التعذيب الشديد الذي تعرض له، والذي أدى إلى الموت"، مؤكداً أنهم يعولون على تنفيذ بقية بطاقات الجلب، لكي تظهر الحقيقة.
من جهتها، طالبت أم الشهيد، فاطمة المطماطي، بالكشف عن مكان وضع جثة ابنها، مشددة على أنه "المطلب الوحيد الذي تنتظره العائلة، التي من المؤلم ألا تعلم مكان اختفاء جثمان شهيدها"، معتبرة أنه على معذبي ابنها والجلادين أن يشعروا بالرحمة، وأن يتركوا العدالة تأخذ مجراها، وحينها قد تتم مسامحتهم، لكن لا بد من أن تعرف العائلة أين دفن ابنها الشهيد، خاصة بعد كل هذه الأعوام.
وقالت محامية الدفاع عن الشهيد مبروكة الزيدي، إنه كان ينتظر أن يكشف المنسوب إليهم الانتهاك مزيداً من المعطيات حول ملابسات تعذيب واغتيال المطماطي ومكان إخفاء جثته، لكن "لم يحصل ذلك للأسف"، مبينة أن التعذيب كان ممنهجاً في تلك الفترة وتحديداً خلال التسعينيات، ما أدى إلى وفاة العديد من معارضي النظام والناشطين السياسيين.
وأوضحت أن المطماطي تم إيقافه صباحاً، وتوفي في اليوم ذاته نتيجة التعذيب الوحشي الذي تعرض له، معتبرة أن ذلك يشكل أبشع عملية حصلت في تونس، أما الأبشع منها فهو تواصل اختفاء الجثة على مدى 28 عاماً، مؤكدة أنّه تم الاستماع إلى عديد من الشهود في ست جلسات، لكن لم يكشف أي طرف مكان الجثة.
يشار إلى أن كمال المطماطي توفي في منطقة الأمن بقابس يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 1991، وتزامن ذلك مع وفاة فيصل بركات في الثامن منه في نابل تحت وطأة التعذيب بنفس المركز الذي شهد يوم 27 أكتوبر وفاة الشماخي في ظروف مشابهة تقريباً.