قضت المحكمة التجارية بالدار البيضاء، صباح اليوم الإثنين، بالتصفية القضائية لشركة سامير، التي تسير مصفاة النفط الوحيدة في المغرب، والتي توجد في مدينة المحمدية.
وتوقع مراقبون، مؤخرا، أن تقضي المحكمة بالتسوية القضائية للشركة، بعدما قدم مسؤولوها وعودا بضخ 400 مليون دولار من أجل عودة النشاط للشركة.
غير أن مسؤولي الشركة لم يكونوا واضحين حول نواياهم تجاه الدائنين، الذين كانوا يطالبون الشركة بسداد ديونها.
وكان مسؤولو الشركة قد قرروا، في أغسطس/آب الماضي، وقف التكرير بسبب الصعوبات المالية التي واجهتها، خاصة بعدما ارتفعت مديونيتها إلى حدود 4.3 مليارات دولار.
ويملك الملياردير السعودي، محمد العامودي، 67.26% من رأسمال الشركة، وهو يحتل المركز الثالث ضمن أثرياء العالم العربي، بعد الوليد بن طلال وجوزيف صفرا، بثروة قدرتها "فوربس"، في الترتيب الصادر قبل يومين، بنحو 8.4 مليارات دولار.
وبُذلت مساع منذ بداية أزمة المصفاة من أجل إعادة تشغيلها، حيث التزم مسؤولو الشركة بضخ 1.04 مليار دولار، وعد الملياردير السعودي بتوفير 670 مليون دولار منها، باعتباره المساهم المرجعي.
غير أن العامودي لم يف بوعوده، بل إنه سعى إلى مقاضاة الدولة المغربية لدى محكمة دولية، قبل أن يتوجه بطلب لدى رئيس المحكمة التجارية في الدار البيضاء من أجل التسوية الودية.
وقد عين رئيس المحكمة أربعة خبراء من أجل تقييم أوضاع الشركة، في ذات الوقت الذي أطلقت مفاوضات مع الدائنين من أجل الوصول إلى حل بشأن مديونية المصفاة.
ولم تستطع الوصول إلى اتفاق حول مديونيتها مع الدائنين، خاصة الجمارك المغربية، التي لا يمكن أن يكون ثمة حل بدونها، على اعتبار أن الأولوية في استيفاء الديون تعطى للمؤسسات التابعة للدولة، قبل الشركات الخاصة.
واستمر عمل الخبراء، الذين عينهم رئيس المحكمة التجارية، منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى غاية السابع من فبراير/شباط، حيث تسلم رئيس المحكمة التقرير الذي خلص، بعد قراءته، إلى عدم اختصاصه بالبت في طلب التسوية الودية وإحالة القضية إلى غرفة المشورة.
وقد علل رئيس المحكمة قراره بكون الشركة غير قادرة على الوفاء بديونها، معتبرا أن ديونها ووضعيتها المالية صعبة وغير متوازنة.
وذهب إلى أن الأموال الذاتية للشركة تراجعت، نتيجة عدم رفع رأسمالها منذ قرار وقف التكرير في أغسطس/آب الماضي، كما سجل أن الخزينة الصافية للمصفاة لم تتحسن بالنظر لعدم تغيير الأموال الذاتية منذ تسعة عشر عاما.
وتعتبر هذه المصفاة من أهم الوحدات الإنتاجية في المغرب، رغم خصخصتها، ثم إن الكثير من الشركات ترتبط بها في إطار المناولة من الباطن، ناهيك عن كونها تقي المغرب من الارتهان لتقلبات أسعار الوقود في السوق الدولية.
وتصل الطاقة الإنتاجية للشركة إلى نحو 8 ملايين طن من المواد النفطية، ومليوني طن من الغاز المسال، وتوفر 1200 وظيفة بشكل دائم، وهو عدد يمكن أن يرتفع إلى 5 آلاف في فترات الذروة.
ويؤدي إغلاق المصفاة الوحيدة، التي يتوفر عليها المغرب، إلى تعويله بشكل كامل على الاستيراد، مما يدفع الاتحادات العمالية إلى الدعوة إلى العودة للتكرير، حتى لا يصبح المغرب، خامس أكبر مستهلك للنفط في أفريقيا، تحت ضغط تقلبات السوق الدولية.
ولا تخفي الاتحادات العمالية وسكان مدينة المحمدية، حيث تقع الشركة، قلقهم من المصير الذي ينتظر الشركة، وهذا ما دفع مراقبين إلى دعوة الدولة إلى التدخل من أجل إعادة تأميمها، على اعتبار أنها تساهم في الأمن الطاقي للمملكة وتوفر فرص عمل مهمة.