القمم العربية عموماً، وبخاصة القمم التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي يُعقَد أحدثها في بيروت الأحد المقبل، يبدو رفاه المواطن، للوهلة الأولى، متصدّراً أولوياتها، نظراً إلى برامج التنمية التي تتحدّث عنها عادة، لكن بالعودة إلى المنجزات العملية على مدى عقود يتبيّن حقاً أن همّ المواطن اليومي هو في ذيل الاهتمامات.
قمة بيروت المرتقبة تأتي بعد سنوات من مُناخات يأس وإحباط أشاعها افتقار القادة والزعماء إلى الإرداة السياسية الجامعة، وإيغالهم في خلافات لا تنتهي ولا تنحسر، بل تتّسع رقعتها وترتفع حدّتها عاماً بعد آخر.
إذ لطالما أكدت القمم العمل فتح الحدود وإزالة العوائق من أمام التبادل التجاري، بينما تعمد دول عربية إلى محاصرة دول أخرى، وتسهم في تأجيج الصراعات الداخلية، و"تُعرّض" خطوطها الحدودية، وتتخذ مزيداً من التدابير المشدّدة على حركة الأشخاص والسلع بما يمنع انسيابها.
في كل قمة يحمل البيان الختامي عنواناً صارخاً يتعلق بمكافحة البطالة والفقر، وكلما تقدّم العمل على البرامج ذات الصلة، زادت معدلات البطالة وازداد الفقر انتشاراً!
والمؤسف أنه كلما تعمّق القادة والحكومات أكثر في دراسات وجهود ترسيخ الأمن الغذائي والمائي، أوغل العطش والجوع انتشاراً في صفوف الناس وخسرت الدول العربية جزءاً إضافياً من مواردها المائية المكرّسة منذ آلاف السنين، وفقدت مساحات شاسعة من أراضيها المزروعة.
وبالكاد تجد المبادرات الإبداعية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة مصادر تموّل أفكارها ومنتجاتها وابتكاراتها، فيما القادة ماضون في تكرار نغمة التشجيع والاحتضان!
فهل تشكل قمة بيروت انعطافة عن هذا المسار الكئيب؟