الكرملين والمعارضة الروسية
ووفقاً لمعلومات جمعها القضاء الروسي فإن القاتل يشبه ضباط هذه المجموعة بالشكل، وضمت القضية إلى قضية محاولة اغتيال الرئيس بوتين سابقاً، والذي كان يحاول تنفيذها قائد هذه المجموعة (آدم عثمانوف) وزوجته (أمنية أكيفا). وبحسب الخطة الأوكرانية، يهدف اغتيال المعارض الروسي إلى تشويه صورة الرئيس وفريق عمله السياسي، وإلى زعزعة الاستقرار الأمني والسياسي في روسيا، من خلال رد فعل المعارضين الروس. في وقت صرّح سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، بأن واشنطن تحاول التأثير على الوضع في مناطق مختلفة من العالم، ومن خلال إدارتها ودعمها "الثورات الملونة"، بما فيها روسيا التي تحاول إثارة الفوضى.
استبعد التحقيق احتمال وقوف المعارض الروسي إلى جانب الثورة السورية دافعاً للجريمة، وقد تميّز نيمتسوف بأنه كان من المدافعين القلائل عن الثورة السورية، في بلد الجميع فيه يدعمون نظام الأسد، ويكنّون العداء للثورة والشعب، ويصفونها بأنها ثورة إرهابية تخريبية، في آخر تصريحات نيمتسوف بهذا الخصوص يقول: "ننحاز إلى السوريين في إسقاط نظامهم، وسقوط الأسد".
ولكن القضاء الروسي يحاول إلباسها للتطرف الإسلامي، في ظل الحملة الإعلامية والدولية لضرب هذا التطرف.
ولكن، يبقى السؤال عن المستفيد الفعلي من قتل نيمتسوف في روسيا؟ على الرغم من أن معارضة نيمتسوف الحقيقية لا تؤثر على الكرملين، ولا على الشارع، لأن نيمتسوف معارض غير مؤثر في الأوساط الشعبية الروسية، وعلى شرائح المعارضة اليمينية الروسية، نظراً لارتباطه بالماضي. فالمستفيد من هذه العملية، بالطبع، هو النظام في روسيا، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في الصيف المقبل، فكانت رسالة للمعارضة الروسية، أو الالتزام بقوانين الكرملين أو المغادرة، خصوصاً أن المعارضة الروسية تعاني من تشرذم وضياع في طرحها وتصوراتها، في وقت تعاني فيه الدولة من أزمة سياسية واقتصادية، نتيجة الحصار المحكم من الغرب، فكان على الدولة السير بهذه الخطوة تحت ذرائع وشعارات وهمية، تحاول أن تبرر بها عدوانيتها وهمجيتها ضد الأصوات المعارضة.
لكن، لا بد من القول إن المعارضة الروسية تلقّت صفعة موجعة من نظام الرئيس بوتين، بكشفها وعدم تأمين حمايتها، بغض النظر عن الفاعل لعملية اغتيال المعارض النائب في البرلمان (الدوما)، بوريس نيمتسوف. وهنا، يمكن التوقّف أمام مسألة مهمة، بغض النظر عن ردود الفعل لصقور الكرملين الحاليين، لكون العملية تهدف، أساساً، إلى إضعاف المعارضة السياسية وإخماد صوتها، وربما هذه رسالة غير مباشرة إلى جميع القوى المعارضة التي أصبحت ضعيفة، بأنه لا مكان للاعتراض على استراتيجية الرئيس الحالي الذي يقوم بتربية الغرب والأميركيين على عدم التعرض لمصالح روسيا ونفوذها والإقرار بدورها الحالي.