مع دخول قرار الحكومة الكويتية رفع أسعار البنزين حيز التنفيذ مطلع سبتمبر/أيلول المقبل، سيهدأ أزيز محركات السيارات الفارهة، بينما يشتعل سوق السيارات صغيرة الحجم.
وأعلن مجلس الوزراء الكويتي في وقت سابق من أغسطس/آب الجاري رفع سعر البنزين "91 أوكتين" بنسبة 41% ليبلغ 85 فلساً كويتياً (28 سنتاً أميركياً) للتر الواحد، والبنزين "95 أوكتان" بنسبة 61% ليبلغ 105 فلوس للتر (35 سنتا أميركيا)، و"98 أوكتان" عالي الجودة بنسبة 83% ليبلغ 165 فلسا للتر (55 سنتا)، فيما ستتولى لجنة حكومية "مراجعة أسعار البنزين كل ثلاثة أشهر لتتواءم مع أسعار النفط العالمية".
ويقول أحمد متولي، رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات العاملة في مجال بيع السيارات المستعملة، إنه من المتوقع أن تتغير خريطة بيع السيارات في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن فئة كبيرة من المشترين الذين كانوا يقبلون على السيارات ذات السعة اللترية الكبيرة، والتي تستهلك الوقود بشكل كبير، سيفكرون في اقتناء سيارات أقل استهلاكا.
ويضيف متولي في لقاء مع "العربي الجديد" أن سوق السيارات المستعملة بدأ يشهد رواجاً خلال الأيام الأخيرة، وخصوصا لشراء السيارات صغيرة الحجم المزودة بمحرك "4 سلندر".
ويوضح أن غالبية المقيمين يبحثون الآن عن سيارات صغيرة الحجم، نظراً لاقتصادها في الوقود، إذ سيكلف ملء خزان وقودها بعد زيادة أسعار البنزين نحو 20 دولاراً، مقارنة بـ 10 دولارات قبل الزيادة المقررة.
ويبلغ دعم البنزين في الكويت نحو 924 مليون دولار، فيما تستهدف عمليات رفع الدعم التدريجي خفض هذا الدعم بنحو 75% على مدى الثلاث سنوات المقبلة، ليبلغ في العام المالي 2018/ 2019 نحو 224 مليون دولار.
ويرى غازي النفيسي، العضو المنتدب لشركة الصفقة للسيارات، أن مبيعات السيارات المستعملة ارتفعت منذ مطلع الشهر الجاري بنحو 40% مقارنة بالفترة السابقة لإعلان الحكومة عن رفع أسعار البنزين.
ويقول النفسيي لـ"العربي الجديد" إن ارتفاع وتيرة شراء السيارات المستعملة يرجع إلى قلق الكثيرين من ارتفاع أسعار السيارات بعد دخول قرار زيادة أسعار البنزين مع مطلع الشهر المقبل.
ويشير إلى أن سوق السيارات كان غالباً ما يشهد حالة من التباطؤ خلال فترة الصيف، نظرا لسفر الكثير من الكويتيين والمقيمين إلى خارج البلاد، إلا أن هذا الصيف شهد رواجاً غير معتاد منذ أكثر من 10 سنوات.
ويتوقع أن تشهد مبيعات السيارات الجديدة خلال فترة ما بعد الصيف انخفاضاً مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وذلك لأن غالبية معارض السيارات ركزت هذا العام على طرح السيارات الفارهة والضخمة المزودة بعدد سلندرات من 8 إلى 12 سلندر، وهو ما سينعكس عليها بالسلب في مبيعاتها.
ويأتي قرار الحكومة الكويتية تحرير أسعار البنزين ضمن خطة تشمل كذلك الاستدانة لتقليص عجز الموازنة، والذي يقدر بنحو 31.3 مليار دولار في العام المالي 2016/ 2017 الذي بدأ في أبريل/نيسان الماضي.
وستبلغ الزيادة في المتوسط المرجح لأسعار البنزين، بحسب دراسة أعدتها مؤسسة "أرنست آند يونغ" لصالح وزارة المالية الكويتية، نحو 110% خلال الثلاث سنوات المقبلة.
وستسهم زيادة أسعار المحروقات بالكويت في زيادة الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى فرض ضغوط على القوة الشرائية للدينار الكويتي إلى جانب الضغوط التي تتعرض لها العملة الكويتية خلال الأشهر الماضية بسبب أزمة تراجعات أسعار النفط.
وواجهت قرارات زيادة الأسعار معارضة من جانب المواطنين، إذ تساءل مواطنون عن أسباب فرض إجراءات تقشفية، رغم تراكم الفوائض المليارية لعوائد النفط خلال السنوات التي تخطت فيها 100 دولار للبرميل.
ومع زيادة أسعار البنزين لن تكون الكويت جنة للعمالة الوافدة كما كانت تلقب في السابق، وفق خبراء، فإلى جانب زيادة أسعار المحروقات جرت في أبريل/نيسان الماضي زيادة تعريفة الكهرباء والماء للوافدين بأكثر من الضعف للحد الأدنى من الاستهلاك الأمر الذي سيساهم في رفع تكلفة المعيشة.
كما قررت الحكومة تحرير أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية بمختلف أنواعها، حيث دخل القرار حيز التطبيق اعتباراً من يوم الخميس الماضي.
ويتوقع صندوق النقد الدولي عجزاً تراكمياً في موازنة الكويت تصل قيمته إلى 76 مليار دولار خلال الفترة من 2015 إلى 2020، حيث ساهمت أزمة تراجع النفط في هبوط إيرادات البلاد بأكثر من 60%، فيما يشكل النفط أكثر من 93% من جملة الإيرادات مقابل تضخم بنود الأجور والدعم لتلتهم بمفردها أكثر من 70% من إجمالي المصروفات.
وشكل الهبوط الكبير لأسعار النفط، والذي يمثل المورد الأساسي وشبه الوحيد لتمويل الميزانية العامة، تحدياً كبيراً لحكومة الكويت.
واضطرت الكويت إلى اللجوء إلى إصدار السندات الدولية وإصلاحات قاسية لمواجهة مرحلة صعبة اقتصادياً، بسبب تراجعات النفط الكبيرة الممتدة على مدى عام ونصف العام تقريباً، أفقدت سعر الخام أكثر من 60% من قيمته.
وكان نائب رئيس الوزراء وزير المالية الكويتي، أنس الصالح، قد توقع في وقت سابق من العام الجاري تباطؤ النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي.