تعيش ليبيا أسوأ أزمة مالية في تاريخها الحديث نظرا للعجز غير المسبوق في الموازنة العامة، والذي يرجع إلى تدني إيرادات النفط، بعد إغلاق الحقول والمرافئ قرابة العام. وما إن تعافى الإنتاج رغم الضغوط الأمنية والسياسية، حتى انعكست الأسعار على غير هوى المنتجين ليحقق النفط أدنى مستوياته في أربع سنوات على الأقل، بعدما فقد نحو 25% من قيمته على مدار الأشهر الثلاثة الماضية.
خطر العجز
قال مدير التخطيط والمتابعة في وزارة النفط الليبية، سمير كمال، لـ "العربي الجديد" إن إنتاج النفط بدأ يتعافى لكن هناك مُشكلة تواجه الحكومة؛ وهي تدني الأسعار في وقت تفقد ليبيا العديد من الزبائن جراء قفل الموانئ النفطية طيلة عام كامل (من يوليو/تموز 2013 إلى أغسطس/آب 2014) مما دفع لخروج العملاء إلى أسواق أخرى، ما يؤثر على الوضع المالي لليبيا ويفاقم العجز المتضخم أصلا.
وأضاف "النفط الليبي يحتاج بعض الوقت ليسترد عافيته في السوق العالمية بعد غياب طويل".
وحذّرت المؤسسة الوطنية للنفط، قبل يومين، من أن انخفاض أسعار النفط عالميًا سيؤثر سلبًا على الموازنة العامة للدولة، باعتبار صادرات النفط الخام هي مصدر الدخل الوحيد لليبيا.
وانخفضت الأسعار دون 83 دولارًا للبرميل خلال الأسبوع الماضي، مسجلة بذلك أدنى مستوياتها في أربع سنوات، بعدما تراجعت من 115 دولارا للبرميل في يونيو/حزيران الماضي، ما يعني أن أسعار النفط فقدت أكثر من الربع في نحو ثلاثة أشهر، وهو ما أربك حسابات مسؤولي المالية العامة في ليبيا.
كانت تقديرات وزارة المالية الليبية، تتوقع أن يصل الإنتاج النفطي مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري إلى مليون برميل يوميا، ومع نهاية العام يصل إلى معدله الطبيعي بـ 1.5 مليون برميل يوميا. لكن ثمة عوامل حالت دون تحقق ذلك، منها الفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد والاعتصام في حقل 101 وحقل بو الطفل، والخلاف المسلح بين ميليشيات بالقرب من ميناء الزاوية نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، والذي نتج عنه إغلاق حقل الشرارة النفطي البالغ إنتاجه 250 ألف برميل يومياً طيلة أسبوع كامل، ما ساهم في تراجع معدلات إنتاج النفط في البلاد.
وقالت مؤسسة النفط في آخر بياناتها الصحافية: على الشعب الليبي تجنب الاعتصامات أمام المرافق النفطية للمساعدة على انتظام معدلات الإنتاج، وتأمين إيرادات ثابتة للخزينة العامة تلبي متطلبات البلاد في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها ليبيا.
كما دعت المؤسسة الوطنية للنفط العاملين في قطاع النفط والغاز إلى المحافظة على معدلات الإنتاج، في الحدود المسموح بها فنيًا.
وتعتمد الحكومة الليبية على موارد النفط في رفد الموازنة بنحو 95% من الإيرادات. ويخصص أكثر من نصف الميزانية لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات، من بينها الخبز والوقود وخدمات، مثل العلاج في المستشفيات بالمجان، وكذلك العلاج في الخارج على نفقة الدولة.
وتبلغ موازنة ليبيا 56 مليار دينار ليبي (46.2 مليار دولار)، فيما وصل الإنفاق 27 مليار دينار (22.5 مليار دولار) حتى نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، ويقدر العجز في الموازنة العامة في ليبيا وفقاً لآخر التقديرات الحكومية بنحو 24 مليار دينار (20 مليار دولار). ويُنفق البنك المركزي حالياً على الميزانية العامة، فيما يتعلق بالباب الأول الخاص بالمرتبات، والرابع المتعلق بالدعم، أموالا يصل إجمالها إلى 45.3 مليار دينار (37.7 مليار دولار) خلال العام الجاري، بينما جمد باقي مشروعات التنمية للمحافظة على العجز المالي والصرف في الحدود الدنيا للنفقات التشغيلية، فيما يتعلق بالعلاج بالخارج ومنح الطلاب.
وتعتزم الحكومة طرح أذونات خزانة عبر المصرف المركزي لسد عجز الموازنة.
الحل الأخير
يرى خبراء اقتصاديون، أن احتياطي النقد الأجنبي القوي الذي تملكه ليبيا بمثابة خط الدفاع الأخير، كون الإنفاق منه يؤثر على قوة الاقتصاد، ويؤثر مستقبلا على استقرار معدل واردات الدولة من السلع الرئيسية والخدمات. وتعاني الحكومات الانتقالية عدم تحصيل الرسوم السيادية، كالضرائب، على الأنشطة الاقتصادية المختلفة والبضائع المستوردة.
وقال وزير المالية السابق في الحكومة الليبية المؤقتة، مراجع غيث، إن هناك ارتفاعا في الإنفاق على دعم الوقود بلغ خمسة مليارات دينار نهاية اغسطس الماضي، فضلا عن ارتفاع مصروفات العلاج في الخارج نتيجة الصراعات المُسلحة. وتنفق ليبيا سنوياً ما يقرب من مليار دينار على العلاج في الخارج.
وقال غيث، إن ليبيا قد تلجأ إلى استخدام الأموال المجنبة من إيرادات النفط، التي تبلغ 17 مليار دينار (13.9 مليار دولار)، لتغطية عجز الموازنة، في حال استمرار تدني الإيرادات النفطية، بسبب انخفاض الإنتاج بالبلاد.
والأموال المجنبة، هي التي قامت ليبيا باستقطاعها من عائدات النفط، لاستخدامها في وقت الأزمات، لتعويض نقص العوائد الناتج عن انخفاض أسعار النفط.
وأشار إلى أنه في حالة تحقق الافتراض الثاني، فسيتم إصدار أذون خزانة من وزارة المالية، ثم اللجوء إلى الأموال المجنبة، أما الحل الأخير فسيكون الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
وعلى صعيد متصل، أكد التقرير السنوي لديوان المحاسبة الليبي، أن ليبيا صرفت من الأموال المجنبة (الاحتياطي العام) خلال ثلاث سنوات، 11.35 مليار دينار (9.08 مليار دولار)، وقال التقرير إن الاحتياطي بلغ حتى نهاية العام الماضي 17.3 مليار دينار ليبي (5.9 مليار يورو و5.3 مليار دولار).
وأوضح التقرير، الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن المجنب البالغ قيمته 28.7 مليار دينار نهاية عام 2010، أنفقت الحكومة منه 3.35 مليار دينار لتغطية عجز ميزانية 2011، وثلاثة مليارات دينار لتغطية الميزانية الاستثنائية لعام 2012، و3.5 مليار دينار لتغطية مِنَح الأسر الليبية، بالإضافة إلى 1.5 مليار دينار، لتغطية منح عيد الأضحى في عام 2013.
وكشف التقرير عن عدم إضافة أي مبالغ لحساب المجنب خلال السنوات الثلاث من عام 2011 إلى 2013.
خطر العجز
قال مدير التخطيط والمتابعة في وزارة النفط الليبية، سمير كمال، لـ "العربي الجديد" إن إنتاج النفط بدأ يتعافى لكن هناك مُشكلة تواجه الحكومة؛ وهي تدني الأسعار في وقت تفقد ليبيا العديد من الزبائن جراء قفل الموانئ النفطية طيلة عام كامل (من يوليو/تموز 2013 إلى أغسطس/آب 2014) مما دفع لخروج العملاء إلى أسواق أخرى، ما يؤثر على الوضع المالي لليبيا ويفاقم العجز المتضخم أصلا.
وأضاف "النفط الليبي يحتاج بعض الوقت ليسترد عافيته في السوق العالمية بعد غياب طويل".
وحذّرت المؤسسة الوطنية للنفط، قبل يومين، من أن انخفاض أسعار النفط عالميًا سيؤثر سلبًا على الموازنة العامة للدولة، باعتبار صادرات النفط الخام هي مصدر الدخل الوحيد لليبيا.
وانخفضت الأسعار دون 83 دولارًا للبرميل خلال الأسبوع الماضي، مسجلة بذلك أدنى مستوياتها في أربع سنوات، بعدما تراجعت من 115 دولارا للبرميل في يونيو/حزيران الماضي، ما يعني أن أسعار النفط فقدت أكثر من الربع في نحو ثلاثة أشهر، وهو ما أربك حسابات مسؤولي المالية العامة في ليبيا.
كانت تقديرات وزارة المالية الليبية، تتوقع أن يصل الإنتاج النفطي مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري إلى مليون برميل يوميا، ومع نهاية العام يصل إلى معدله الطبيعي بـ 1.5 مليون برميل يوميا. لكن ثمة عوامل حالت دون تحقق ذلك، منها الفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد والاعتصام في حقل 101 وحقل بو الطفل، والخلاف المسلح بين ميليشيات بالقرب من ميناء الزاوية نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، والذي نتج عنه إغلاق حقل الشرارة النفطي البالغ إنتاجه 250 ألف برميل يومياً طيلة أسبوع كامل، ما ساهم في تراجع معدلات إنتاج النفط في البلاد.
وقالت مؤسسة النفط في آخر بياناتها الصحافية: على الشعب الليبي تجنب الاعتصامات أمام المرافق النفطية للمساعدة على انتظام معدلات الإنتاج، وتأمين إيرادات ثابتة للخزينة العامة تلبي متطلبات البلاد في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها ليبيا.
كما دعت المؤسسة الوطنية للنفط العاملين في قطاع النفط والغاز إلى المحافظة على معدلات الإنتاج، في الحدود المسموح بها فنيًا.
وتعتمد الحكومة الليبية على موارد النفط في رفد الموازنة بنحو 95% من الإيرادات. ويخصص أكثر من نصف الميزانية لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات، من بينها الخبز والوقود وخدمات، مثل العلاج في المستشفيات بالمجان، وكذلك العلاج في الخارج على نفقة الدولة.
وتبلغ موازنة ليبيا 56 مليار دينار ليبي (46.2 مليار دولار)، فيما وصل الإنفاق 27 مليار دينار (22.5 مليار دولار) حتى نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، ويقدر العجز في الموازنة العامة في ليبيا وفقاً لآخر التقديرات الحكومية بنحو 24 مليار دينار (20 مليار دولار). ويُنفق البنك المركزي حالياً على الميزانية العامة، فيما يتعلق بالباب الأول الخاص بالمرتبات، والرابع المتعلق بالدعم، أموالا يصل إجمالها إلى 45.3 مليار دينار (37.7 مليار دولار) خلال العام الجاري، بينما جمد باقي مشروعات التنمية للمحافظة على العجز المالي والصرف في الحدود الدنيا للنفقات التشغيلية، فيما يتعلق بالعلاج بالخارج ومنح الطلاب.
وتعتزم الحكومة طرح أذونات خزانة عبر المصرف المركزي لسد عجز الموازنة.
الحل الأخير
يرى خبراء اقتصاديون، أن احتياطي النقد الأجنبي القوي الذي تملكه ليبيا بمثابة خط الدفاع الأخير، كون الإنفاق منه يؤثر على قوة الاقتصاد، ويؤثر مستقبلا على استقرار معدل واردات الدولة من السلع الرئيسية والخدمات. وتعاني الحكومات الانتقالية عدم تحصيل الرسوم السيادية، كالضرائب، على الأنشطة الاقتصادية المختلفة والبضائع المستوردة.
وقال وزير المالية السابق في الحكومة الليبية المؤقتة، مراجع غيث، إن هناك ارتفاعا في الإنفاق على دعم الوقود بلغ خمسة مليارات دينار نهاية اغسطس الماضي، فضلا عن ارتفاع مصروفات العلاج في الخارج نتيجة الصراعات المُسلحة. وتنفق ليبيا سنوياً ما يقرب من مليار دينار على العلاج في الخارج.
وقال غيث، إن ليبيا قد تلجأ إلى استخدام الأموال المجنبة من إيرادات النفط، التي تبلغ 17 مليار دينار (13.9 مليار دولار)، لتغطية عجز الموازنة، في حال استمرار تدني الإيرادات النفطية، بسبب انخفاض الإنتاج بالبلاد.
والأموال المجنبة، هي التي قامت ليبيا باستقطاعها من عائدات النفط، لاستخدامها في وقت الأزمات، لتعويض نقص العوائد الناتج عن انخفاض أسعار النفط.
وأشار إلى أنه في حالة تحقق الافتراض الثاني، فسيتم إصدار أذون خزانة من وزارة المالية، ثم اللجوء إلى الأموال المجنبة، أما الحل الأخير فسيكون الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
وعلى صعيد متصل، أكد التقرير السنوي لديوان المحاسبة الليبي، أن ليبيا صرفت من الأموال المجنبة (الاحتياطي العام) خلال ثلاث سنوات، 11.35 مليار دينار (9.08 مليار دولار)، وقال التقرير إن الاحتياطي بلغ حتى نهاية العام الماضي 17.3 مليار دينار ليبي (5.9 مليار يورو و5.3 مليار دولار).
وأوضح التقرير، الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن المجنب البالغ قيمته 28.7 مليار دينار نهاية عام 2010، أنفقت الحكومة منه 3.35 مليار دينار لتغطية عجز ميزانية 2011، وثلاثة مليارات دينار لتغطية الميزانية الاستثنائية لعام 2012، و3.5 مليار دينار لتغطية مِنَح الأسر الليبية، بالإضافة إلى 1.5 مليار دينار، لتغطية منح عيد الأضحى في عام 2013.
وكشف التقرير عن عدم إضافة أي مبالغ لحساب المجنب خلال السنوات الثلاث من عام 2011 إلى 2013.