يحمل قرار مجلس التعاون الخليجي، القاضي باعتماد مبعوث خاص للأمين العام للمجلس إلى اليمن، العديد من الأبعاد والدلالات، ويعكس قلقاً خليجياً على مسار التسوية السياسية في اليمن.
وجاء في البيان الختامي للاجتماع المنعقد في الرياض، يوم الاثنين، أن المجلس الوزاري قرر "تعيين مبعوث للأمين العام لمجلس التعاون إلى اليمن". وأعرب عن دعمه لكل الخطوات والإجراءات والقرارات التي اتخذها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل وصياغة دستور جديد، وكذلك الجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار للشعب اليمني.
ورجحت مصادر سياسية لـ"العربي الجديد"، ألا يحل المبعوث الخليجي المقرر ابتعاثه إلى اليمن، مكان رئيس بعثة مجلس التعاون في صنعاء، السفير سعد العريفي، وإنما سيكون إلى جانبه لمتابعة متعلقات المبادرة الخليجية إلى حين الاطمئنان إلى نجاح التسوية بشكل تام.
استعادة الدور الخليجي
ويأتي القرار الخليجي بعد نحو سبعة أشهر من طلب وزير الخارجية اليمني أبوبكر القربي، من الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الذي انعقد في الكويت خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2013، تعيين "مبعوث خليجي" لمتابعة تنفيذ المبادرة الخليجية.
وينظر مراقبون يمنيون إلى هذه الخطوة باهتمام كبير، إذ تعتبر إقراراً مبدئياً بوجود تحديات تهدد البلاد، وتستدعي دوراً عربياً منفصلاً بعد اقتصار العامين الماضيين على الدور الغربي والأممي، ممثلاً بسفراء الدول الكبرى ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر.
وفي تعليقه على قرار إيفاد المبعوث الخليجي، اعتبر الدبلوماسي اليمني السفير مصطفى أحمد النعمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن القرار "خطوة إيجابية تترجم اعترافاً بالدور الواجب ولو جاء متأخراً".
وأضاف أن هذه الخطوة "تساهم في التخفيف من الانغماس الدولي في الشأن اليمني والمدى الذي وصل اليه في التدخل في كل شاردة، وهو ما استفز الكثير من اليمنيين".
وقال النعمان إنه "كان من غير الطبيعي أن تكون دول مجلس التعاون بعيدة عن مجريات الأمور ومتابعتها وإبداء النصح وتقديم المشورة لما يخدم المصالح المشتركة، فاليمن جار مباشر خيره وشره محسوب للجميع وعلى الجميع". وأكد أن "الأهم في نظري هو تقليص الدور الدولي وتعاظم الدور الإقليمي".
وتُعَدّ المبادرة التي أطلقتها دول مجلس التعاون في أبريل/نيسان 2011، وجرى التوقيع عليها في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، في الرياض، الأساس الذي قامت عليه المرحلة الانتقالية بنقل السلطة من الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلى نائبه الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، وتشكيل حكومة بالمناصفة بين "حزب المؤتمر الشعبي" برئاسة صالح، والأحزاب المؤيدة للثورة.
وكان الدور الخليجي فاعلاً خلال مفاوضات نقل السلطة في العام 2011، ممثلاً في الأمين العام للمجلس، عبد اللطيف الزياني، لكن هذا الدور تراجع بشكل ملحوظ مع بدء المرحلة الانتقالية لصالح الدور الأممي الذي تبنى المبادرة الخليجية، وأضاف إليها بنداً ينص على مؤتمر للحوار الوطني اختتم اعماله في يناير/كانون الثاني الماضي، وأقر التمديد لهادي، وتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم.
مبعوث هادي
كما أرسل هادي موفداً إلى اجتماع وزراء خارجية التعاون الأخير، هو الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني أحمد عوض بن مبارك، الذي سلم رسالة من هادي إلى المجتمعين، بدلاً من وزير الخارجية أبوبكر القربي، المعني بإيصال رسالة كهذه وفق الأعراف الدبلوماسية.
هذا الاستبدال اعتبره مراقبون مقدمة لتعيين بن مبارك في حقيبة الخارجية بدلاً من القربي، وفق تعديل وزاري مرتقب.