توقع المصرف المركزي الروسي عودة اقتصاد روسيا إلى مرحلة الانكماش في عام 2019 في حال تحقيق "السيناريو الخطر" الذي يشمل تدهوراً كبيراً للظروف الخارجية مثل توسيع القيود التجارية، وتراجع الأوضاع الاقتصادية بالأسواق النامية وخروج رؤوس الأموال منها، وتشديد العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، وتهاوي أسعار النفط مرة أخرى.
وحذر المركزي الروسي في تقرير حول "الاتجاهات الرئيسية للسياسة النقدية - الائتمانية الموحدة للدولة لأعوام 2019 - 2021" صدر اليوم السبت، من أن يؤدي تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي إلى تراجع الطلب على موارد الطاقة وهبوط أسعار النفط إلى 35 دولاراً فقط للبرميل.
وهو ما سيمنع الدول المنتجة من الإبقاء على اتفاق خفض الإنتاج، كما أن تراجع الطلب الداخلي وقيمة الروبل، وارتفاع المعدلات المتوقعة للتضخم، ينذران بضرورة تشديد السياسة النقدية - الائتمانية للدولة الروسية.
وأضاف التقرير: "في حال تحقق السيناريو السلبي في عام 2019، فإن هناك احتمال زيادة وتيرة ارتفاع الأسعار عن السيناريو الأساسي، واحتمال نمو سلبي للناتج المحلي الإجمالي".
ومع ذلك، اعتبر معدو التقرير، أن اعتماد قاعدة الميزانية التي تقتضي إيداع الفارق بين سعر النفط 40 دولاراً والأسعار الحالية (نحو 78 دولاراً) في الاحتياطات، سيساعد في الحد من تأثير تدهور ظروف التجارة الخارجية على الاقتصاد الروسي.
وكان المركزي الروسي قد أقدم أمس الجمعة، على رفع سعر الفائدة الأساسية من 7.25 إلى 7.5%، وذلك لأول مرة منذ ديسمبر/كانون الأول 2014، وتعليق شراء العملة الصعبة من السوق الداخلية حتى نهاية العام.
وأرجعت رئيسة المصرف المركزي، إلفيرا نابيولينا، هذه الخطوات إلى "تغيير هام للظروف الخارجية زاد من مخاطر التضخم".
وذلك في إشارة إلى تشديد العقوبات الأميركية بحق موسكو وما ترتب عليها من تراجع قيمة الروبل إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عامين، بالإضافة إلى الزيادة المرتقبة لضريبة القيمة المضافة من 18 إلى 20%.
واستقبل الروبل الروسي قرار المصرف المركزي بتعزيز مواقعه بصورة طفيفة في تعاملات نهاية الأسبوع، بينما سجلت أسهم أكبر مصرف روسي "سبيربنك" ارتفاعاً بنسبة قاربت 3%.
يذكر أن الاقتصاد الروسي عاش منذ عام 2014 أوقاتاً عصيبة على ضوء تهاوي أسعار النفط وفرض العقوبات الغربية بسبب الوضع في أوكرانيا. وبلغت هذه الأزمة ذروتها عام 2015، حين انكمش الاقتصاد بنسبة 3.7%، وسط تهاوي سعر صرف الروبل وتعثر مئات المصارف والشركات الكبرى في مختلف القطاعات.
لكن بعد عامين من الأزمات العاصفة بالاقتصاد الروسي، بدأ أداؤه يتعافي في النصف الثاني من عام 2016، مدفوعاً بتعافي أسعار النفط وتكيفه مع واقع العقوبات، ليتجاوز في عام 2017 مرحلة الركود، إلى أن بدأ شبح التوترات الجيوسياسية وتشديد العقوبات يخيم عليه من جديد في العام الحالي.