وقال الباحث بجامعة فيتشبورغ بالولايات المتحدة الأميركية، ياسر درويش جزائرلي، الذي قدّم مداخلة بعنوان "إيران وتركيا والثورة السورية: الدور الإقليمي والتحالفات الدولية"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ الدول الإقليمية والدولية تلعب دورا في الانتقال الديمقراطي، ولها مصالح تحاول المحافظة عليها، مبينا أن "أكثر الثورات التي حصل فيها تدخل هي الحالة الشرق أوسطية، وخاصة سورية، إذ إن هناك قوى إقليمية عديدة متدخلة، وهي إيران وتركيا والسعودية وإسرائيل، وكل هذه الدول مرتبطة بقوى عالمية".
وذكر جزائرلي أن "المثير للدهشة هو ما حدث لتركيا، فهي عضو في حلف شمال الأطلسي، ومع ذلك فالحلف لم يساعدها عندما وجدت نفسها في مواجهة مع روسيا، بعد أن أسقطت الطائرة الروسية، وبدل أن يساعدها سحب صواريخه من جنوب تركيا، وبالتالي وجدت نفسها وحيدة في مواجهة قوة عظمى. والأكثر صعوبة بالنسبة لها كان مواجهة أميركا أيضا، لأنها لم تتحالف معها سابقا، وقامت بالتحالف مع المليشيات الكردية، لأنها تعتبر أن المشكلة الأمنية تأتي في الأولويات".
وأضاف أن "ذلك أدى إلى تغير كبير في الثورة السورية، بحكم أن تركيا كانت الداعم الأول لها، وبحصار تركيا وجدت الثورة السورية نفسها محاصرة، وهو ما عقّد الكثير من الأمور".
وأكد الباحث ذاته أنّه "لا يمكن النظر إلى القوى الإقليمية دون الأخذ بعين الاعتبار دور الدول العظمى، كالولايات المتحدة الأميركية وروسيا والاتحاد الأوروبي"، مبينا أن "الدور الإقليمي لا يمكن فصله عن الدور الدولي، إلى جانب التشارك في العلاقات بين تركيا وروسيا وإيران".
وأوضح الباحث بجامعة فيتشبورغ بالولايات المتحدة الأميركية أنه "بعيدا عن الفهم التقليدي لسياسة توازن القوى، حيث كان من المفروض أن تجعل أميركا تركيا تؤدي دور الموازن لإيران في سورية، إلا أن عدم حصول ذلك سببه أن الولايات المتحدة كانت تتخوف من شيئين أكثر من تخوفها من توسع النفوذ الإيراني، هما انتصار الثورة السورية، وتعاظم نفوذ تركيا".
وقالت الباحثة الأردنية بمركز الجزيرة للدراسات، فاطمة الصمادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ ورقتها "من تونس إلى سورية: كيف تعاملت إيران مع الثورات العربية؟"، وقفت على "أبعاد الموقف الإيراني من الثورات العربية وكيفية فهم محدداته، وكيف تغير من الترحيب إلى الاستنكار والرفض"، مبينة أنّ "إيران اعتبرت الثورات العربية، خاصة في مصر وتونس، "صحوة إسلامية"، ورأت أنها تصب في صالح سياستها، ولكنها عندما وجدت أن الأمر عكس ذلك تحول الحماس إلى نقد".
وأفادت الصمادي بأن "العامل الخارجي ليس الوحيد المؤثر في الانتقال الديمقراطي، ولكن لا يمكن نكران دوره وتأثيره، وهو ما قد يساعد في فهم المعوقات والتحولات التي أصابت حالة الانتقال الديمقراطي"، مبينة أن "هناك عدة أبعاد للقرار الإيراني، ومنها موقع ايران بالمنطقة، والبحث عن أثر البعد الجيوسياسي، وقراءة الحالة على أنها إعادة تشكيل للمنطقة، ويجب أن يكون لإيران دور في ذلك"، مشيرة إلى أن "الحالة السورية كانت الأكثر وضوحا في التدخل الإيراني وتأثيره في الثورات العربية".
وتحدث الباحث المغربي، أحمد إدعلي، عن الدور السعودي والإيراني في اليمن، وأثره في الانتقال السياسي، مبينا أنّ "العوامل الإقليمية تكتسي أهمية بالغة تفوق أحيانا العوامل الداخلية التي ترتبط بالعديد من المتغيرات، مثل تقلبات السياسة الدولية وموازين القوى العالمية، وطبيعة مصالح الفاعلين الدوليين والإقليميين، إلى جانب التدخل والموقع الاستراتيجي للبلد وموارده، ومستوى نضج النخب المحلية، ووزن المعارضة السياسية".
وأضاف إدعلي أنّ التدخلات السعودية والإيرانية في اليمن "ساهمت في إجهاض الانتقال إلى الديمقراطية. ففي ظل تنافس الدولتين على النفوذ الإقليمي، وخشية السعودية من نجاح التجربة الديمقراطية، وتطلع إيران إلى استغلال الموجة الثورية بما يعزز نفوذها، جلها متغيرات جعلت اليمن ساحة لمواجهات متعددة، وظفت فيها أدوات ناعمة وأخرى صلبة".