تصدّر المصريون قائمة الشعوب الأكثر نقمة على الولايات المتحدة لعام 2014، وفقاً لاستطلاع للرأي العام عن صورة أميركا في الخارج أجري في 43 بلداً بإشراف مركز "بيو" الأميركي للأبحاث، ولم ينافس المصريين في الصدارة سوى أتباع الطائفة الشيعية في لبنان.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن النقمة على الولايات المتحدة تصاعدت حدتها في المنطقة العربية بالمقارنة مع ما كانت عليه في بداية انطلاق الربيع العربي، فانحدرت تبعاً لذلك نسبة الذين ما زالوا ينظرون إيجابياً إلى أميركا لتصل إلى 10 في المئة فقط في مصر، بعدما كانت نسبة المصريين الذين ينظرون إيجابياً إلى واشنطن قد تجاوزت الـ20 في المئة عام 2011. وجاء الأردن بعد مصر مباشرة بنسبة 12 في المئة هذا العام بالمقارنة مع 21 في المئة قبل 2011.
ولأن جمع بيانات الاستطلاع جرى قبل العدوان الإسرائيلي على غزة، فقد كانت نتائج هذا العام أقل سوءاً داخل الأراضي الفلسطينية، حيث تضاعفت نسبة الفلسطينيين الذين ينظرون إيجابياً إلى واشنطن من 15 في المئة العام الماضي إلى 30 في المئة هذا العام. ولكن بسبب الموقف الأميركي السلبي من عدوان إسرائيل على غزة، فمن المرجح أن تصاب هذه النتيجة بانتكاسة كبيرة في أي استطلاع مقبل.
ومن الدول العربية التي شملها الاستطلاع كذلك، لبنان، حيث انخفضت نسبة مَن ينظرون إيجابياً إلى أميركا من 49 في المئة عام 2011 إلى 40 في المئة خلال العام الجاري. ولكن، لأن الباحثين الأميركيين يدركون أن لبنان له خصوصية من حيث التعدد الطائفي، فقد حرص مركز "بيو" على إظهار الفروق في وجهات النظر تجاه أميركا تبعاً للتنوّع الديني.
وعلى غير المتوقع، فقد أظهرت نتائج الاستطلاع أن 55 في المئة من السنّة في لبنان يحملون انطباعاً إيجابياً عن أميركا، مقابل 53 في المئة من أشقائهم المسيحيين، في حين أن 10 في المئة من الشيعة فقط أعربوا عن نظرتهم الإيجابية للولايات المتحدة، وتتساوى نسبتهم هذه مع النسبة الكلية في مصر.
وإذا ما استبعدنا بلداناً عربية رئيسية لم يتمكن القائمون على الاستطلاع من إشراك عيّنات من شعوبها فيه مثل دول مجلس التعاون الخليجي، سورية، اليمن، ليبيا، والجزائر، فإن التونسيين هم أقل الشعوب العربية نقمة على الولايات المتحدة، حسب نتائج الاستطلاع. ولم تتراجع نسبة التونسيين الذين ينظرون إيجابياً للولايات المتحدة عن 42 في المئة، وهي النسبة ذاتها في العام الماضي.
أما خارج البلدان العربية، فإن الروس أكثر شعب تغيّرت نظرته دراماتيكياً إلى الولايات المتحدة، حيث تراجعت النسبة الإيجابية من 51 في المئة العام الماضي إلى 23 في المئة فقط هذا العام، في حين كان الوضع عكسياً في فرنسا والصين، حيث ارتفعت نسبة الفرنسيين المحبين لأميركا من 64 في المئة إلى 75 في المئة، فيما ارتفعت النسبة في الصين من 40 في المئة إلى 50 في المئة.
ولكن الفلبينيين وحدهم هم مَن يتصدّرون قائمة الحب لأميركا بنسبة تعاطف تصل إلى 92 في المئة من المستطلعة آراؤهم، بارتفاع سبع درجات عن نسبة العام الماضي.
وعلى الرغم من أن الفلبين تقع في آسيا، إلا أن الآسيويين بصورة عامة لا يسرفون في حبهم لأميركا ولا يفرطون في كراهيتهم لها، بل يتساوون تقريباً مع كل من أوروبا وأميركا اللاتينية في متوسط حسابي معتدل من الحب لا يتجاوز الـ65 في المئة. في حين أن دول أفريقيا غير العربية يقفز المتوسط الحسابي لحب أميركا فيها مجتمعة إلى 74 في المئة، ثم ينحدر المتوسط الحسابي عند الانتقال إلى دول الشرق الأوسط العربية إلى 30 في المئة، قبل أن يقفز مرة أخرى إلى 84 في المئة في إسرائيل.
وقد يتساءل البعض لماذا لم تتصدّر إسرائيل قائمة التعاطف مع أميركا المتعاطفة معها بدلاً من الفلبيين، فتجيب نتائج الاستطلاع على ذلك بأن العرب الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948 هم سبب تغيير النتيجة الإجمالية في إسرائيل، إذ إن 53 في المئة منهم جاهروا بوجهة نظرهم السلبية تجاه الولايات المتحدة، الأمر الذي أدى لتعديل النسبة النهائية.
وهذه هي النتائج المتعلقة بالانطباع العام عن أميركا من دون الدخول في التفاصيل، أما عند تحديد قضايا معينة تتعلق بسياسات الإدارة الأميركية سواء في ما يتعلق بالحريات أو استعمال الطائرات من دون طيار، فإن النتائج كانت أكثر سوءاً. ولكن عند توجيه السؤال للمستطلعة آراؤهم عن الرئيس الأميركي باراك أوباما، فإن رصيده الشخصي الإيجابي يرتفع قليلاً عن رصيد بلاده أو إدارته في معظم نتائج الاستطلاع.
بالنسبة للمصريين الذين ينظرون إلى أوباما إيجابياً، فقد وصلت النسبة إلى 19 في المئة عام 2014. وعلى الرغم من أن هذه النسبة تكاد تصل إلى ضعف النسبة التي حصلت عليها أميركا بين المصريين، إلا أنها تظل أقل من نصف النسبة التي حصل عليها أوباما ذاته بين المصريين في عام 2009، وهي 42 في المئة. ويتجاوز الرقم الأخير نسبة شعبية أوباما المنهارة حالياً داخل الولايات المتحدة ذاتها.
وبالنسبة لأعداد العيّنات التي استطلعت آراء أصحابها في البلدان التي تسمح بالاستطلاعات، لم تقلّ بأي حال من الأحوال عن ألف فرد يمثلون مختلف الأعمار والأطياف.