طلبت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، من أعصاء حكومتها، الإبقاء على أجنداتهم مفتوحة، هذا الأسبوع، لاحتمال استدعائهم بشكل عاجل للمصادقة على خطة حدود أيرلندا الشمالية، لختم مفاوضات "بريكست"، والدعوة إلى قمة أوروبية لمناقشة الصفقة النهائية لخروج بلادها من الاتحاد.
غير أنّ حماس ماي، قابلته دعوات، لا سيما من المعارضين، للاطلاع على كافة تفاصيل الخطة، وسط خشية من اضطرار رئيسة الوزراء البريطانية، على الموافقة على اتفاق لا يتضمن نقاط تفتيش بين أيرلندا الشمالية البريطانية، وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.
وتعثرت مفاوضات "بريكست" بسبب الاختلاف حول كيفية تفادي وضع نقاط تفتيش على الحدود الأيرلندية، مع مغادرة بريطانيا الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، والسوق الأوروبية المشتركة، لدى مغادرتها للاتحاد في 29 مارس/آذار 2019.
واتفق الطرفان على "شبكة أمان" أو اتفاق ضمانات (باكستوب) لتجنب نقاط التفتيش إلى حين التوصل إلى اتفاق تجاري أشمل يحل الأزمة. ويوّد الاتحاد الأوروبي أن تستمر أيرلندا الشمالية في تطبيق قواعده التجارية، لكن لندن تضغط في المقابل أن تبقى كل بريطانيا مؤقتاً خاضعة للقواعد الأوروبية.
وكانت ماي قد اجتمعت بحكومتها، الثلاثاء، لتطلعها على خلاصة استشارة قانونية أعدّها المدعي العام جيفري كوكس بطلب منها، تبحث في الخيارات المتاحة أمام بريطانيا حيال خطة المساندة الخاصة بالحدود، والتي تعد العائق الأخير أمام إتمام المفاوضات مع أوروبا.
وشملت الاستشارة تحذيراً للوزراء من المطالبة بانسحاب أحادي الجانب من الخطة، وهو الخيار الذي يعارضه الاتحاد الأوروبي، لأنّه يؤدي إلى "بريكست" من دون اتفاق.
وبينما أصدر مكتب رئاسة الوزراء البريطانية، بياناً تلا الاجتماع الوزاري يعبّر فيه عن ثقة ماي بقرب موعد الاتفاق على صفقة "بريكست"، طالب عدد من الوزراء من مؤيدي "بريكست" مشدد، مثل وزير البيئة مايكل غوف، بالاطلاع على كامل نص الاستشارة القانونية بدلاً من الاكتفاء بتفسيرات المدعي العام.
وبدوره، حزب "الاتحاد الديمقراطي الأيرلندي" الذي يدعم ماي في البرلمان، طالب بنشر كامل نص الاستشارة القانونية وإتاحتها للجمهور، في إشارة إلى عدم الثقة بإدارة ماي للمفاوضات.
وغرّد جيفري دونالدسون، عضو الحزب في البرلمان البريطاني، على "تويتر"، قائلاً إنّه يعتقد أنّ المملكة المتحدة متجهة نحو "بريكست" من دون اتفاق؛ بسبب مطالب الاتحاد الأوروبي وجمهورية أيرلندا. ويُعرف حزب الاتحاد الديمقراطي بولائه للندن، وعدائه تجاه دبلن.
— Jeffrey Donaldson MP (@J_Donaldson_MP) November 6, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Jeffrey Donaldson MP (@J_Donaldson_MP) November 6, 2018
|
وعاد دونالدسون ليشدد، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، اليوم الأربعاء، على استعداد حزبه للتصويت ضد خطة ماي، إذا ما رأى أنّها ضد مصحلة المملكة المتحدة، حتى وإن أدى ذلك للتوجه إلى انتخابات عامة.
ويدعم حزب "الاتحاد الديمقراطي الأيرلندي" حكومة ماي أمام البرلمان البريطاني، ومن دون أصوات نوابه العشرة تفتقر ماي للأغلبية البرلمانية.
"حزب العمال"
كما انضم إلى الأصوات المطالبة بنشر نص الاستشارة القانونية بشأن خطة ماي أيضاً، حزب "العمال"، إذ أكد وزير "بريكست" في حكومة الظل العمالية كير ستارمر الذي يزور بروكسل، اليوم الأربعاء، لعقد مباحثات مع المسؤولين الأوروبيين، استعداد حزبه للتصويت ضد خطة ماي لأنّه يراها غير مناسبة لبريطانيا.
وقال، في تصريحات، لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إنّه "ليس من واجب المعارضة دعم رئيسة الوزراء كيفما كان. لا يمكن افتراض أننا، وتحت التهديد، سندعم رئيسة الوزراء مهما كانت الصفقة التي ستجلبها، سواء كانت سيئة أم جيدة، من دون تفاصيل. هذا ليس بمعارضة، بل استسلام".
— BBC Radio 4 Today (@BBCr4today) November 7, 2018" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post — BBC Radio 4 Today (@BBCr4today) November 7, 2018
|
وحذر ستارمر من عواقب "بريكست أعمى"، ورفض أن يعني التصويت ضد خطة ماي التوجّه إلى "بريكست" من دون اتفاق، قائلاً إنّ "التشريع الذي أقرّه البرلمان يفرض على رئيسة الوزراء أن تأتي إلى البرلمان وتعلن عما تنوي فعله إذا لم تمر الصفقة".
وتابع "إذا أعلنت أغلبية البرلمان، وأنا أعتقد أنّها أغلبية ساحقة، رفضها للخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، فلا تمتلك رئيسة الوزراء الإذن ولا تستطيع الانسحاب من دون صفقة"، مؤكدةً أنّه، في حال فشل المفاوضات، يجب على ماي الدعوة إلى انتخابات عامة.
ومن جهتها، سارعت زعيمة "الحزب القومي الاسكتلندي" نيكولا ستورجون، بالموافقة على تصريحات ستارمر مؤكدة على أنّ الخيار أمام بريطانيا لا يجب أن يكون "صفقة سيئة أو لا صفقة".
وكان ستارمر، ووزير المالية في حكومة الظل العمالية جون ماكدونيل، قد عقدا اجتماعات منفردة مع نواب حزب "العمال"، لمناقشة حسنات وسيئات الخطة الحكومية المرتقبة، بهدف تحديد أطر استراتيجية الحزب، عندما يحين وقت التصويت البرلماني عليها.
ويسعى حزب "العمال" إلى تحويل النقاش بعيداً عن خطة المساندة والحدود الأيرلندية إلى العلاقة التجارية المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، بهدف كسب دعم النواب في ويستمنستر.
وجاء أيضاً استطلاع للرأي بين أعضاء حركة "مومينتوم" العمالية، ليدعم اتجاه قيادة الحزب للتصويت ضد خطة ماي، إذ كشف الاستطلاع أنّ الأغلبية الساحقة بنسبة 92%، من المستطلعة آراؤهم وعددهم 6500 شخص، يؤديون التصويت ضد خطة ماي في البرلمان، بينما عبّر العديد منهم عن أملهم في أن يؤدي ذلك إلى وضع حزب "العمال" ثقله خلف استفتاء ثان على "بريكست".