يُنتظر أن تجتمع الحكومة المغربية والاتحادات العمالية، يوم الثلاثاء المقبل، من أجل مواصلة الحوار حول تحسين إيرادات الموظفين والعمال، حيث يرتقب أن يكون ذلك موضوع خلافات، في ظل تحفظ الحكومة ورجال الأعمال على الاستجابة لمطالب العمال والموظفين.
وعقدت الجلسة الأولى للجنة التي ستتولى بحث إمكانيات تحسين دخل الموظفين والعمال، أخيراً، حيث قدمت الاتحادات العمالية الأكثر حضورا في المغرب مطالبها، غير أن الحكومة ردت بأن مجمل تلك المطالب، إذا ما أخذت كما قدمت، ستكلف حوالي 3.5 مليارات دولار للقطاعين العام والخاص.
لا تقتصر مطالب الاتحاد العمالية على الزيادة في الأجور أو تحسين الدخل بتقديم بعض التخفيضات الجبائية، بل تشمل كذلك، التعويضات العائلية التي تقدمها مؤسسات الاحتياط الاجتماعي للموظفين والعمال، والتعويضات عن تعيين الموظفين في مناطق نائية.
لم تقدم الحكومة جوابا شافيا للاتحادات العمالية حول مطالبها في أول لقاء بينهما، بل اكتفت بتقدير كلفتها، حيث ينتظر أن يكون ذلك موضوع مفاوضات، اعتبارا من يوم الثلاثاء المقبل، حين تجتمع لجنة تحسين الدخل.
وتضم لجنة تحسين الدخل ممثلاً عن رئيس الحكومة، ووزارة الاقتصاد والمالية والشغل والوظيفة العمومية، بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحادات العمالية ورجال الأعمال.
ويرتقب أن تكون المفاوضات شاقة، خاصة في ظل سعي الحكومة إلى التحكم في كتلة الأجور، كما يوصي بذلك صندوق النقد الدولي، من أجل محاصرة عجز الميزانية، وتحفظ رجال الأعمال الذين يقولون إنهم لا يستطيعون تحمّل تكاليف تضر بالعملية التنافسية، فيما تعتبر الاتحادات العمالية، أنه لا تراجع عن تحسين الدخل والزيادة في الأجور.
يبدو الجهاز التنفيذي ورجال الأعمال، مجبرين على تضمين مسألة الأجور في جدول أعمال الحوار الاجتماعي في جولته الحالية، حيث تم ذلك بإلحاح من الاتحادات العمالية التي أبدت قيادتها تفاؤلها بإمكانية تحسين الدخل أو الزيادة في الأجور.
وتتخوف اتحادات عمالية من أن تحاول الحكومة الالتفاف على مطالبها بزيادة في الأجور، حيث ترى أن الفريق الحكومي الحالي، يسعى إلى إعادة طرح مقترحات رفضتها الاتحادات العمالية في عهد الحكومة السابقة، برئاسة عبد الإله بنكيران.
ويشير القيادي في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، علال بلعربي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن تحسين الدخل مطلب تلحّ عليه الاتحادات العمالية، غير أن الحكومة تقترح الزيادة في التعويضات العائلية التي توفرها مؤسسات الاحتياط الاجتماعي.
وتشير مصادر لـ"العربي الجديد" إلى أن الحكومة اقترحت الزيادة في التعويضات العائلية لفائدة الأبناء الثلاثة بـ10 دولارات، ورفع منحة الولادة من 50 إلى 100 دولار، بالإضافة إلى إحداث رتبة جديدة في سلم الوظيفة العمومية، وهو ما اعتبرته اتحادات عرضا غير جاد، على اعتبار أنه لا يتناول الزيادة في الأجور وتحسين الدخل عبر الضريبة على الدخل.
وشدّدت اتحادات مشاركة في الحوار على تطلعها للزيادة في الأجور وتحسين الدخل عبر الضريبة مثلا، حيث دعت الحكومة إلى تقديم سيناريوهات لكيفية التجاوب مع مطالبها، على اعتبار أنه لا يمكن الوصول إلى اتفاق مع الحكومة ورجال الأعمال من دون تناول الأجور والدخل.
ويعتقد رئيس الاتحاد الوطني للموظفين، عبدالرحيم الهندوف، أن الحصول على تحسين الدخل أو الزيادة في الأجور في المغرب، جاء دائما في ظروف سياسية ضاغطة، حيث تضطر الحكومات إلى البحث عن التوافق مع الاتحادات العمالية من أجل تحقيق السلم الاجتماعي.
ويعتبر خبير المالية العمومية، محمد الرهج، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن أجور الموظفين جُمدت لمدة 7 أعوام، بعدما كانت الحكومة في سياق الربيع العربي توفر زيادة في الأجور تقدر بنحو 60 دولارا للموظفين سنوياً، مشددا على أن الأجور لم تواكب ارتفاع أسعار الكثير من السلع والخدمات في الأعوام الأخيرة.
وكان رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، عبّر في المجلس الحكومي قبل أسبوع، عن تطلعه للوصول إلى اتفاق مع النقابات ورجال الأعمال يغطي الثلاثة أعوام المقبلة، وذلك قبل أول مايو المقبل.
ويعمل في الوظائف الحكومية حوالي 570 ألف موظف، بينما يشتغل في القطاع الخاص أكثر من 3 ملايين شخص، إذا ما أخذ بعين الاعتبار عدد المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فقط.
غير أن الأجور ليست الهاجس الوحيد الذي يشغل الاتحادات العمالية في الحوار الاجتماعي، حيث تسعى إلى التزم الحكومة بالحريات النقابية، وإقناعها بتجميد مناقشة مشروع قانون الإضراب في البرلمان.