ويشنّ مراقبون انتقادات حادة على أحزاب المعارضة والحكومة على حد سواء، بسبب الانغماس في نقاشات جانبية تتعلق بمدى اعتبار الحكومات في المغرب "تابعة" للملك محمد السادس، أو أنها تطبق برامجها السياسية باستقلالية، عوض التطرق إلى القضايا الحقيقية التي تهم المواطنين.
ويصف ناشطون الخطاب السياسي الرائج في الفترة الحالية في البلاد بأنه "مُتدن ويفتقد إلى الفعالية والنفس الإيجابي بسبب كثرة الهجوم الشخصي على هذا الطرف أو ذاك"، مبدين خشيتهم من أن يفضي هذا الوضع إلى حالة من العزوف لدى الشباب المغربي عن السياسة.
وينتقد القيادي في حزب "الاستقلال" المعارض، عبد الواحد الفاسي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، ما وصفه بـ"غرق الخطاب السياسي في المغرب في الشخصنة، والتركيز على عيوب الشخص أو الحزب الخصم، بدل التعاطي مع حل مشاكل المغاربة وآمالهم في الإصلاح".
ويقول الفاسي إن "مظاهر انحدار الخطاب لدى عدد من الفاعلين السياسيين في المغرب تتمثل في انتشار مصطلحات وأوصاف لم يسبق استخدامها داخل المشهد السياسي في البلاد، والذي بات يُختزل في نعوت مشينة يُقصد بها إقصاء الطرف الآخر وتهميشه، والحط من مكانته".
ويحذر القيادي الحزبي من أن يؤدي تفشي الخطاب السياسي، الذي يعتمد على الشتيمة والتنقيص من الآخر، إلى هدم البناء السياسي الذي اجتهدت البلاد في تشييده منذ سنوات خلت، ولضرب المكتسبات السياسية العديدة.
ويلفت الفاسي إلى أنه من شأن هذا الخطاب أن يفضي إلى عزوف فئة الشباب خصوصاً عن المشاركة في العملية السياسة، باعتبار أنها تشاهد أمامها نماذج سياسية بلغت شأواً كبيراً، تتعامل باستهتار مع الأخلاق التي من المفترض أن يتحلى بها السياسيون.
من جهته، يؤكد القيادي في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، إدريس بوانو، أن "المشكلة لا توجد في العمل الحكومي، بل في تلوث الخطاب السياسي، ولا سيما لدى بعض أحزاب المعارضة التي تعتمد على استهداف التجربة الحكومية ليس بالنقد بل بالقذف"، على حد وصفه.
ويرى بوانو أن مشكلة الخطاب السياسي المتدني بدأت منذ أن خرج حزب "الاستقلال" من النسخة الأولى من الحكومة ليتحول إلى حزب معارض، إذ شرع زعيمه في كيْل العديد من التهم المسيئة لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ومن أغربها علاقته بتنظيم "الدولة الإسلامية"، وجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد".
وكان حزب "الاستقلال"، الذي يعد أقدم وأكبر الأحزاب السياسية في المغرب، قد شارك في النسخة الأولى من الحكومة الحالية التي تشكلت بعد الانتخابات التشريعية في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، قبل أن يعلن انسحابه منها في مايو/أيار من العام الماضي.
ويلفت بوانو إلى أن الخطاب السياسي الحالي للمعارضة لا يقترح البدائل لسياسات الحكومة، بل يكتفي بالنقد الذي يهدم أكثر مما يبني، مضيفاً أن هذه الوضعية تضر بالمعارضة أكثر من الحكومة.
ويؤكد مراقبون أن الخطاب السياسي المتداول في المغرب ليس سوى مرآة مصغرة لما آل إليه مستوى الفاعلين السياسيين، ولا سيما أنه أضحى متسماً بالميوعة والشعبوية، بينما يعتبر آخرون أن الخطاب السياسي تغير إيجابياً بأنْ صار أكثر التصاقاً بواقع المواطن المغربي.