لم تتمكن أجهزة الرقابة بالمغرب من محاصرة الممارسات الضارة بصحة المغاربة من قبل منتجي السلع الغذائية الرئيسية ومحوليها من المصنعين والمراكز التجارية، ما يدفع العديد من المؤسسات الرسمية وجمعيات حماية المستهلك إلى دق ناقوس الخطر، فهاجس رفع الإنتاج لم يواكبه تجنيب المستهلكين المخاطر المرتبطة بعدم احترام المعايير وجشع الموردين.
ودأب المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري، على نشر تقارير حول السلع الفاسدة التي يتم إتلافها، سواء في السوق المحلية أو عند الاستيراد، غير أنه يتجلى أن ضعف المراقبة يساهم في شيوع الممارسات التي تشجع على مخالفة الموردين والتجار للقانون أو استغلال ثغراته.
ويؤكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، لـ"العربي الجديد" أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية يعاني من عدم رفده بما يكفي من الموظفين والمهندسين والأطباء البيطريين من أجل إنجاز مهمته، ومن جهة أخرى يعاني من تبعيته لوزارة الفلاحة والصيد البحري، ما يفرض فصله عنها حتى يعبر عن آرائه بكل حرية.
ويتصور الخراطي أن ذلك ينعكس سلبا على حماية المستهلك، الذي يجد نفسه عرضة لممارسات من موردين تهدد صحته، خاصة في ظل عدم توضيح الجهات التي يمكن التظلم لديها، في غياب وزارة تعنى بشؤون المستهلك.
وتحرص السلطات الرقابية على خلو السلع الغذائية المصدرة من المبيدات، بينما لا تبدي ذات الحرص عندما يتعلق بمنتجات تطرح في السوق المحلية، حيث يتجلى غياب مراقبة استخدام استعمال المبيدات، وعدم احترام المنتجين لمقتضى يفرض الالتزام بسجلات حول تدبير المنتجات الأولية.
وأكد تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، حول خطة الصيد البحري، الخميس الماضي، أن أسواق بيع السمك بالجملة تفتقر في الكثير من المناطق لغرف التبريد ومصانع الثلج، كما أن القطاع يعرف انتعاش أسواق سرية ما يهدد صحة المستهلك.
وقد وقف تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، استنادا إلى تحقيق مراقبي المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، على الاختلالات التي تشوب توفير اللحوم الحمراء في المجازر التي تفتقد للشروط الصحية، علما أن جزءا كبيرا من اللحوم المستهلكة يأتي من مجازر غير معتمدة.
ولا تغطي عمليات المراقبة بالمغرب سوى خمس الإنتاج من لحوم الدواجن، حيث تمر عبر القطاع غير المهيكل، ما يرفع حجم المخاطر التي تهدد صحة المستهلكين، علما أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى وجود 15 ألف مجزرة تقليدية خاصة بالدواجن.
وحسب مراقبين، يلاحظ ضعف المراقبة على متاجر بيع الأسماك والمطاعم، حيث يكتفى بالتنبيهات فقط في معظم الأحيان، علما أن رخص عمل تلك المطاعم تمنح من قبل المكاتب الصحية بالجماعات المحلية دون رأي مسبق للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وحتى في حالة اكتشاف مخالفات يكتفي المكتب بتحرير محضر واقتراح الإغلاق.