وبدأ العاهل المغربي جولته، أمس الأربعاء، ويجري محادثات مع رؤساء هذه الدول، كما يشرف على توقيع اتفاقيات ثنائية بينها وبين المغرب، ويُطلق مشاريع تعاون تهمّ التنمية البشرية، وتبادل الخبرات، وتعزيز الشراكة الاقتصادية مع هذه الدول.
ويرى مراقبون أن "تكثيف الدبلوماسية الملكية للمغرب إزاء دول إفريقية، يهدف أساساً إلى ترسيخ علاقات المغرب بالقارة السمراء، ودعم نفوذه في العمق الإفريقي، لأهداف سياسية واقتصادية أساساً، علاوة على تمتين العلاقات في الجنوب، التي يرغب المغرب في أن يكون له موطئ قدم بارز فيها.
وكان الملك المغربي قد بدأ برسم معالم الدبلوماسية الملكية إزاء أفريقيا، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بمناسبة "الملتقى التاسع لمنتدى التنمية من أجل أفريقيا"، والتي وجّهها إلى زعماء أفارقة، أبرز من خلالها حاجة أفريقيا بعد مرحلة الاستقلال في ستينيات القرن الماضي، لبناء استقلالها الاقتصادي.
اقرأ أيضاً المغرب: تدنّ مقلق لمستوى الخطاب السياسي
ويقول الباحث المختص في قضايا الساحل والصحراء، عبد الفتاح الفاتحي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "الزيارة الملكية الجديدة إلى دول أفريقية، تندرج في إطار استكمال مرامي زيارات سابقة قادته إلى أفريقيا، أي أنها جزء من خطة مغربية في سياق إستراتيجية شاملة جعلت من أهدافها تقوية مبدأ تعاون مع دول الجنوب".
واعتبر الفاتحي أن "هذه الزيارة محكومة بأجندة سياسية واقتصادية محددة، تواكب تنفيذ مضامين الإستراتيجية المغربية في أفريقيا على مستويات عدة". وأضاف أنها "زيارة ذات توجّه استراتيجي لتعزيز امتداد المغرب الجيوسياسي في العمق الأفريقي، بعدما باتت سالكة، لما حققته الزيارات الملكية السابقة من تهيئة الأجواء، نحو مزيد من تقوية العلاقات المغربية الأفريقية". ويضيف "يسعى الملك إلى تجسيد شراكة نموذجية من خلال الوقوف على مشاريع إنمائية في السنغال، وساحل العاج، والغابون، وغينيا بيساو".
واعتبر أن "زيارة الملك إلى دول أفريقية أكثر من مرة، تمثل ضرورة إستراتيجية للمغرب، من أجل إفشال مسعى الجزائر بعزله أفريقياً، والضغط عليه سياسياً، باحتواء موقف منظمة الاتحاد الأفريقي المؤيد لاستقلال الصحراء الغربية عن المغرب".
ولفت إلى أن "ما يهيئ الظروف لتحقيق كل هذه الأهداف، هو أن المغرب يبقى المؤهل الوحيد الذي يمتلك خطة دينية لمكافحة الخطاب المتشدد والتكفيري في عدد من مناطق أفريقيا جنوب الصحراء، عبر خطاب أساسه الوسطية والاعتدال".
واعتبر الفاتحي أن "المغرب خطا خطوات هامة في تقوية فرص التعاون مع فضائه الأفريقي، لاحتضان عدد من الدول الأفريقية استثمارات مغربية مهمة"، مشيراً إلى ما سماه محاولة المغرب "إفشال بعض المحاولات بعزله عن محيطه الأفريقي اقتصادياً وسياسياً".
وفي سياق متصل، سجل مراقبون النشاط الدبلوماسي الجزائري الكثيف نحو القارة الأفريقية، بدليل أنه في الأشهر الخمسة الأخيرة، استقبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة 11 رئيساً أفريقياً، آخرهم رئيس تنزانيا، جاكايا مريشو كيكويتي، ما يدل على أن الجزائر تعتبر القارة السمراء بمثابة "عمقها الاستراتيجي".
ويأتي هذا الاهتمام السياسي والاقتصادي اللافت لكل من المغرب والجزائر باتجاه الدول الأفريقية، في خضمّ تنافس محتدم يجري بين القوى الدولية الكبرى في العالم، من الولايات المتحدة وفرنسا والصين وغيرها، والتي تعمل على إيجاد منافذ لها داخل القارة السمراء، لما تتوافر عليه من مواد طبيعية هائلة ومستقبل اقتصادي زاهر.
اقرأ أيضاً: حكومة المغرب تقر أول قانون للتأمين الإسلامي