وفيما تعقد "جبهة البوليساريو"، وداعمتها الجزائر، آمالاً كبيرة على مقررات لقمّة الاتحاد الأفريقي في جوهانسبرغ تكون في صالح مطلب انفصال الصحراء عن المغرب، فإن الأخير يبدو غير مكترث بنتائج القمة، والتي لا يحضرها بسبب انسحابه من المنظمة منذ سنوات عديدة.
في المقابل، فإن المغرب الذي يبدي تمسكه بحل نزاع الصحراء عبر مخطط الحكم الذاتي الموسع، أكد أكثر من مرة على أن منظمة الاتحاد الأفريقي فقدت مصداقيتها، في ما يتعلق بقضية الصحراء، لأنها احتضنت "كياناً وهمياً"، بحسب تعبير المتحدث الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي.
ويتنازع ملف الصحراء كل من منظمة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، إذ سبق للمتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، أن أكد قبل أسابيع قليلة أن مجلس الأمن يعتبر الهيئة المخول لها النظر في ملف الصحراء، ليهمل بذلك تقارير موفد الاتحاد الأفريقي للصحراء، جواشيم شيسانو، حول نزاع الصحراء.
وكانت وزارة الخارجية المغربية قد وجهت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في شهر أبريل/نيسان الماضي، أخبرته فيها أن المغرب يرفض أي تدخل كيفما كان شكله لمنظمة الاتحاد الأفريقي، في تسوية ملف الصحراء، والذي تقوده وتشرف عليه الأمم المتحدة.
اقرأ أيضاً مجلس الأمن يُرضي المغرب ويُغضب البوليساريو: أسئلة الحياد
ويعتبر المغرب من الدول المؤسسة لمنظمة الاتحاد الأفريقي التي تأسست عقب أول قمة أفريقية انعقدت في أديس أباب عام 1963 بحضور 30 دولة أفريقية مستقلة، غير أنه انسحب منها عام 1984، بسبب قبول المنظمة لعضوية "جبهة البوليساريو"، بدعوى أنها لا تمتلك مقومات دولة كاملة الأركان.
هذا الموقف الذي اتخذه المغرب منذ 1984 يتجدد النقاش حول جدواه، بالنظر إلى النشاط الدبلوماسي الكثيف للمغرب في التعاطي مع العديد من الدول الأفريقية، كما يتم التساؤل عن مدى تأثير ما يسمى "الكرسي الفارغ" للمغرب داخل المنظمة الأفريقية على مصالح المملكة، خصوصاً في ما يرتبط بملف الصحراء.
ويقول الأستاذ في جامعة مراكش، محمد نشطاوي، لـ"العربي الجديد" إن "سياسة الكرسي الفارغ التي ينتهجها المغرب في ملف وحدته الترابية، لن تدعم مغربية الصحراء بقدر ما تعتبر فرصة ناجعة لتقوية حظوظ الدعاية التي ينتهجها كل من البوليساريو والجزائر، لكسب تأييد بعض الأطراف التي تجهل حقيقة الملف وأبعاده".
وشدّد نشطاوي على أنّه "لا بد من القطع مع سياسة الكرسي الفارغ، واعتماد مقاربة جديدة استباقية تعتمد مزاحمة خصوم المملكة في قضية الصحراء، أينما حلوا وارتحلوا في كل المحافل والمنتديات الدولية"، وفق تعبيره.
ولفت المحلل السياسي إلى أنّ "قضية الاستفتاء في الصحراء تُطرح للنقاش في القمة الأفريقية، ما يجعل جبهة البوليساريو تعوّل على دعم جنوب أفريقيا لها، كي تخرج من عزلتها الدولية بعد توالي إخفاقاتها دولياً".
وبيّن أيضاً أنّ قمة الاتحاد الأفريقي في جوهانسبرغ تطغى عليها أزمة بوروندي، بسبب قرار الرئيس بيار نكورونزيزا، المنتهية ولايته، الترشح لولاية ثالثة، ويعتبره خصومه غير دستوري، إضافة إلى قضية الهجرة في ظل كلفتها الإنسانية الباهظة، وتداعيات الحرب التي تخوضها الحركات الإسلامية في عدد من بلدان القارة السوداء، خصوصاً في نيجيريا والصومال ومالي.