27 سبتمبر 2018
المفاوضات السورية تبدأ
يوم الجمعة سوف تبدأ المفاوضات السورية، كما أعلن دي ميستورا، على أن تستمر ستة أشهر، قبل الولوغ في المرحلة الانتقالية كما هو مفترض. من كل الاتصالات واللقاءات التي جرت في الأيام السابقة يظهر أن المنظور الذي سيحكم هذه المفاوضات هو ما قرّرته روسيا، حيث عمل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، على تمرير الرأي الروسي لدى المعارضة، ودفعها إلى المشاركة على هذا الأساس. كما أعلن دي ميستورا أنه هو الذي سيحدد الوفد "المعارض"، كما طالبه به قرار مجلس الأمن 2254، وأوضح أن المفاوضات غير مباشرة، وسوف تكون هناك وفود متعددة في مقابل وفد النظام.
وكما بات يتكرّر، فإن الهدف من المفاوضات هو الوصول إلى حكومة وحدة وطنية، وصياغة دستور جديد، وحق بشار الأسد في الترشح في الانتخابات التي تلي صياغة الدستور. وهو التصور الإيراني الروسي الذي يعني، في الواقع، ليس إبقاء النظام وإزاحة بشار الأسد، بل إبقاء النظام وبشار الأسد.
يلاحظ، أولاً، أن المدة الزمنية للتفاوض طويلة بما يكفي لكي يعتقد الروس والإيرانيون أنهم قادرون على سحق الثورة. وبهذا يكون الحل المطروح "طبيعياً"، لأنه يعني إدخال بعض الأشخاص في بنية السلطة، هم إما قريبون من النظام أصلاً، أو معارضون سابقون، يتملكهم هوس السلطة. لكن السؤال يتمثل في هل إن هذا الحل سوف ينهي الصراع، ويؤسس للاستقرار، و"يوقف الدم" كما يتكرر أولوية؟ فالميل إلى تبرير تحقيق أي حل يقوم على ضرورة "وقف الدم"، والمشكلة، هنا، أن روسيا تريد "وقف الدم" بالدم وزيادة الدم. لكن، هل يؤدي هذا الحل، حتى بموافقة كل المعارضة والدول الإقليمية عليه، إلى "وقف الدم"؟
كل من ينطلق من أن ما يجري هو من فعل المعارضة والدول الإقليمية والدولية (أميركا) يعتقد أن الحل سوف يؤدي إلى ذلك، لأنه يعني توافق القوى "المحرِّكة" على الحل. لكن في ذلك مشكلة فهم، ومعرفة، لأن الأساس في الصراع هو الشعب، والذين حملوا السلاح منه، والقوى الشعبية التي تريد تغيير النظام. وبهذا، وعلى الرغم من الصعوبة التي يعانيها الشعب، والعنف الموجه ضده، والتشريد والجوع والتدمير، فإن كل حلٍّ لا يحظى بموافقة هؤلاء لن يكون ممكن النجاح. وبالتأكيد، لا يعني هذا الحل التغيير الجذري، بل إنه يشابه الحلول في الدول الأخرى التي شهدت ثوراتٍ، وخصوصاً هنا في سورية، بعد أن ارتكبت السلطة كل الفظاعات التي شهدناها. بمعنى أنه من دون ترحيل بشار الأسد ومجموعته (آل مخلوف والأسد، وكبار مسؤولي الأجهزة الأمنية ومسؤولي الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري) لن يستقر الوضع، حتى وإنْ استطاعت روسيا "استعادة" الأراضي التي خرجت عن سيطرة السلطة. على الرغم من أن هذا الأمر الأخير ليس سهلاً، وربما ليس ممكناً، مع الوحشية الروسية التي تقوم على سياسة الأرض المحروقة.
أراد الشعب الإصلاح، لكن وحشية السلطة فرضت عليه أن يريد التغيير، وهذه الوحشية دفعت إلى التحوّل إلى الصراع المسلح. وفي كل هذه المراحل، كانت وحشية النظام تتزايد، تدعمت بعد أن فشلت في سحق الثورة بوحشية إيرانية، عبر قواتها وقوات حزب الله والمليشيا الطائفية العراقية والأفغانية والباكستانية، ثم الآن بالوحشية الروسية. فهل بعد ذلك كله سوف يجري القبول ببقاء النظام؟
يفترض الحل الروسي سحق الثورة، هذا ما يظهر واضحاً في صيغته المطروحة التي تقوم على استمرار الأسد ومجموعته، وروسيا تعتبر المفاوضات الغطاء لتحقيق سحق الثورة، وهذا ما لا يبدو ممكناً، سوى أنه يطيل الصراع، ويزيد القتل والتدمير والتهجير، وهذه جريمة ضد الإنسانية، ترتكبها روسيا.
بالتالي، ربما يتحقق الحل بعد استنزاف روسيا وإنهاك قواها، كما جرى مع إيران وحزب الله، وهذا ممكن بالتأكيد. ولهذا، إذا كانت الأشهر المقبلة هي التي سيحاول الروس حسم الصراع عسكرياً فيها، فهي كذلك مرحلة إنهاك الروس، ووضعهم في مأزقٍ يفرض عليهم خسارة سورية، وليس فقط فرض حلٍّ يحقق مصالح إمبريالية لها.
وكما بات يتكرّر، فإن الهدف من المفاوضات هو الوصول إلى حكومة وحدة وطنية، وصياغة دستور جديد، وحق بشار الأسد في الترشح في الانتخابات التي تلي صياغة الدستور. وهو التصور الإيراني الروسي الذي يعني، في الواقع، ليس إبقاء النظام وإزاحة بشار الأسد، بل إبقاء النظام وبشار الأسد.
يلاحظ، أولاً، أن المدة الزمنية للتفاوض طويلة بما يكفي لكي يعتقد الروس والإيرانيون أنهم قادرون على سحق الثورة. وبهذا يكون الحل المطروح "طبيعياً"، لأنه يعني إدخال بعض الأشخاص في بنية السلطة، هم إما قريبون من النظام أصلاً، أو معارضون سابقون، يتملكهم هوس السلطة. لكن السؤال يتمثل في هل إن هذا الحل سوف ينهي الصراع، ويؤسس للاستقرار، و"يوقف الدم" كما يتكرر أولوية؟ فالميل إلى تبرير تحقيق أي حل يقوم على ضرورة "وقف الدم"، والمشكلة، هنا، أن روسيا تريد "وقف الدم" بالدم وزيادة الدم. لكن، هل يؤدي هذا الحل، حتى بموافقة كل المعارضة والدول الإقليمية عليه، إلى "وقف الدم"؟
كل من ينطلق من أن ما يجري هو من فعل المعارضة والدول الإقليمية والدولية (أميركا) يعتقد أن الحل سوف يؤدي إلى ذلك، لأنه يعني توافق القوى "المحرِّكة" على الحل. لكن في ذلك مشكلة فهم، ومعرفة، لأن الأساس في الصراع هو الشعب، والذين حملوا السلاح منه، والقوى الشعبية التي تريد تغيير النظام. وبهذا، وعلى الرغم من الصعوبة التي يعانيها الشعب، والعنف الموجه ضده، والتشريد والجوع والتدمير، فإن كل حلٍّ لا يحظى بموافقة هؤلاء لن يكون ممكن النجاح. وبالتأكيد، لا يعني هذا الحل التغيير الجذري، بل إنه يشابه الحلول في الدول الأخرى التي شهدت ثوراتٍ، وخصوصاً هنا في سورية، بعد أن ارتكبت السلطة كل الفظاعات التي شهدناها. بمعنى أنه من دون ترحيل بشار الأسد ومجموعته (آل مخلوف والأسد، وكبار مسؤولي الأجهزة الأمنية ومسؤولي الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري) لن يستقر الوضع، حتى وإنْ استطاعت روسيا "استعادة" الأراضي التي خرجت عن سيطرة السلطة. على الرغم من أن هذا الأمر الأخير ليس سهلاً، وربما ليس ممكناً، مع الوحشية الروسية التي تقوم على سياسة الأرض المحروقة.
أراد الشعب الإصلاح، لكن وحشية السلطة فرضت عليه أن يريد التغيير، وهذه الوحشية دفعت إلى التحوّل إلى الصراع المسلح. وفي كل هذه المراحل، كانت وحشية النظام تتزايد، تدعمت بعد أن فشلت في سحق الثورة بوحشية إيرانية، عبر قواتها وقوات حزب الله والمليشيا الطائفية العراقية والأفغانية والباكستانية، ثم الآن بالوحشية الروسية. فهل بعد ذلك كله سوف يجري القبول ببقاء النظام؟
يفترض الحل الروسي سحق الثورة، هذا ما يظهر واضحاً في صيغته المطروحة التي تقوم على استمرار الأسد ومجموعته، وروسيا تعتبر المفاوضات الغطاء لتحقيق سحق الثورة، وهذا ما لا يبدو ممكناً، سوى أنه يطيل الصراع، ويزيد القتل والتدمير والتهجير، وهذه جريمة ضد الإنسانية، ترتكبها روسيا.
بالتالي، ربما يتحقق الحل بعد استنزاف روسيا وإنهاك قواها، كما جرى مع إيران وحزب الله، وهذا ممكن بالتأكيد. ولهذا، إذا كانت الأشهر المقبلة هي التي سيحاول الروس حسم الصراع عسكرياً فيها، فهي كذلك مرحلة إنهاك الروس، ووضعهم في مأزقٍ يفرض عليهم خسارة سورية، وليس فقط فرض حلٍّ يحقق مصالح إمبريالية لها.