27 سبتمبر 2018
الموصل تتحرّر مدمّرة
يخسر تنظيم داعش "عاصمته" الموصل، ويُحاصر في "عاصمته" الثانية الرّقة، وينكفئ عن مساحاتٍ واسعةٍ من الأرض التي سيطر عليها من دون قتال، أو بقتال كتائب من الجيش الحر في سورية. وهو يتهدّد في باقي المدن التي ما زال يحتلها، تلعفر والحويجة وعانة والقائم، وأيضاً دير الزور. وكما يقال، فقد كثيراً من قوته ومصادر دخله، ومن القادمين إليه.
جرى تصوير التنظيم بشكل يُظهر أنه قوة خارقة، تحتاج إلى مجهود دولي يساوي خوض حرب عالمية، ويفرض الحاجة العراقية لاستدعاء الجيش الأميركي (حطّ في العراق قبل طلب الحكومة)، وإلى جهد "تحالف دولي" من 62 دولة، وإلى جهد روسي إيراني في سورية. لهذا، امتلأت المنطقة الممتدة من شرق العراق إلى غرب سورية بالقوات الدولية، وجرى حشد قوات هائلة لمواجهة الخطر الكبير الذي تمثله "الدولة الإسلامية" التي باتت "أمراً واقعاً"، وفكّكت الحدود، وغدت قدراً لا بد منه، كما تسرّب في خطابات زعماء ومسؤولين كثيرين، ومن النخب.
يتهاوى كل هذا الجبروت الآن ببساطة، وكأن كل ذلك الكلام لم يكن. تلاشى كل السلاح "الخطير" الذي تملكه، وانتهت "عبقرية" قادته الحربية. وبعد فترة وجيرة، سيكون من الماضي في هذه المنطقة من العالم. وخلال حرب الثلاث سنوات، تسربت معلوماتٌ كثيرة عمن يدعم "داعش"، من نوري المالكي وإيران إلى النظام السوري، إلى أميركا التي كانت تدعمه عسكرياً حين يضعف، وتتدخل حين تفرض شروطها على الطرف العراقي، لتهزم التنظيم، بعد أن يكون قد أرهق الجيش العراقي. أميركا التي أعادت موضعة جزء من جيشها في العراق، كما كان مخططاً منذ احتلاله (بعد أن كان باراك أوباما قد تسرّع في سحب قواته). كما أعادت تأهيل الجيش العراقي تحت سيطرتها، في سياق عودتها للتحكم بالنظام في بغداد.
كتبت كثيراً عن "لعبة داعش"، وما سيظهر واضحاً بعد تلاشي التنظيم أن هذه اللعبة قادت إلى تدمير شامل لمدن تاريخية ولمناطق واسعة في العراق، وفي سورية (كان دور النظام وروسيا الوجه الآخر لذلك)، وكأن زلزالاً هائلاً ضربها، لنجد أن المنطقة عادت إلى "العصر الحجري"، كما هدَّد مرة جيمس بيكر في لقاء له مع طارق عزيز، سنة 1990، بعد سيطرة العراق على الكويت. تشهد الحروب التدمير، لكنها الحروب الكبيرة بين جيوش، وليس مع مجموعاتٍ بالكاد تعرف الحرب، فمن يتابع الصور من الأنبار أو الفلوجة أو تكريت، ومن الموصل، كذلك من حلب ومدنٍ سورية كثيرة، يلمس أن مدناً انمحت، وبنية تحتية انتهت، وأينما نظرت تجد الدمار.
هل هذا مصادفة، أو نتيجة "طبيعة الحرب"؟ لا، لقد جرى تصميم الحرب في العراق لتدميره، هذا ما قام به الاحتلال الأميركي، وأكمله (مع حلفاء أغبياء) خلال السنوات الثلاث هذه. وربما سيكون الهدف التالي هو الحرب ضد داعش الشيعة (الحشد الشعبي) لإكمال تدمير العراق، بحيث يعود صحراء قاحلة، إلا من النفط المسيطر عليه أميركياً، وربما مع إقامة مشيخاتٍ فيه، فالشعوب في هذه المنطقة زائدة، يجب أن تفنى، هذا هو منظور الطغم المالية الإمبريالية. ولهذا، تُخترع "تنظيمات إرهابية" (في جوهرها شركات أمنية مغلفة بغلاف أصولي)، من أجل أن تزحف جيوش العالم، لكي تدمرّ وتسيطر وتنهب. لم تكن الحرب ضد "داعش" تحتاج إلى كل هذا التدمير، إلا إذا كانت الحرب هي ضد الشعب والحضارة. الأمر في سورية واضح، حيث خاض كل من النظام وإيران وروسيا الحرب لتدمير الشعب، فحصدنا كل هذا التدمير الوحشي. وفي العراق، كان الهدف هو الشعب والحضارة. لهذا، جرى تدمير معظم المنطقة الغربية من العراق، وتبقى المنطقة الشرقية التي، كما أشرت، ستخضع للآلية نفسها بحجةٍ أخرى.
ربما تريد "الحضارة الجديدة" أن تفني "الحضارة القديمة"، لكي تعتبر أنها بداية التاريخ، أو لكيلا تبقى تحسّ بعقدة النقص. لهذا، يجب أن نعود إلى العصر الحجري. وفي الطريق، يجري النهب المريع والسيطرة على الثروة.
جرى تصوير التنظيم بشكل يُظهر أنه قوة خارقة، تحتاج إلى مجهود دولي يساوي خوض حرب عالمية، ويفرض الحاجة العراقية لاستدعاء الجيش الأميركي (حطّ في العراق قبل طلب الحكومة)، وإلى جهد "تحالف دولي" من 62 دولة، وإلى جهد روسي إيراني في سورية. لهذا، امتلأت المنطقة الممتدة من شرق العراق إلى غرب سورية بالقوات الدولية، وجرى حشد قوات هائلة لمواجهة الخطر الكبير الذي تمثله "الدولة الإسلامية" التي باتت "أمراً واقعاً"، وفكّكت الحدود، وغدت قدراً لا بد منه، كما تسرّب في خطابات زعماء ومسؤولين كثيرين، ومن النخب.
يتهاوى كل هذا الجبروت الآن ببساطة، وكأن كل ذلك الكلام لم يكن. تلاشى كل السلاح "الخطير" الذي تملكه، وانتهت "عبقرية" قادته الحربية. وبعد فترة وجيرة، سيكون من الماضي في هذه المنطقة من العالم. وخلال حرب الثلاث سنوات، تسربت معلوماتٌ كثيرة عمن يدعم "داعش"، من نوري المالكي وإيران إلى النظام السوري، إلى أميركا التي كانت تدعمه عسكرياً حين يضعف، وتتدخل حين تفرض شروطها على الطرف العراقي، لتهزم التنظيم، بعد أن يكون قد أرهق الجيش العراقي. أميركا التي أعادت موضعة جزء من جيشها في العراق، كما كان مخططاً منذ احتلاله (بعد أن كان باراك أوباما قد تسرّع في سحب قواته). كما أعادت تأهيل الجيش العراقي تحت سيطرتها، في سياق عودتها للتحكم بالنظام في بغداد.
كتبت كثيراً عن "لعبة داعش"، وما سيظهر واضحاً بعد تلاشي التنظيم أن هذه اللعبة قادت إلى تدمير شامل لمدن تاريخية ولمناطق واسعة في العراق، وفي سورية (كان دور النظام وروسيا الوجه الآخر لذلك)، وكأن زلزالاً هائلاً ضربها، لنجد أن المنطقة عادت إلى "العصر الحجري"، كما هدَّد مرة جيمس بيكر في لقاء له مع طارق عزيز، سنة 1990، بعد سيطرة العراق على الكويت. تشهد الحروب التدمير، لكنها الحروب الكبيرة بين جيوش، وليس مع مجموعاتٍ بالكاد تعرف الحرب، فمن يتابع الصور من الأنبار أو الفلوجة أو تكريت، ومن الموصل، كذلك من حلب ومدنٍ سورية كثيرة، يلمس أن مدناً انمحت، وبنية تحتية انتهت، وأينما نظرت تجد الدمار.
هل هذا مصادفة، أو نتيجة "طبيعة الحرب"؟ لا، لقد جرى تصميم الحرب في العراق لتدميره، هذا ما قام به الاحتلال الأميركي، وأكمله (مع حلفاء أغبياء) خلال السنوات الثلاث هذه. وربما سيكون الهدف التالي هو الحرب ضد داعش الشيعة (الحشد الشعبي) لإكمال تدمير العراق، بحيث يعود صحراء قاحلة، إلا من النفط المسيطر عليه أميركياً، وربما مع إقامة مشيخاتٍ فيه، فالشعوب في هذه المنطقة زائدة، يجب أن تفنى، هذا هو منظور الطغم المالية الإمبريالية. ولهذا، تُخترع "تنظيمات إرهابية" (في جوهرها شركات أمنية مغلفة بغلاف أصولي)، من أجل أن تزحف جيوش العالم، لكي تدمرّ وتسيطر وتنهب. لم تكن الحرب ضد "داعش" تحتاج إلى كل هذا التدمير، إلا إذا كانت الحرب هي ضد الشعب والحضارة. الأمر في سورية واضح، حيث خاض كل من النظام وإيران وروسيا الحرب لتدمير الشعب، فحصدنا كل هذا التدمير الوحشي. وفي العراق، كان الهدف هو الشعب والحضارة. لهذا، جرى تدمير معظم المنطقة الغربية من العراق، وتبقى المنطقة الشرقية التي، كما أشرت، ستخضع للآلية نفسها بحجةٍ أخرى.
ربما تريد "الحضارة الجديدة" أن تفني "الحضارة القديمة"، لكي تعتبر أنها بداية التاريخ، أو لكيلا تبقى تحسّ بعقدة النقص. لهذا، يجب أن نعود إلى العصر الحجري. وفي الطريق، يجري النهب المريع والسيطرة على الثروة.