لكل طرف أجندته بطبيعة الحال، والكل يعلم أن تلعفر حلبة صغرى لصراع أكبر في المنطقة. فتركيا تعتبر تلعفر خطاً أحمر، بسبب قربها من الحدود العراقية التركية، ووجود مليشيات كردية، تعاديها تركيا، بالقرب من المنطقة، إضافة إلى وجود أقلية تركمانية مهددة بالإبادة، بحسب المسؤولين الأتراك، في نظام دولي لا يخفي احتفاله بفكرة "حماية الأقليات". رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، يريد أن يُظهر موقفاً صارماً ضد تركيا، في محاولة لتعزيز تماسك معسكره، الأمر الذي يعاكس الواقع. أما مليشيات "الحشد الشعبي"، فلها ألف مبرر للدخول إلى تلعفر، ليس أولها الانتقام من التركمان السنة الذين قيل إنهم متعاطفون مع "داعش"، وليس آخرها ربط سورية بإيران، ومشاركة "الحشد" لحماية حاكم دمشق.
وبالعودة إلى تركيا، فإن هناك محددين رئيسيين للحديث عن مقاربتها الأوضاع في المنطقة، ترتكز على ماذا تريد أنقرة، وماذا تستطيع. يبدو واضحاً هنا أن عقدة تركيا في العراق وسورية تتلخص بالمسألة الكردية بصورة أساسية، وبتنظيم "داعش" بشكل أقل. والأمر يتعلق هنا بوحدة الأراضي التركية، خوفاً من تعزيز صعود الأكراد في العراق وسورية، وضع أكراد تركيا الانفصاليين. وواضح أن تركيا تقارب هذه الأهداف، بصيغة سياسية وعسكرية حذرة، من خلال التحالف مع الأكراد (مسعود البرزاني) ودعم العرب السنّة، والتدخل العسكري المحدود.
في ظل هذه الأوضاع، لا يبدو الحديث عن نيات تركيا وقدرتها على ضم الموصل وحلب أمراً واقعياً. فتركيا، التي انتظرت خمس سنوات، وتفجيرات إرهابية، وتوافقات روسية – تركية، ومحاولة انقلابية فاشلة، ووجود فصائل عربية تقاتل إلى جانبها، لتدخل بضعة كيلومترات في الأراضي السورية، عاجزة عن التصرف بمفردها، وفرض حكم أمر واقع عسكري، في حلب أو الموصل.