تعيش النرويج هذه الأيام أوضاعاً اقتصادية عصيبة "وغير مسبوقة في التاريخ الحديث للبلد"، بحسب وكالة الأنباء الرسمية، إن تي بي، وصحف محلية.
وفي تفاصيل هذه الأوضاع، التي تسبب بها تفشي كورونا، وحرب أسعار النفط المنخفض، واضطرار البلد الثري وغير العضو في الاتحاد الأوروبي إلى سياسة الإغلاق والتباعد الاجتماعي، فقد انضم ما يربو على 412 ألف شخص إلى خانة العاطلين من العمل، بينهم 301 ألف كانوا يعملون عملا ثابتا.
ووفقا لـ"إدارة العمل" في أوسلو، فإن الأرقام تعني زيادة البطالة بنسبة 10.7%، أي ارتفاع البطالة الإجمالية إلى نحو 15% من القوى العاملة، وهو معدل غير مسبوق في تاريخ البلاد الحديث، إذا ما احتسبت اليد العاملة غير المتفرغة، كما أنها نسبة غير مسبوقة في هذا البلد الاسكندنافي.
ونقل التلفزيون النرويجي وصحيفة "في غي" عن مديرة قسم الرفاهية في إدارة العمل النرويجية، سيغرون فوغينغ، أن أكثر من 300 ألف إنسان "انضموا إلى خانة البطالة خلال شهر مارس الماضي، بالإضافة إلى أن وضع السوق ساء بشكل متسارع خلال الأسابيع الماضية". ولم تكن أرقام بداية مارس/آذار تشير إلى أكثر من وجود 100 ألف عاطل من العمل، وأغلبهم بطالة جزئية.
واعتبرت فوغينغ أن تلك الزيادات تعني أن اقتصاد البلد يعاني بشكل كبير "فقد أثر كورونا في سوق الأعمال على مختلف المستويات". وتسجل إدارة العمل النرويجية على موقعها الرسمي أنه مقارنة بشهر فبراير/شباط فإن "هذه الزيادة تعني أن زيادة العاطلين بين العاملين جزئيا ارتفعت إلى 274%" أي من نحو 65 ألف شخص إلى 301 ألف شخص مع نهاية مارس.
اقــرأ أيضاً
وكانت رئيسة الوزراء، ارنا سولبيرغ، اتخذت، كجارتها الدنماركية، قرارا مساء 12 مارس/آذار بإغلاق النرويج حتى 13 إبريل/نسيان لمواجهة تفشي كورونا.
ويعزى هذا التراجع إلى أن أرباب العمل صرفوا موظفيهم دون أجور، ويبدو ذلك بالنسبة لمراقبين اقتصاديين في دول اسكندنافية أمرا مثيرا للانتباه في بلد كان يستورد اليد العاملة من دول الاتحاد الأوروبي.
ويلحظ هؤلاء، كما خبراء الاقتصاد في مؤسسة بيرلنغسكا الإعلامية الدنماركية، أن البطالة النرويجية هذه الأيام هي أعلى بكثير من المستوى الذي ساد في أوج الأزمة المالية العالمية في 2008. فقد كان الاقتصاد النرويجي يتعافى بوتيرة متسارعة عن غيره الأوروبي بفضل ارتفاع أسعار النفط آنذاك (النرويج بلد نفطي ويملك صناديق استثمارية تقاعدية تعد من الأكبر حول العالم)، فيما أدى تهاوي أسعار النفط مؤخرا إلى تضاعف سوء الاقتصاد، أكثر مما أثرت فيه انخفاضات أسعار 2014.
وحسب خبراء الاقتصاد في دول الشمال فإن "الآثار السلبية على الاقتصاد النرويجي ستكون هذه المرة طويلة الأمد".
وانعكس التراجع في السوق النرويجي، وانخفاض أسعار النفط، على سعر الكرونة النرويجية، فبعد أن كانت الأقوى بين الكرونة الاسكندنافية، في السويد والدنمارك، فقدت قيمتها إلى نحو الثلث مقابل بقية العملات، لينحدر إلى أكثر من 40% مقابل الكرونة الدنماركية وفق أسعار صرف 20 مارس.
ووصلت الكرونة النرويجية إلى أدنى مستوى لها منذ 1992، حيث وصل سعرها إلى 57 بنسا دنماركيا يوم 20 مارس، مع وصول سعر برميل نفط بحر الشمال إلى نحو 26 دولارا فقط، وهو أقل سعر نفط مسجل منذ 2003.
وحاولت البنوك النرويجية تدعيم العملة من خلال عمليات شراء واسعة للكرونة، واضطرت حكومة سولبيرغ إلى استخدام نحو 3% من الصندوق السيادي الضخم الذي تملكه النرويج من مداخيل النفط، حيث ضخت نحو 10 مليار كرونه لإعادة التوازن لعملتها.
وكان البنك المركزي النرويجي خفض سعر الفائدة بشكل متوال بمقدار نقطة مئوية واحدة إلى أن وصلت إلى 0.25%، مع توقع خفضها في الإجراء الثالث إلى الصفر، بعد أن كان السعر 1.50% في سبتمبر/أيلول 2019. ويعود التخفيض الحاصل بالفائدة على ملاك البيوت الذين يسددون قروضا عقارية للبنوك بأسعار فائدة قصيرة الآجال، خشية انهيار ذلك السوق أيضا.
واعتبر المحلل الاقتصادي في مجموعة "نورديا"، يواكيم برنهاردسن، في حديثه للقناة الرسمية آن آر كي، NRK، أن تراجع العملة "بمثابة انهيار لم يكن أحد يتوقعه، ويبدو أن الكرونة ذاهبة لتضعف أكثر". ويعتبر انخفاض القوة الشرائية للكرونة النرويجية مكلفاً للمستوردين، ما سيؤدي إلى مزيد من رفع الأسعار على المستهلكين، وبالأصل يعاني النرويجيون من ارتفاع الأسعار، وكانوا يتجهون في السابق إلى موانئ شمالي الدنمارك، وإلى الجارة السويد، لشراء بعض الاحتياجات الأرخص، حين كانت عملتهم قوية.
وحددت حكومة أوسلو خطة طارئة خصصت لأجلها نحو 50 مليار كرونة لإنقاذ الشركات من الإفلاس، وخصوصا تعويض القطاعات التي انخفضت مداخيلها بنسبة تفوق 30%.
وبدأت أصوات حكومية تطالب بإعادة فتح جزئي وتدريجي في النرويج وانتهاج سياسة مالية تحفيزية، بعد عطلة الفصح.
اقــرأ أيضاً
وتعتقد الحكومة النرويجية أن سوء الأوضاع الاقتصادية، وتراجع قطاع النفط بنحو 2% لبقية العام، والتدابير المتخذة لإنقاذ الشركات، سيخل بتوازن الميزانية بأكثر من 139 مليار كرونة، إلى جانب نحو 62 ملياراً على شكل برامج دفع تعويضات لفاقدي أعمالهم (بدلات مياومة) للحد من الآثار السلبية لمزيد من التدهور الاقتصادي، أي أن أوسلو مبدئيا ستتكلف نحو 200 مليار كرونة حتى اللحظة فقط، ما يعني عمليا، وفق تقييم حكومي حذر، أن كل شهر إضافي بنشاط اقتصادي منخفض سيؤدي إلى عجز في خزينة الدولة بمقدار 57 مليار كرونة.
وفي تفاصيل هذه الأوضاع، التي تسبب بها تفشي كورونا، وحرب أسعار النفط المنخفض، واضطرار البلد الثري وغير العضو في الاتحاد الأوروبي إلى سياسة الإغلاق والتباعد الاجتماعي، فقد انضم ما يربو على 412 ألف شخص إلى خانة العاطلين من العمل، بينهم 301 ألف كانوا يعملون عملا ثابتا.
ووفقا لـ"إدارة العمل" في أوسلو، فإن الأرقام تعني زيادة البطالة بنسبة 10.7%، أي ارتفاع البطالة الإجمالية إلى نحو 15% من القوى العاملة، وهو معدل غير مسبوق في تاريخ البلاد الحديث، إذا ما احتسبت اليد العاملة غير المتفرغة، كما أنها نسبة غير مسبوقة في هذا البلد الاسكندنافي.
ونقل التلفزيون النرويجي وصحيفة "في غي" عن مديرة قسم الرفاهية في إدارة العمل النرويجية، سيغرون فوغينغ، أن أكثر من 300 ألف إنسان "انضموا إلى خانة البطالة خلال شهر مارس الماضي، بالإضافة إلى أن وضع السوق ساء بشكل متسارع خلال الأسابيع الماضية". ولم تكن أرقام بداية مارس/آذار تشير إلى أكثر من وجود 100 ألف عاطل من العمل، وأغلبهم بطالة جزئية.
واعتبرت فوغينغ أن تلك الزيادات تعني أن اقتصاد البلد يعاني بشكل كبير "فقد أثر كورونا في سوق الأعمال على مختلف المستويات". وتسجل إدارة العمل النرويجية على موقعها الرسمي أنه مقارنة بشهر فبراير/شباط فإن "هذه الزيادة تعني أن زيادة العاطلين بين العاملين جزئيا ارتفعت إلى 274%" أي من نحو 65 ألف شخص إلى 301 ألف شخص مع نهاية مارس.
ويعزى هذا التراجع إلى أن أرباب العمل صرفوا موظفيهم دون أجور، ويبدو ذلك بالنسبة لمراقبين اقتصاديين في دول اسكندنافية أمرا مثيرا للانتباه في بلد كان يستورد اليد العاملة من دول الاتحاد الأوروبي.
ويلحظ هؤلاء، كما خبراء الاقتصاد في مؤسسة بيرلنغسكا الإعلامية الدنماركية، أن البطالة النرويجية هذه الأيام هي أعلى بكثير من المستوى الذي ساد في أوج الأزمة المالية العالمية في 2008. فقد كان الاقتصاد النرويجي يتعافى بوتيرة متسارعة عن غيره الأوروبي بفضل ارتفاع أسعار النفط آنذاك (النرويج بلد نفطي ويملك صناديق استثمارية تقاعدية تعد من الأكبر حول العالم)، فيما أدى تهاوي أسعار النفط مؤخرا إلى تضاعف سوء الاقتصاد، أكثر مما أثرت فيه انخفاضات أسعار 2014.
وحسب خبراء الاقتصاد في دول الشمال فإن "الآثار السلبية على الاقتصاد النرويجي ستكون هذه المرة طويلة الأمد".
وانعكس التراجع في السوق النرويجي، وانخفاض أسعار النفط، على سعر الكرونة النرويجية، فبعد أن كانت الأقوى بين الكرونة الاسكندنافية، في السويد والدنمارك، فقدت قيمتها إلى نحو الثلث مقابل بقية العملات، لينحدر إلى أكثر من 40% مقابل الكرونة الدنماركية وفق أسعار صرف 20 مارس.
ووصلت الكرونة النرويجية إلى أدنى مستوى لها منذ 1992، حيث وصل سعرها إلى 57 بنسا دنماركيا يوم 20 مارس، مع وصول سعر برميل نفط بحر الشمال إلى نحو 26 دولارا فقط، وهو أقل سعر نفط مسجل منذ 2003.
وحاولت البنوك النرويجية تدعيم العملة من خلال عمليات شراء واسعة للكرونة، واضطرت حكومة سولبيرغ إلى استخدام نحو 3% من الصندوق السيادي الضخم الذي تملكه النرويج من مداخيل النفط، حيث ضخت نحو 10 مليار كرونه لإعادة التوازن لعملتها.
وكان البنك المركزي النرويجي خفض سعر الفائدة بشكل متوال بمقدار نقطة مئوية واحدة إلى أن وصلت إلى 0.25%، مع توقع خفضها في الإجراء الثالث إلى الصفر، بعد أن كان السعر 1.50% في سبتمبر/أيلول 2019. ويعود التخفيض الحاصل بالفائدة على ملاك البيوت الذين يسددون قروضا عقارية للبنوك بأسعار فائدة قصيرة الآجال، خشية انهيار ذلك السوق أيضا.
واعتبر المحلل الاقتصادي في مجموعة "نورديا"، يواكيم برنهاردسن، في حديثه للقناة الرسمية آن آر كي، NRK، أن تراجع العملة "بمثابة انهيار لم يكن أحد يتوقعه، ويبدو أن الكرونة ذاهبة لتضعف أكثر". ويعتبر انخفاض القوة الشرائية للكرونة النرويجية مكلفاً للمستوردين، ما سيؤدي إلى مزيد من رفع الأسعار على المستهلكين، وبالأصل يعاني النرويجيون من ارتفاع الأسعار، وكانوا يتجهون في السابق إلى موانئ شمالي الدنمارك، وإلى الجارة السويد، لشراء بعض الاحتياجات الأرخص، حين كانت عملتهم قوية.
وحددت حكومة أوسلو خطة طارئة خصصت لأجلها نحو 50 مليار كرونة لإنقاذ الشركات من الإفلاس، وخصوصا تعويض القطاعات التي انخفضت مداخيلها بنسبة تفوق 30%.
وبدأت أصوات حكومية تطالب بإعادة فتح جزئي وتدريجي في النرويج وانتهاج سياسة مالية تحفيزية، بعد عطلة الفصح.