يعاني الطلاب داخل المدن الجامعية في مصر من تدني مستوى الخدمات، وتزايد مشكلات التغذية والنظافة وتدهور الرعاية الصحية، إضافة إلى غياب الرقابة على الأموال المخصصة لدعم قطاع المدن الجامعية الذي يشهد فساداً إدارياً من قبل المسؤولين.
"13 ألف طالب داخل المدينة الجامعية في الأزهر يخدمهم مركز طبي واحد ذو مستوى سيء في التشخيص والعلاج، ويفتقد لأقل درجات الجهوزية اللازمة للإسعافات الأولية"، يقول الطالب أحمد عادل لـ"العربي الجديد".
ويشير إلى أن "المدينة الجامعية شهدت السنة الماضية وفاة طالب في كلية الهندسة نتيجة تأخر المركز الطبي عن تقديم الإسعافات اللازمة له، عقب إصابته بحالة مرضية مفاجئة في الصدر، فأودى غياب الرعاية الصحية بحياته".
تتكرر شكاوى الطلاب داخل المدن الجامعية في الأزهر من غياب النظافة الدورية للغرف السكنية، وكذلك الطرقات ودورات المياه، وعدم توافر الأدوات اللازمة للتنظيف. ويعبّرون عن عدم رضاهم عن الوجبات الغذائية في المطعم المركزي، حيث تعددت الشكاوى من طريقة إعداد الطعام، وعدم مراعاة معايير الجودة المحددة وفقاً للميزانية المخصصة للتغذية. كما يشتكون من عدم صلاحية الأسرّة وملحقات الغرف السكنية.
يخشى الطلاب من تكرار حالات التسمّم ولاسيما أن المطعم المركزي شهد من قبل واقعتي تسمّم غذائي للمئات من طلاب جامعة الأزهر في شهر أبريل/نيسان من العام الماضي. واتضح من تحقيقات النيابة تورّط المسؤولين في الإهمال والتسبب في حالات تسمّم جماعي بسبب عدم مراعاة اللوائح والقوانين والمعايير اللازمة لسلامة الوجبات الغذائية.
يتوقع عادل أن "تبقى الأوضاع على مستواها السيء بسبب غياب الرقابة على الأموال المخصصة للمدن الجامعية والتي تتعرض للإفساد من قبل المسؤولين عنها". ويضيف: "كذلك تعرّض الدور الرقابي للاتحادات الطلابية للتغييب المتعمّد من قبل إدارة الجامعة بعد قرارها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بتجميد أنشطة الاتحادات الطلابية في كافة الكليات"، لافتاً إلى أنه من "ضمن صلاحيات الاتحاد مخاطبة وزارة الصحة أو رفع شكاوى الطلاب للمسؤولين في الجامعة، لكن هذا الدور غُيّب الآن".
من جهة ثانية، يقول الطالب في كلية الهندسة مدحت عصمت لـ"العربي الجديد" إن "توتر الأوضاع الأمنية داخل المدينة الجامعية، بسبب التظاهرات والاشتباكات المتواصلة مع قوات الأمن، دفع بعض الطلاب إلى السكن خارجها، وخاصة في الفصل الدراسي الثاني، فضلاً عن توقعات الطلاب بمشاكل أمنية قد تعرقل مسار دراستهم، أو تؤثر على مستقبلهم فآثروا السلامة وقرروا هجر المدن الجامعية".
يتابع عصمت: "كان صوت الطالب مسموعاً من قبل، أما الآن فلا مجال لنا للاعتراض أو الاحتجاج، فمن الممكن أن تتعرض للفصل والإخلاء من المدينة لمجرد إقدامك على تقديم شكوى أو اعتراض، وهو ما حدث فعلاً مع بعض زملائنا داخل مدينة الأزهر".
معاناة المقيمين في المدن الجامعية في مصر لا تقتصر على جامعة بعينها أو مدينة جامعية دون أخرى، بل هي مشكلات وصعوبات واحدة تكتنف الحياة اليومية للطالب داخل المدن الجامعية. يشتكي الطالب في كلية الحقوق محمد إمام من كمية الوجبات الغذائية في جامعة حلوان، الواقعة جنوب القاهرة. ويشير إمام إلى أن ما يحصل عليه يومياً من طعام لا يكفيه سوى لوجبة غذائية واحدة طوال اليوم، ما يضطره إلى شراء المأكولات من خارج المدينة حتى يكمل يومه الدراسي، مؤكداً كذلك على "غياب الصيانة الدورية لدورات المياه".
الهجرة من الجامعة
الصعوبات نفسها دفعت خالد فراج، الطالب في كلية التجارة في جامعة حلوان، إلى ترك المدينة الجامعية والسكن في شقة بعيدة عن حرم الجامعة. يشتكي خالد من رداءة الوجبات الغذائية وكمياتها المحدودة، مؤكداً أنه يشتري طعامه من خارج المدينة "لأن الأكل لا يكفي رغم حالته السيئة".
في جامعة القاهرة لا تختلف الأوضاع كثيراً، لكن الطلاب نجحوا في الضغط على إدارة الجامعة لشراء سيارة إسعاف من أجل منع تكرار حادثة طالب كلية الهندسة محمد أبو سويلم الذي سقط من فوق أحدى مباني المدينة الجامعية في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2012 ولم يجد زملاؤه سيارة إسعاف داخل المدينة لتنقله إلى المستشفى.
بدوره، يشكو براء، الطالب في كلية الإعلام في جامعة القاهرة، من مشاكل النظافة داخل الأبنية ودورات المياه، وقلة سخانات المياه التي لا تعمل سوى ساعات قليلة في فصل الشتاء، وكذلك من عدم توافر مراوح كهربائية في فصل الصيف.
من ناحيته، يؤكد المدير العام السابق للمدن الجامعية في قطاع المطرية محمد كمال، لـ"العربي الجديد" أن "قطاع المدن الجامعية في مصر يعاني من مشاكل عدة ويحتاج لجهود غير عادية لإعادة تحسين الخدمة السكنية وتقديمها بصورة أفضل للطلاب."، ويلفت كمال إلى أن "أبرز المشكلات تتمثل في قلة الإمكانيات المخصصة للمدن الجامعية، فضلاً عن عدم تفعيل دور الطلاب داخل اللجان المشرفة على التغذية والإسكان والصيانة".