ساهمت الهدنة الإنسانية لوقف القتال في قطاع غزة في عودة الحياة بشكل تدريجي إلى شوارع القطاع، بعد العدوان الإسرائيلي الذي دخل يومه التاسع عشر، وبدأت المحال التجارية والمصارف بالعودة إلى العمل لتلبية حاجيات المواطنين، وازدحمت الطرقات الرئيسية بالمواطنين وسياراتهم.
واقتنص المواطن الغزّي رامي العجلة فرصة دخول التهدئة الإنسانية حيز التنفيذ لتفقد منزله الذي خرج منه منتصف الشهر الحالي، وبدت علامات الذهول مسيطرة على ملامح العجلة، من حجم الدمار الذي خلفه القصف العشوائي لبيوت المواطنين وأصابت بعض القذائف بيته الواقع في حي الشجاعية شرقي القطاع.
ويقول العجلة لمراسل "العربي الجديد":"لم أتوقع أن يكون الدمار بهذا الحجم، لقد وصل القصف إلى المدارس والمساجد وهدمت البيوت على ساكنيها. إنها مجزرة بحق المدنيين متكاملة الأركان".
استلام الرواتب
بدأ سريان الهدنة الإنسانية في القطاع عند الثامنة صباحاً بتوقيت غزة، وتنتهي بعد 12 ساعة، والتي وافقت عليها فصائل المقاومة الفلسطينية مع توقف الغارات الإسرائيلية، التزاماً بالهدنة المؤقتة التي طلبتها الأمم المتحدة، في حين تستضيف فرنسا اجتماعاً دولياً للبحث عن اتفاق نهائي لوقف العدوان.
واكتظت مداخل المصارف والشوارع المحيطة بها بالموظفين الحكوميين، الذين جاءوا لاستلام رواتبهم، بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ، حيث كانت المصارف مغلقة تماماً خلال العدوان، إلا لخمس ساعات قبل أسبوع في تهدئة إنسانية مشابهة.
واستنفرت كافة المصارف العاملة في القطاع موظفيها لتسهيل مهمة تسليم رواتب الموظفين، في حين ينتظر موظفو حكومة غزة السابقة استلام رواتبهم المجمدة منذ أربعة أشهر.
أمام أحد الطوابير الموجودة بالقرب من مصرف "فلسطين" الواقع وسط مدينة غزة، قال الموظف الحكومي عبد الله سمور: "إن استلام الرواتب في هذه الظروف سيخفف جزءاً من المعاناة التي يمر بها الجميع، ويسمح بتلبية مطالب أفراد الأسرة، ويعطي الفرصة للمواطنين للتزود بحاجاتهم الإنسانية".
وأضاف سمور لمراسل "العربي الجديد": "الوضع الإنساني الصعب الذي خلفه العدوان الإسرائيلي لا يسمح بتأخر الرواتب، وسيعمل على بث الحياة في بعض نواحي الحياة بالقطاع وتحريك الأسواق التجارية التي تكبدت الخسائر في رمضان والآن بموسم العيد".
وكثف جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته على مختلفة مناطق القطاع قبل ساعات من دخول فترة الهدوء الإنساني الموقت حيز التطبيق، بينما بدأت طواقم الإسعاف والدفاع المدني بالوصول إلى المناطق المنكوبة في حي الشجاعية وبلدة خزاعة لانتشال الشهداء والجرحى.
وكان الاحتلال الإسرائيل، بدأ قبل 19 يوماً، بشن حربٍ على غزة، وأدّت غاراته المكثفة والعنيفة على مختلف أنحاء القطاع، إلى استشهاد أكثر من 900، وإصابة 5230 جريحاً، إضافة إلى تدمير 1675 وحدة سكنية، وتضرر 21890 وحدة سكنية أخرى بشكل جزئي، منها 994 وحدة سكنية "غير صالحة للسكن"، وفق معلومات أولية صادرة عن وزارة الأشغال العامة الفلسطينية.
المناطق التجارية
وعادت الحياة مجدداً إلى الطريق الواصل بين وسط مدينة غزة وشرقها المعروف باسم شارع "عمر المختار" والذي تنتشر على جانبيه المحال التجارية التي باشر أصحابها بتوريد بضاعتهم بعدما كانت مغلقة.
واختفت كل مظاهر العيد من شوارع القطاع، إلا من بعض النازحين الذين وجدوا الفرصة لشراء ملابس لعائلاتهم ومستلزمات البيت، في حين وجد بعض التجار في التهدئة فرصة لفتح مراكزهم التجارية أمام المواطنين الذين خرجوا باكراً نحو الأسواق قبيل يوم أو يومين على حلول عيد الفطر.
وقال المواطن الغزاوي محمود عياش: "منذ بدء العدوان لم أسمح لأولادي بالخروج من البيت، ولكن اليوم اصطحبتهم إلى السوق لتلبية مطالبهم في شراء حاجيات العائلة الأساسية بعد انقطاع إجباري عن السوق طول مدة العدوان".
ورأى عياش أن الأعياد في غزة لا طعم لها منذ فرض الحصار الإسرائيلي، لكن العيد المقبل سيكون ممزوجاً برائحة الدمار والشهداء وتضحيات المقاومة، مشدداً على أهمية رفع مستويات التكافل الاجتماعي بين العائلات، خصوصاً في ظل نزوح مئات الأسر من بيوتهم إلى مراكز الإيواء أو بيوت أقاربهم.