27 سبتمبر 2019
الوطنية المُنافقة
مع اشتعال مناطق في أتون الثورة السورية، اضطر أهلها إلى الرحيل إلى الخارج، وهؤلاء لا يُمكن أن يدينهم أحد، فالموت متربصٌ بهم، وبيوتهم تهدّمت، ومات أفراد من أسرهم. إلا أن شريحةً من الشعب السوري جرّمتهم واتهمتهم بقلة الوطنية، وقالوا إن الحب الحقيقي للوطن يتجلى، أكثر ما يتجلى، حين يتعرّض هذا الوطن للكوارث والحروب. وثمة من هم على درجةٍ من السذاجة، يُصدّقون هذا المنطق المنافق الشيطاني. فكيف يمكن لسكان المناطق التي تتعرّض للقصف اليومي، بكل أنواع الأسلحة (حتى المحرّمة دولياً) أن يبقوا في مكانهم، ولا يعملون على النجاة بأرواحهم. وكيف يسمح سوريون لأنفسهم بأن يتهموا من هاجروا بنقص في وطنيتهم. ومن معايشتي الحرب السورية، حيث لم أغادر اللاذقية إلا مضطرة لزيارة باريس، لأسبابٍ عائلية، لاحظت أن الأكثر خيانةً هم أكثر من يدّعي الوطنيّة وحب الوطن، فينتفخ غروراً كل واحد من هؤلاء، ويقولون: نحن لا نترك سورية الحبيبة، ولو على جثتنا!
يا للبلاغة التي تصلح للسينما، ولكن يتبين، بمتابعة هؤلاء، أنهم تجار حروب، ويربحون الملايين من سفك الدم السوري. وقد أخبرني سائقٌ بأنه كان يعمل سائقاً على خط اللاذقية بيروت، ولما اشتعلت حلب غير اتجاهه إلى اللاذقية حلب، حيث كان يُحمل سيارته بكل أنواع الأغذية واللوازم اليومية اللازمة، ويبيع ربطة الخبز، وسعرها الرسمي في اللاذقية 50 ليرة بـ 500 ليرة في حلب، عدا عن حليب الأطفال والزيت النباتي والرز وغيره. وقد تباهى أمامي
بأن ربحه في اليوم يصل، أحياناً، إلى المليون ليرة. ولمّا سألته عن كيفية عبوره الطريق، فيما الحواجز كثيرة من الجيش السوري وفصائل إسلامية متشدّدة، ضحك، وحكّ إبهامه بسبابته، أي كله يقبض. ويخدع هذا السائق نفسه بزعمه أنه وطني ولا يترك سورية.
يا لوطنية نهب المال على حساب الدم السوري، واستغلال شعب مسكين، يعاني أقسى شروط الحياة. وأكثر من يدّعي الوطنية هؤلاء الذين يعملون في معمل ملياردير، يخصص مساحة واسعة من أجل تركيب البراميل المتفجرة، يكفي سقوط واحدٍ منها على بناية بسحقها، وجعل سكانها أشلاء أو معطوبين. يا سلام لهذه الوطنية التي تنتج براميل مُتفجرة في ضواحي اللاذقية، وطنية غايتها قتل الشعب السوري وتدمير سورية، فأي حب لسورية هذا. أما مظاهر البذخ والسخاء الأسطوري لكل مناسبة وطنية، مثل 8 آذار والحركة التصحيحية.. إلخ، فلا يمكن وصفها. يقلل مبتكر البراميل المتفجرة نسبة البطالة في سورية، ينظم، من وقت إلى آخر، حفلات أسطورية البذخ، توضع على كل طاولة فيها أفخر المشروبات الكحولية وأغلاها، عدا عن باقات الورد المخملي الطازج الذي يزين كل طاولة.
تلقى هذه الفكرة الجهنمية شديدة الخبث للأسف قبولاً لدى شريحةٍ لا بأس بها من الناس، تتلخص بأن الوطنية الحقيقية تقتضي ألا يترك الإنسان وطنه، مهما كانت الظروف، وحتى لو أمطرته السماء بالبراميل المتفجرة وقصفته الدبابات، وصارت مجزرة تلو مجزرة، فحب الوطن قتال (ربما يفهمونه من القتل)، أي أن تُحب وطنك، يجب أن تُقتل بالطيران بأنواعه الروسي والتحالف والبراميل المتفجرة، أما إذا أردت أن تنجو بأرواح أولادك فأنت ناقص الوطنية.
لا أحد في الحقيقة يتباهى بالوطنية، وعدم تركهم سورية سوى تجارالحروب، ومن يعتاشون، مثل مصاصي الدماء، على حساب سفك دم الشعب السوري، أما المساعدات والأدوية التي تصل إلى جمعيات خيرية فيتم سرقة معظمها، وأشهد أن كمية من أدوية السرطان باهظة الثمن، وصلت إلى إحدى الجمعيات الخيرية، ولم توزّع الأدوية على المساكين مرضى السرطان، بل تم الاتجار بها في السوق السوداء.
وحدهم تجار الحروب عديمو الضمير والوحوش، والذين ينشئون مصانع من أجل تركيب البراميل المتفجرة، هم من يدّعون الوطنية، وبأنهم لا يتركون سورية حباً بالوطن وإخلاصاً له. أما من اضطر أن يترك سورية فهو خائن وعميل، وربما يقبض أموالاً من الخارج. ولذلك، يجب أن نتصف بالنزاهة والشرف، لإعادة الاعتبار إلى مفهوم حب الوطن، فعلى وطني أن يحبني أولاً، وأن يُشعرني بالأمان، وأن ينشئ معامل لحليب الأطفال الذين صار معظمهم يشربون اليانسون، بسبب عدم توفر الحليب. لا أن ينشئوا مصانع للبراميل المتفجرة. يبدو أننا في زمنٍ يجب أن نعيد فيه تعريف كل مفهوم، وكل كلمة. من كلمة وطن إلى الوطنية إلى تجار الحروب ملوك البراميل المتفجرة، والذين انتزعوا واغتصبوا من الشعب عبارة "نحن الوطنيون لم نغادر سورية، وأنتم الخونة غادرتموها".
يا للبلاغة التي تصلح للسينما، ولكن يتبين، بمتابعة هؤلاء، أنهم تجار حروب، ويربحون الملايين من سفك الدم السوري. وقد أخبرني سائقٌ بأنه كان يعمل سائقاً على خط اللاذقية بيروت، ولما اشتعلت حلب غير اتجاهه إلى اللاذقية حلب، حيث كان يُحمل سيارته بكل أنواع الأغذية واللوازم اليومية اللازمة، ويبيع ربطة الخبز، وسعرها الرسمي في اللاذقية 50 ليرة بـ 500 ليرة في حلب، عدا عن حليب الأطفال والزيت النباتي والرز وغيره. وقد تباهى أمامي
يا لوطنية نهب المال على حساب الدم السوري، واستغلال شعب مسكين، يعاني أقسى شروط الحياة. وأكثر من يدّعي الوطنية هؤلاء الذين يعملون في معمل ملياردير، يخصص مساحة واسعة من أجل تركيب البراميل المتفجرة، يكفي سقوط واحدٍ منها على بناية بسحقها، وجعل سكانها أشلاء أو معطوبين. يا سلام لهذه الوطنية التي تنتج براميل مُتفجرة في ضواحي اللاذقية، وطنية غايتها قتل الشعب السوري وتدمير سورية، فأي حب لسورية هذا. أما مظاهر البذخ والسخاء الأسطوري لكل مناسبة وطنية، مثل 8 آذار والحركة التصحيحية.. إلخ، فلا يمكن وصفها. يقلل مبتكر البراميل المتفجرة نسبة البطالة في سورية، ينظم، من وقت إلى آخر، حفلات أسطورية البذخ، توضع على كل طاولة فيها أفخر المشروبات الكحولية وأغلاها، عدا عن باقات الورد المخملي الطازج الذي يزين كل طاولة.
تلقى هذه الفكرة الجهنمية شديدة الخبث للأسف قبولاً لدى شريحةٍ لا بأس بها من الناس، تتلخص بأن الوطنية الحقيقية تقتضي ألا يترك الإنسان وطنه، مهما كانت الظروف، وحتى لو أمطرته السماء بالبراميل المتفجرة وقصفته الدبابات، وصارت مجزرة تلو مجزرة، فحب الوطن قتال (ربما يفهمونه من القتل)، أي أن تُحب وطنك، يجب أن تُقتل بالطيران بأنواعه الروسي والتحالف والبراميل المتفجرة، أما إذا أردت أن تنجو بأرواح أولادك فأنت ناقص الوطنية.
لا أحد في الحقيقة يتباهى بالوطنية، وعدم تركهم سورية سوى تجارالحروب، ومن يعتاشون، مثل مصاصي الدماء، على حساب سفك دم الشعب السوري، أما المساعدات والأدوية التي تصل إلى جمعيات خيرية فيتم سرقة معظمها، وأشهد أن كمية من أدوية السرطان باهظة الثمن، وصلت إلى إحدى الجمعيات الخيرية، ولم توزّع الأدوية على المساكين مرضى السرطان، بل تم الاتجار بها في السوق السوداء.
وحدهم تجار الحروب عديمو الضمير والوحوش، والذين ينشئون مصانع من أجل تركيب البراميل المتفجرة، هم من يدّعون الوطنية، وبأنهم لا يتركون سورية حباً بالوطن وإخلاصاً له. أما من اضطر أن يترك سورية فهو خائن وعميل، وربما يقبض أموالاً من الخارج. ولذلك، يجب أن نتصف بالنزاهة والشرف، لإعادة الاعتبار إلى مفهوم حب الوطن، فعلى وطني أن يحبني أولاً، وأن يُشعرني بالأمان، وأن ينشئ معامل لحليب الأطفال الذين صار معظمهم يشربون اليانسون، بسبب عدم توفر الحليب. لا أن ينشئوا مصانع للبراميل المتفجرة. يبدو أننا في زمنٍ يجب أن نعيد فيه تعريف كل مفهوم، وكل كلمة. من كلمة وطن إلى الوطنية إلى تجار الحروب ملوك البراميل المتفجرة، والذين انتزعوا واغتصبوا من الشعب عبارة "نحن الوطنيون لم نغادر سورية، وأنتم الخونة غادرتموها".