"امرأة على الـ 20 دولاراً"، هو اسم مبادرة أطلقتها مجموعة من المواطنين الأميركيين قبل ثلاث سنوات، بهدف وضع صورة إمرأة من عالم السياسة بدلاً من صورة الرئيس الأميركي السابق أندرو جاكسون على هذه العملة الورقية، بحلول عام 2020. وتولى جاكسون، الذي يتربّع على فئة الـ 20 دولاراً، رئاسة أميركا بين عامي 1829 و1837.
وتهدف المبادرة إلى التذكير بمرور مائة عام على حصول النساء على حق التصويت في الولايات المتحدة، وإزالة صورة رئيس أميركي كان مسؤولاً عن قتل وتشريد آلاف الهنود الحمر، أي السكان الأصليين للبلاد. فتحت هذه المبادرة، وهي ليست الأولى من نوعها، النقاش حول الشخصيات السياسية التي يجب أن توضع على العملة النقدية، ودورها التاريخي وارتباطها بحاضر البلاد. ويبدو أن وزارة الخزانة الأميركية استجابت بشكل جزئي للحملة، التي تمكنت من جمع 600 ألف توقيع، لتعلن عن نيتها وضع صورة لامرأة بحلول العام 2020، لكن على ورقة العشرة دولارات وليس على ورقة العشرين دولاراً. وتقول إن قرارها مرتبط بأسباب تقنية وعملية، مفادها أن تغيّر أي عملة منوط بالأمن وهشاشة الورقة النقدية وإمكانية تزويرها، ما ينطبق على ورقة العشرة دولارات، بحسب الخزانة. ودعت الوزارة الجمهور في أميركا إلى تقديم اقتراحاته، شرط الإعلان عن تلك الشخصية خلال العام الجاري.
وكان وزير المالية الأميركي جاك ليو، قد أعلن عن ذلك في شهر حزيران/يونيو الماضي، موضحاً أنه "يجب أن تكون المرأة قد ساهمت في نشر الديموقراطية الأميركية، وتعد رمزاً ووسيلة لأمتنا كي تعبر عن ذاتها".
ويظهر إبقاء جاكسون على العملة الورقية تشبّث المؤسسة الأميركية الحاكمة برموزها على الرغم من جميع المراجعات التاريخيّة النقدية، وعدم استعدادها للتعامل مع الحقائق التي أظهرت أن بريق هذه الرموز يخفي ظلاماً وجرائم.
ويعد جاكسون من الشخصيات الإشكالية التي يتناسى قسم كبير من الغالبية البيض دوره في استمرار العبودية، ما أدى إلى قتل وتشريد الآف من الهنود الحمر تحت ما عرف بـ "قانون الهنود الحمر"، والذي صادق عليه جاكسون عام 1830. وكان هذا أحد القوانين الأولى التي سعى جاكسون إلى إقرارها، ويقضي بالسماح للرئيس بـ "التفاوض" مع السكان الأصليين. وأدّى ذلك إلى إصدار تشريع آخر، عرف باسم "تشريع ترحيل الهنود"، ويقضي بإجبار السكان الأصليين الذين كانوا يعيشون في جنوب شرق الولايات المتحدة على الرحيل إلى الغرب من نهر المسيسيبي، والاستيلاء على ما تبقى من أراضيهم في تلك المناطق.
ورحّل جاكسون بقوة السلاح أكثر من 46 ألف شخص من السكان الأصليين، ومنع جيشه "الهنود الحمر" من أخذ ما يكفي معهم من الكسوة والغذاء، فمات الآلاف منهم جوعاً أو برداً. ويقدّر المؤرخون عدد الذين قضوا في ما عرف بـ "طريق الدموع"، بحوالى ستة آلاف شخص.
وليس مستغرباً إذاً أن يرفض كثير من السكان الأصليين في الولايات المتحدة التعامل بالأوراق النقدية من فئة العشرين دولاراً، بحسب المسؤولة الإعلامية عن حملة "امرأة على العشرين دولاراً". تضيف: "ولد جاكسون في عائلة فقيرة، وتمكّن من تحقيق ذاته. وفي أحيان كثيرة، وقف إلى جانب الرجل الأبيض. لذلك، يكن له كثيرون الاحترام ويعتبرونه نموذجاً يحتذى به. لكنهم يتناسون مسؤوليته عن ترحيل ومقتل الآلاف من السكان الأصليين، بل يتناسون كذلك أن جزءاً كبيراً من ثروته التي حققها لاحقاً كانت بسبب إتجاره بالعبيد".
وطالبت الحملة الأميركيين بالتصويت إلكترونياً على اسم المرأة التي يريدون أن تحمل عملتهم صورتها، من بين 15 اسماً رشحتها المنظمة. ونظّمت أكثر من جولة تصويت اشترك خلالها 600 ألف شخص. وحصدت هاريت توبمان، من بين النساء المرشحات، على أكثر نسبة تأييد. وتوبمان أميركية من أصول أفريقية، من مواليد عام 1820، هربت من العبودية في جنوب الولايات المتحدة إلى شمالها. وعلى الرغم من تحرّرها، خاطرت بحياتها مرات عدة لتعود إلى الجنوب وتقود مئات الأميركيين الأفارقة نحو الشمال لتحريرهم من العبودية.
وتلعب رموز الدولة والمؤسسات الرسمية دوراً مهماً في توعية الشباب من خلال النماذج والشخصيات التي تكرّمها الدولة على أوراقها النقدية أو طوابعها أو النصب التذكارية وأسماء الشوارع وغيرها. وتعكس تلك الشخصيات، سياسية كانت أو فنية أو اجتماعية، نظرة المؤسسة الحاكمة. وعندما تغيّر أحد رموزها، أو تضيف رمزاً جديداً إلى صفوفها، فإن ذلك يشير إلى تقدم ذلك البلد خطوة في درب المصالحة مع التاريخ.
http://www.womenon20s.org