12 أكتوبر 2018
انتخابات الكونغرس وهامشية القضايا الخارجية
تترقب الولايات المتحدة والعالم أجمع انتخابات الكونغرس، المقرر لها غدا الثلاثاء، السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وهي ليست انتخابات تشريعية تقليدية تشهدها أميركا كل عامين، بل ستتوقف على نتائجها تغيرات دراماتيكية لا يعرف أحد مداها، سواء تعلق الأمر بمستقبل الرئيس دونالد ترامب، أو بمصير الحزبين الديمقراطي والجمهوري معا، بل يعتبرها خبراء كثيرون بمثابة استفتاء حاسم على رئاسة ترامب، وأهم انعكاسات هذه الانتخابات يتعلق باحتمالات فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية بعد عامين من عدمه. وتاريخيا، تحكّمت ثلاثة عناصر أساسية في مصير انتخابات الكونغرس: التوجهات الحزبية السائدة في الدائرة الانتخابية. وجود أو غياب مرشح يشغل حاليا المنصب ذاته الذي يترشح إليه. طبيعة القضايا التي على أساسها سيصوت الناخب الأميركي، وهي التي تكشفها استطلاعات الرأي العام، إلا أن انتخابات هذا العام تعد استثناء نادرا.
"انتخابات هذا العام ترتبط بترامب الشخص وليس سياسات ترامب"، بهذه الكلمات لخص جيمس كارفال الذي أدار حملة بيل كلينتون التي أوصلته إلى الرئاسة عام 1992، انتخابات الكونغرس المقبلة، مؤكدا أن "نسبة تأثير القضايا الخارجية على هذه الانتخابات لا يتعدّى الصفر". وعلى العكس من اعتقاد دوائر سياسية وإعلامية عربية مختلفة، فإن القضايا الخارجية، خصوصا قضايا الشرق الأوسط، ستلعب دورا مهما في الانتخابات الأميركية، لا يبدو أن هذا يعكس الواقع المتعلق بهذه الانتخابات.
وتدل نظرة سريعة على الدعاية السياسة المرتبطة بانتخابات الكونغرس، في صورة إعلانات تليفزيونية أو إذاعية، أو التي تملأ الفضاء الإلكتروني، نجد ما بين 60% - 70% تتعلق بقضيتي برامج الرعاية الصحية والهجرة، والبقية ترتبط بقضايا شديدة المحلية، مثل ضرائب الولايات وتشريعات حق حمل السلاح في مقاطعة أو ولاية ما. وتختفي تماما أي إعلانات سياسية تتعلق بقضايا خارجية من بعيد أو من قريب، حتى قضايا التجارة الدولية وفرض ترامب تعريفات جمركية جديدة، تؤثر على الحياة المباشرة للعاملين في بعض القطاعات الصناعية والزراعية في ولايات مهمةٍ انتخابيا، لم تحظ بأي مساحة في هذه الدوائر. ناهيك عن قضايا مثل التحقيقات المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، أو قضايا سلام الشرق الأوسط أو مستقبل سورية أو انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق. ولا تحظى قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي بأي أهمية انتخابية، حتى في دوائر شمال فيرجينيا، حيث كان يعيش منذ انتقاله للإقامة في الولايات المتحدة.
ويتجنب المرشّحون الديمقراطيون بصفة عامة الهجوم المباشر على الرئيس ترامب، ويتجنب المرشّحون الجمهوريون في أغلبهم استخدام ترامب في حملتهم أو دعايتهم الانتخابية. وتبرز إعلانات سياسية ترتبط بمستقبل المنافسة الحزبية، وهناك هجوم كاسح على سبيل المثال على زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، نانسي بيلوسي، والتي إذا حصل حزبها على أغلبية أصوات المجلس، كما يعتقد خبراء أميركيون كثيرون، ستقود هي المعارضة السياسية لسياسات ترامب في الكونغرس. إلا أنه لا يجب أن يُفهم من ذلك غياب التأثير للرئيس ترامب وشخصيته وسياسته في هذه الانتخابات، خصوصا مع تمتعه بثقة 91% من الجمهوريين، وهي نسبة غير مسبوقة لأي رئيسٍ من حزبه قبل إجراء انتخابات الكونغرس. من هنا، يتحوّط الديمقراطيون من مغبة الهجوم على ترامب في الولايات والدوائر التي اكتسح فيها المرشّحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة قبل عامين، ويركّزون بدلا عن ذلك على السياسات المحلية البسيطة، والتي تمس الحياة اليومية للمواطنين.
من الصعوبة توقع نتائج هذه الانتخابات المهمة، وسيتعلق عنصر الحسم فيها بنسبة المشاركة، وستتحكم نسبة المشاركة في نتائج الانتخابات، وكلما ارتفعت نسب المشاركة زادت المفاجآت وضعفت قيمة التكهنات.
إلا أن أهم ما يتعلق بهذه الانتخابات هو تأثيراتها على انتخابات 2020 الرئاسية، فإذا ما فاز الديمقراطيون في أحد المجلسين، النواب أو الشيوخ أو كليهما، سيعزّز ذلك من حظوظ المرشح
الديمقراطي لمواجهة دونالد ترامب بعد عامين، أما إذا لم يحقق الديمقراطيون انتصارا واضحا، فسيكون ذلك بمثابة إقرار أن ترامب سيمتد حكمه حتى عام 2024، وسيبدأ الديمقراطيون حربا أهلية على من يتحمل المسؤولية عن الهزيمة.
وإلى ذلك، يريد ترامب إبعاد هذه الانتخابات عن قضية القاضي الجمهوري بريت كافانو الذي تم تثبيته قاضيا في المحكمة الدستورية العليا، وعن قوافل المهاجرين من دول أميركا الوسطى المتجهة إلى الولايات المتحدة، والتي وصلت إلى منتصف المكسيك، وهو ما دعاه إلى إرسال 5200 جندي، لمنعهم من دخول الولايات المتحدة. ويعد نجاح ترامب في استغلال قضايا تتعلق بالهوية والثقافة الأميركية لتكون بمثابة دعم كبير للمرشحين الجمهوريين. يدعم التاريخ الأميركي نظرية خسارة حزب الرئيس في الانتخابات النصفية للكونغرس. وتقليديا يخسر الحزب المسيطر على البيت الأبيض سيطرته على ولاياتٍ فاز فيها الرئيس بسهولة قبل عامين. لكن لم تعرف السياسة والانتخابات الأميركية مطلقا رئيسا مثل دونالد ترامب الذي له قدرة غير طبيعية على السيطرة على الإعلام الذي لا يستطيع مقاومة التعرّض له، ولما يقوم به، وما لا يقوم به في تغطياته وبرامجه الصباحية والمسائية والليلية المكتوبة والمرئية والمسموعة. ويبقى الرئيس ترامب كشخص بمثابة العنصر الأكثر أهمية في حسابات الناخب الأميركي واختياراته، حين يدلى بصوته غدا، وهذا بغض النظر عن دعمه سياسات ترامب، أو معارضتها لها، خصوصا الخارجية منها.
"انتخابات هذا العام ترتبط بترامب الشخص وليس سياسات ترامب"، بهذه الكلمات لخص جيمس كارفال الذي أدار حملة بيل كلينتون التي أوصلته إلى الرئاسة عام 1992، انتخابات الكونغرس المقبلة، مؤكدا أن "نسبة تأثير القضايا الخارجية على هذه الانتخابات لا يتعدّى الصفر". وعلى العكس من اعتقاد دوائر سياسية وإعلامية عربية مختلفة، فإن القضايا الخارجية، خصوصا قضايا الشرق الأوسط، ستلعب دورا مهما في الانتخابات الأميركية، لا يبدو أن هذا يعكس الواقع المتعلق بهذه الانتخابات.
وتدل نظرة سريعة على الدعاية السياسة المرتبطة بانتخابات الكونغرس، في صورة إعلانات تليفزيونية أو إذاعية، أو التي تملأ الفضاء الإلكتروني، نجد ما بين 60% - 70% تتعلق بقضيتي برامج الرعاية الصحية والهجرة، والبقية ترتبط بقضايا شديدة المحلية، مثل ضرائب الولايات وتشريعات حق حمل السلاح في مقاطعة أو ولاية ما. وتختفي تماما أي إعلانات سياسية تتعلق بقضايا خارجية من بعيد أو من قريب، حتى قضايا التجارة الدولية وفرض ترامب تعريفات جمركية جديدة، تؤثر على الحياة المباشرة للعاملين في بعض القطاعات الصناعية والزراعية في ولايات مهمةٍ انتخابيا، لم تحظ بأي مساحة في هذه الدوائر. ناهيك عن قضايا مثل التحقيقات المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، أو قضايا سلام الشرق الأوسط أو مستقبل سورية أو انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق. ولا تحظى قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي بأي أهمية انتخابية، حتى في دوائر شمال فيرجينيا، حيث كان يعيش منذ انتقاله للإقامة في الولايات المتحدة.
ويتجنب المرشّحون الديمقراطيون بصفة عامة الهجوم المباشر على الرئيس ترامب، ويتجنب المرشّحون الجمهوريون في أغلبهم استخدام ترامب في حملتهم أو دعايتهم الانتخابية. وتبرز إعلانات سياسية ترتبط بمستقبل المنافسة الحزبية، وهناك هجوم كاسح على سبيل المثال على زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، نانسي بيلوسي، والتي إذا حصل حزبها على أغلبية أصوات المجلس، كما يعتقد خبراء أميركيون كثيرون، ستقود هي المعارضة السياسية لسياسات ترامب في الكونغرس. إلا أنه لا يجب أن يُفهم من ذلك غياب التأثير للرئيس ترامب وشخصيته وسياسته في هذه الانتخابات، خصوصا مع تمتعه بثقة 91% من الجمهوريين، وهي نسبة غير مسبوقة لأي رئيسٍ من حزبه قبل إجراء انتخابات الكونغرس. من هنا، يتحوّط الديمقراطيون من مغبة الهجوم على ترامب في الولايات والدوائر التي اكتسح فيها المرشّحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة قبل عامين، ويركّزون بدلا عن ذلك على السياسات المحلية البسيطة، والتي تمس الحياة اليومية للمواطنين.
من الصعوبة توقع نتائج هذه الانتخابات المهمة، وسيتعلق عنصر الحسم فيها بنسبة المشاركة، وستتحكم نسبة المشاركة في نتائج الانتخابات، وكلما ارتفعت نسب المشاركة زادت المفاجآت وضعفت قيمة التكهنات.
إلا أن أهم ما يتعلق بهذه الانتخابات هو تأثيراتها على انتخابات 2020 الرئاسية، فإذا ما فاز الديمقراطيون في أحد المجلسين، النواب أو الشيوخ أو كليهما، سيعزّز ذلك من حظوظ المرشح
وإلى ذلك، يريد ترامب إبعاد هذه الانتخابات عن قضية القاضي الجمهوري بريت كافانو الذي تم تثبيته قاضيا في المحكمة الدستورية العليا، وعن قوافل المهاجرين من دول أميركا الوسطى المتجهة إلى الولايات المتحدة، والتي وصلت إلى منتصف المكسيك، وهو ما دعاه إلى إرسال 5200 جندي، لمنعهم من دخول الولايات المتحدة. ويعد نجاح ترامب في استغلال قضايا تتعلق بالهوية والثقافة الأميركية لتكون بمثابة دعم كبير للمرشحين الجمهوريين. يدعم التاريخ الأميركي نظرية خسارة حزب الرئيس في الانتخابات النصفية للكونغرس. وتقليديا يخسر الحزب المسيطر على البيت الأبيض سيطرته على ولاياتٍ فاز فيها الرئيس بسهولة قبل عامين. لكن لم تعرف السياسة والانتخابات الأميركية مطلقا رئيسا مثل دونالد ترامب الذي له قدرة غير طبيعية على السيطرة على الإعلام الذي لا يستطيع مقاومة التعرّض له، ولما يقوم به، وما لا يقوم به في تغطياته وبرامجه الصباحية والمسائية والليلية المكتوبة والمرئية والمسموعة. ويبقى الرئيس ترامب كشخص بمثابة العنصر الأكثر أهمية في حسابات الناخب الأميركي واختياراته، حين يدلى بصوته غدا، وهذا بغض النظر عن دعمه سياسات ترامب، أو معارضتها لها، خصوصا الخارجية منها.