19 ابريل 2021
انتصار المهزوم
يدّعي الأسد أنه انتصر بعد ثمانية أعوام من صمود أسطوري أبداه شعب سوري كان أعزلَ حين نزل إلى الشوارع، مطالبا بحريته وحقوقه، وبعد مليون شهيد أو يزيد من أطفال ونساء وشيوخ وشبان غطت جثامينهم أرض وطنهم من أقصاه إلى أدناه، وبعد فشل الأسدية في استعادة قرابة نصف مساحة سورية، على الرغم من حرب ضروس شنتها على السوريين دولة عظمى، وأخرى إقليمية كبرى، جلبت إلى سورية اثني عشر تنظيما إرهابيا من العراق وحده، ولعب خلالها جيش الأسدية دور كومبارس فاشل هزم مرتين: واحدة حين أمر المرشد الإيراني خامنئي عام 2013 الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، بإنقاذ أسد يهوذا، وأخرى عام 2015، عندما أمر بوتين جنرالاته بغزو سورية لإنقاذه، قبل أسابيع من سقوطه، كما قال الوزير الروسي لافروف.
لن أضيع وقتي في السؤال: متى، وأين، وعلى من انتصر؟ لاعتقادي أنه لم ينتصر، لأن النظام الذي شن الحرب دفاعا عن بقائه صار في خبر كان، بعد أن نشر منقذوه الروس، قبل عامين، مسودة دستورٍ، هي أول وثيقة رسمية تعترف بأن النظام الأسدي غير قابل للإنقاذ، لذلك رسمت هيكلية نظامٍ لا يشبه الأسدية في بنوده الرئيسة، ولأن من لا يمكن إنقاذه فهم ذلك، وبدأ يمارس لعبةً صبيانية قاتلة، أوقعته وعصابته في معضلةٍ لا حل لديه لها، ستجيب أجله إيرانيا إن انحاز إلى روسيا، وروسيا إن انحاز إلى إيران، بينما التوفيق بينهما ضربٌ من الاستحالة، بسبب تناقض رهانيهما في سورية، واستحالة التوفيق بينهما، فلا يبقى أمام روسيا وإيران غير العمل لإخراج غريمه اليوم عدوه غدا من سورية، أو إضعافه إلى درجةٍ ينصاع فيها لإرادة الآخر ومصالحه، ويبقى بشروطه. وليس سرا أن بوتين ولافروف قالا مراتٍ عديدة بضرورة خروج جميع القوات الأجنبية من سورية، بينما يقول الأميركيون إنهم لن يوافقوا على بقاء أي قوات أجنبية في سورية غير الروسية، بذريعة وجود علاقاتٍ تاريخية بينها وبين جيش سورية، ودورها المأمول في إخراج مليشيات إيران والأسدية من سورية خلال مرحلة الانتقال إلى نظام جديد، أسوة بما يقال إنها تفعله في أيامنا لإخراج مليشيا حزب الله وإيران من الجنوب السوري، "استجابة لرفضها" من السكان.
لم ينتصر الأسد، أو إيران، أو روسيا، أو تركيا، أو مرتزقة العالم السفلي الذين جلبوا من كل حدب وصوب. وإذا كانت الثورة لم تنتصر، فهذا لا يعني أن مطالبها لا تحمل طابعا مستقبليا سيجسده النظام السوري البديل، أو أن أحدا في وسعه إعادة الشعب السوري إلى ما قبل منتصف مارس/ آذار 2011، ليس فقط لأن ذلك سيعني رده إلى ظروفٍ أجبرته على الثورة بالأمس، وستجبره على تجديدها غدا، وإنما أيضا لأن ذلك ليس في مقدور أي طرفٍ بمفرده: من روسيا إلى إيران مرورا بتركيا وإسرائيل، وصولا إلى حثالات من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان.. كما أن هذا ليس في مقدور واشنطن أيضا، على الرغم من أنها تمسك من خيوط الصراع أكثر مما في أيدي روسيا وإيران منها.
هل انتصر من سلم وطنا يرفضه إلى مستعمرين وغزاة أجانب لينقذوا رأسه؟ وهل من الانتصار أن يضع أسد يهوذا مصيره تحت أحذية حماته، ويريد إيهامنا بأنه انتصر، بعد أن أوهم نفسه بأنه لم يهزم، على الرغم من أنه لا يجرؤ على تحريك قدمه إلى خارج ربع المتر من الأرض، الذي يأمره عسكري روسي بالوقوف فيه؟
أُعلن، أول من أمس الخميس، أن دمشق ليست على علم بجثة الجندي الإسرائيلي التي وجدها الروس في سورية وسلموها إلى إسرائيل. إذا كان النظام لا يعرف أمرا كهذا، ولم يبلغه أحد به، أما آن الأوان لأن يخجل من الحديث عن انتصار، بينما يمارس الروس والإيرانيون سيادة دولوية في مناطقه، من دون أن يدري.
لن أضيع وقتي في السؤال: متى، وأين، وعلى من انتصر؟ لاعتقادي أنه لم ينتصر، لأن النظام الذي شن الحرب دفاعا عن بقائه صار في خبر كان، بعد أن نشر منقذوه الروس، قبل عامين، مسودة دستورٍ، هي أول وثيقة رسمية تعترف بأن النظام الأسدي غير قابل للإنقاذ، لذلك رسمت هيكلية نظامٍ لا يشبه الأسدية في بنوده الرئيسة، ولأن من لا يمكن إنقاذه فهم ذلك، وبدأ يمارس لعبةً صبيانية قاتلة، أوقعته وعصابته في معضلةٍ لا حل لديه لها، ستجيب أجله إيرانيا إن انحاز إلى روسيا، وروسيا إن انحاز إلى إيران، بينما التوفيق بينهما ضربٌ من الاستحالة، بسبب تناقض رهانيهما في سورية، واستحالة التوفيق بينهما، فلا يبقى أمام روسيا وإيران غير العمل لإخراج غريمه اليوم عدوه غدا من سورية، أو إضعافه إلى درجةٍ ينصاع فيها لإرادة الآخر ومصالحه، ويبقى بشروطه. وليس سرا أن بوتين ولافروف قالا مراتٍ عديدة بضرورة خروج جميع القوات الأجنبية من سورية، بينما يقول الأميركيون إنهم لن يوافقوا على بقاء أي قوات أجنبية في سورية غير الروسية، بذريعة وجود علاقاتٍ تاريخية بينها وبين جيش سورية، ودورها المأمول في إخراج مليشيات إيران والأسدية من سورية خلال مرحلة الانتقال إلى نظام جديد، أسوة بما يقال إنها تفعله في أيامنا لإخراج مليشيا حزب الله وإيران من الجنوب السوري، "استجابة لرفضها" من السكان.
لم ينتصر الأسد، أو إيران، أو روسيا، أو تركيا، أو مرتزقة العالم السفلي الذين جلبوا من كل حدب وصوب. وإذا كانت الثورة لم تنتصر، فهذا لا يعني أن مطالبها لا تحمل طابعا مستقبليا سيجسده النظام السوري البديل، أو أن أحدا في وسعه إعادة الشعب السوري إلى ما قبل منتصف مارس/ آذار 2011، ليس فقط لأن ذلك سيعني رده إلى ظروفٍ أجبرته على الثورة بالأمس، وستجبره على تجديدها غدا، وإنما أيضا لأن ذلك ليس في مقدور أي طرفٍ بمفرده: من روسيا إلى إيران مرورا بتركيا وإسرائيل، وصولا إلى حثالات من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان.. كما أن هذا ليس في مقدور واشنطن أيضا، على الرغم من أنها تمسك من خيوط الصراع أكثر مما في أيدي روسيا وإيران منها.
هل انتصر من سلم وطنا يرفضه إلى مستعمرين وغزاة أجانب لينقذوا رأسه؟ وهل من الانتصار أن يضع أسد يهوذا مصيره تحت أحذية حماته، ويريد إيهامنا بأنه انتصر، بعد أن أوهم نفسه بأنه لم يهزم، على الرغم من أنه لا يجرؤ على تحريك قدمه إلى خارج ربع المتر من الأرض، الذي يأمره عسكري روسي بالوقوف فيه؟
أُعلن، أول من أمس الخميس، أن دمشق ليست على علم بجثة الجندي الإسرائيلي التي وجدها الروس في سورية وسلموها إلى إسرائيل. إذا كان النظام لا يعرف أمرا كهذا، ولم يبلغه أحد به، أما آن الأوان لأن يخجل من الحديث عن انتصار، بينما يمارس الروس والإيرانيون سيادة دولوية في مناطقه، من دون أن يدري.