كشف عدد من المراقبين في سوق الأدوية بمصر، عن استفحال ظاهرة "حرق الأدوية"، والتي تحدث على مدار العام، لكنها تكون أكثر انتعاشًا خلال شهر ديسمبر/كانون الأول من كل عام.
والمقصود بحرق أسعار الدواء، هو عقد صفقات بخصومات أكثر من المعلن عنها من قبل الشركة، وغالباً يكون الفاعل الرئيسي في هذه العملية هو مندوب الدعاية، والذي يتوسط بين شركة التوزيع ومخزن الأدوية، على أن يتحمل نسبة خصم إضافية يدفعها من جيبه الخاص للمخزن، مقابل شراء الصفقة المتفق عليها.
ويؤكد علاء محمد، مسؤول مبيعات بإحدى مخازن الأدوية، أنه بشكل شبه يومي يتردد على المخزن "مناديب" شركات الأدوية، بهدف عرض منتج الشركة بخصومات أعلى من المعلن عنها، وهو ما يُعرف في عرف السوق بـ"الحرق".
ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن المندوب يتفق مع المخزن على صفقة معينة من الأدوية التي يعمل في الدعاية لها، بحيث أن المخزن يستلمها من شركة التوزيع بالخصم المعلن، عن طريق فواتير رسمية، في الوقت الذي يدفع فيه المندوب للمخزن، نسبة خصم أخرى من جيبه الخاص، حتى يحقق المستهدف من خطة مبيعاته.
ويلفت مندوب آخر، يعمل بإحدى شركات الأدوية الخاصة، إلى أن أكثر من 95 في المائة من المناديب الآن يمارسون سياسة حرق الأدوية، وخاصة بعد اشتداد المنافسة ووجود أكثر من منتج للصنف الواحد.
ويضيف لـ"العربي الجديد": يضطر المندوب للحرق، إما للحفاظ على وظيفته، فبعض الشركات سرعان ما تستغني عن بعض المناديب حال عدم تحقيقهم للخطة المستهدفة، وفي الغالب هؤلاء يدفعون من مرتباتهم شهرياً الفرق بين نسبة خصم الشركة، والنسبة المتفق عليها مع مخزن الأدوية بهدف تحقيق المستهدف من مبيعاته، وآخرون يدفعون الفارق للحصول على الحوافز، حال تحقيقهم للمستهدف.
ويقول الدكتور محمود حسن، مندوب دعاية سابق بإحدى شركات الأدوية متعددة الجنسيات، إن المندوب يضطر لممارسة سياسة "حرق الأدوية"، لأنه حال عدم تحقيق المستهدف من مبيعات الشركة التي يتولى الدعاية لمنتجها، يتم الخصم من راتبه، وفي حال تخطى هذه النسبة يحصل على حافز إضافي، فهو يضحي بجزء من راتبه على أمل تعويضه من الحوافز.
ويكشف لـ"العربي الجديد" أنه خلال 7 أشهر ماضية، وبدون مقدمات بدأت العروض تنهال على الصيدليات من قبل مخازن الأدوية بنسب خصم تزيد عن المعلن من قبل الشركات بحوالي 15 في المائة، وبسؤال القائمين على إدارة هذه المخازن، عن هذه الخصومات المبالغ فيها، كانت الإجابة واحدة: "فيه ريحة غسيل أموال".
وأظهر تقرير صادر عن مؤسسة "ims" العالمية للمعلومات الصيدلانية، أن شركات الأدوية العاملة في السوق المصري حققت مبيعات بقيمة 63.7 مليار جنيه خلال العشرة أشهر الأولى من 2019، بزيادة 16.8% عن نفس الفترة من 2018.
وتصدرت "نوفارتس" السويسرية القائمة، بمبيعات 4.5 مليارات جنيه، ثم جلاكسو سميثكلاين البريطانية بـ3.8 مليارات جنيه، وحلت سانوفي الفرنسية في المركز الثالث بـ3.3 مليارات جنيه، وجاءت (فاركو) رابعًا بـ3.1 مليارات جنيه.