يقول خبراء نفط إن دورة انهيار جديدة في أسعار النفط، ربما تفوق مستويات الانهيار التي شهدتها أسعار النفط خلال العام الماضي، قد بدأت فعلاً، ومن بين مؤشراتها هروب تجار النفط من سوق العقود الآجلة وهروب المستثمرين من أسهم الشركات النفطية التي ظهرت نتائجها في انخفاض مؤشرات الأسهم الأميركية والأوروبية.
ويقول خبراء نفط في لندن ونيويورك إن أسس السوق النفطية ترجح تواصل زيادة المعروض النفطي خلال الشهور المقبلة، فيما لا توجد مؤشرات تدعم فرص تحسن في الطلب العالمي على النفط.
في هذا الصدد، يقول خبير نفطي بمؤسسة "ولفي ريسيرش" للأبحاث إن "خام غرب تكساس ربما يصل إلى المستويات الدنيا من الثلاثينات خلال الفترة المقبلة".
من جانبه، يقول الخبير بشركة "ترادشن إنيرجي الأميركية"، جان ماكغيلين: "لا توجد مؤشرات إيجابية في ناحية الطلب، كما لا يرغب أحد من المنتجين في خفض الإنتاج".
ويضيف في تعليقات لتلفزيون "سي إن بي سي": "ربما لم تقيّم آثار خطوة الصين بخفض قيمة العملة، ولكنها بالتأكيد مؤشر على تدهور نمو الاقتصاد الصيني، المحرك الكبير للطلب الآسيوي على النفط".
ورغم التوقعات المتفائلة للعديد من المؤسسات الدولية، التي من بينها صندوق النقد الدولي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أن تحافظ أسعار خام برنت على مستويات فوق 50 دولاراً للبرميل، فإن مؤشرات تزايد تخمة العرض وانكماش الطلب وسط تدهور معدلات النمو الصيني ترجح دخول أسعار النفط في دورة انهيار جديد ربما يفوق انهياره في الصيف الماضي.
ويلاحظ أن سعر خام برنت في السوق الفوري فقد حوالي 5 دولارات في شهر يوليو/ تموز في المتوسط، مقارنة بمستوياته في يونيو/ حزيران الماضي. ولكن الانخفاض تحوّل إلى شبه انهيار في الأسبوع الأول من شهر أغسطس/ آب الجاري، حيث تدهورت أسعار خام برنت إلى 48 دولاراً للبرميل. كما فقد خام غرب تكساس الخفيف حوالي 9 دولارات في الشهر الماضي.
وسجلت أسعار النفط هذه المستويات الدنيا، على الرغم من انخفاض مخزونات النفط الأميركية بحوالي 5 ملايين برميل عن أعلى مستوياتها في 17 أبريل/ نيسان الماضي وتشغيل المصافي بأعلى طاقاتها خلال الشهر الماضي، حيث بلغ حجم استهلاكها اليومي، حسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أكثر من 17 مليون برميل يومياً.
ويذكر أن مخزونات النفط الأميركي الحالية تفوق مستوياتها في الفترة نفسها من العام الماضي بحوالي 40 مليون برميل.
وفي جردة لـ"العربي الجديد" لتوقعات المؤسسات ومنظمات الطاقة، لاحظت على صعيد التوقعات المتفائلة أن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تتوقع أن يبلغ سعر خام غرب تكساس حوالى 49.62 دولاراً للبرميل في المتوسط في العام الجاري و54.42 دولاراً في المتوسط خلال العام المقبل.
اقرأ أيضاً: وكالة الطاقة الدولية: تعافي أسعار النفط سيستغرق وقتاً
كما تشير توقعاتها إلى أن خام برنت ربما يصل إلى 54.40 دولاراً في المتوسط بنهاية العام الجاري وحوالي 59 دولاراً للعام المقبل 2016.
ولكن منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي تتوقع أسعاراً أفضل لخام برنت، حيث تتوقع أن يصل سعر البرميل إلى 62 دولاراً في العام الجاري و65 دولاراً في العام المقبل، أما وحدة دراسات الإيكونومست فتتوقع 54.4 دولاراً لبرميل برنت في العام الجاري و71.4 دولاراً في العام المقبل 2016.
وفي المقابل، فإن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبلغ خام برنت في المتوسط 56.2 دولاراً في العام الجاري و59.6 خلال العام المقبل. والبنك الدولي توقع 57.5 دولاراً لخام برنت خلال 2015 و61.2 دولاراً للبرميل خلال 2016.
ولكن في مقابل هذه التوقعات المتفائلة، يرى خبراء في تجارة النفط وشركات وساطة مالية، أن ضعف نمو الاقتصاد الصيني قد يدفع الأسعار إلى مستويات دنيا حوالي 42 دولاراً لخام برنت وربما 32 دولاراً لخام غرب تكساس بنهاية العام الجاري.
ولاحظ بول سانكس أن الطلب سيتعرض لمزيد من الضغوط خلال الشهور المقبلة وأن المصافي الأميركية ربما تنخفض معدلات تشغيلها من 17 مليون برميل يومياً حالياً إلى 15.5 أو 16 مليون برميل يومياً خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وتداولت العقود الآجلة للنفط الخام قرب أدنى سعر لها في ستة أشهر خلال تداولات أمس الأربعاء، بعد أن سمحت الصين لليوان بالتراجع بنسبة كبيرة لليوم الثاني مع سعي صنّاع القرار لدعم اقتصاد البلاد المتداعي.
ويخشى بعض المحللين في السوق أن الانخفاض السريع في قيمة اليوان قد يشعل حرباً في العملة التي من شأنها أن تزعزع استقرار الاقتصاد العالمي.
وتعرضت الأصول المتعلقة بالمخاطر بالإضافة للأسهم العالمية والعملات والسلع في السوق الناشئة لضغوط البيع، في حين شهدت الأصول الآمنة مثل السندات الحكومية والذهب زيادة في الطلب.
ففي بورصة العقود الآجلة في لندن، ارتفع نفط برنت تسليم تشرين الأول/ أكتوبر بنسبة 13 سنتاً، أو ما يعادل 0.26%، ليتداول عند 49.84 دولاراً للبرميل خلال الجلسة الصباحية.
وكان خام برنت قد تراجع في لندن 1.31 سنت أو ما يعادل 2.57%، ليغلق عند 49.71 دولاراً للبرميل يوم الثلاثاء، وأفتتح الأسبوع بسعر 48.24 دولاراً للبرميل يوم الاثنين، وهو أدنى سعر له منذ آذار/ مارس 2009.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد توقعت في تقريرها الشهري، أمس، أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بنسبة 1.6 مليون برميل يومياً هذا العام، كما رفعت توقعاتها من الشهر الماضي إلى 200 ألف برميل يومياً. ولكن خبراء يقولون إن المنظمة لم تأخذ في الحسبان احتمالات تأثير تدهور الاقتصاد الصيني المتوقع على الطلب العالمي.
ومع ذلك، حذرت الوكالة من أن وفرة النفط العالمية سوف ستستمر خلال العام المقبل، "في حين أن إعادة التوازن قد بدأت بشكل واضح، ومن المرجح أن تطول هذه العملية، حيث من المتوقع أن يزداد عبء المعروضات حتى عام 2016 ـ مما يدل على تراكم المخزونات العالمية أيضاً.
وتواصل طفرة إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري وزيادة إنتاج دول منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك)، تأثيراتها على زيادة التخمة النفطية بقرابة مليوني برميل يومياً.
وذكرت شركة بيكر هيوز أن منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة ارتفعت بنسبة ستة في الأسبوع الماضي لتصل الى 670، وهو ما يشير إلى أن شركات النفط الصخري تواصل التأقلم مع أسعار النفط المنخفضة عبر خفض كلفة الإنتاج باستخدام المزيد من التقنيات الحديثة.
اقرأ أيضاً:
بنك فرنسي يخفض توقعاته لأسعار النفط في 2015 و2016
أوبك ترفع توقعاتها بشأن نمو الطلب على النفط