03 نوفمبر 2024
بريطانيا بعد الضربة الكيماوية
في العالم الذي تملؤه القوانين الدولية، يُستخدم الكيماوي من جديد، ليس في الغوطة هذه المرة، ولا في خان العسل، ولا فوق أي من الأراضي السورية، إنما في الجنة الأوروبية، وفي جزيرتها العظمى بريطانيا، يُستخدم السلاح الكيماوي هناك، وهناك أيضاً، كما هو الحال في سورية، تبدو الأيدي مشلولةً وغير قادرة على فعل شيء.
يكاد فعل استخدام الكيماوي أن يكون يقينياً، وتقول التقارير إن غاز الأعصاب هو ما استخدم لمحاولة قتل رجلٍ وابنته كانا يتجولان في شوارع المملكة العظمى، تحتار رئيسة الحكومة، تيريزا ماي، ماذا تفعل، وهي المكلفة سياسياً وأخلاقياً بالرد على هذا الهجوم، فلا تجد إلا عقوبة هزيلة، تشبه رفع الأيدي بالاستسلام، وكل ما استطاعت أن تفعله هو إبعاد ثلاثة وعشرين جاسوساً "مرخّصين" بصفتهم دبلوماسيين يعملون في لندن، من دون أن يكون هذا الإبعاد قادراً على التأثير في عمل الجاسوسية العميقة، والتي تجند روسيا لأجلها الآلاف، وتدسّهم خلسة في المجتمع البريطاني.. ولكن العقوبة شُددت إلى حد امتناع العائلة المالكة، ووزراء الحكومة البريطانية، عن حضور مباريات كأس العالم المقرّرة إقامتها في روسيا هذا العام.
يبدو البيان الرباعي الذي صدر بشكل مشترك عن المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وأميركا تضامنياً بالدرجة الأولى، ويعكس تكتلاً بطريقةٍ ما في وجه الدولة التي تستخدم سلاحاً محرّماً، ولكن مفعوله موضعي، ذو نصف قطر ضئيل، وقد يجد طريقه بسرعة إلى الأرشيف.
الإجراء الدبلوماسي البريطاني المحدود، والذي قابلته روسيا برد فعل مشابه، ضعيفُ التأثير، ولا يعكس فداحة استخدام السلاح الذي حرّمته المواثيق الدولية، والإنكار الذي تبناه الروس في امتلاك سلاح مماثل، وهو السلوك نفسه الذي يتبناه حليفهم في دمشق، يدل على أن الإنكار يفيد أحياناً في محو ارتدادات الجريمة.
في الوقت الذي يتحضر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للفوز مرة أخرى بكرسي الرئاسة، يحدث الرد البريطاني الذي لن يؤثر بالطبع على الحملة الهادئة الواثقة التي يقودها بوتين للبقاء في الكرملين. على العكس فقد يستثمر بوتين مثل هذه الحوادث على طريقة زعماء دول العالم الثالث الذين يفاخرون بالعداء لأميركا وبريطانيا، ويتخذون من مثل هذه المواقف دلائل على أنهم يقفون في الجانب الصحيح، فقد قال المتحدثون باسم روسيا وبوتين في بياناتهم للشعب الروسي إن هذه الاتهامات تعتبر هجوماً خطيراً على روسيا، ومن المؤكد أن الرد المبين على مثل هذه الهجومات هو التصويت بكثافة لمن يقف في وجه هذا الهجوم، وهو السيد بوتين بالطبع!
يتقوى الموقف الروسي في مواجهة موقف أوروبي متردّد، فعلى الرغم من التضامن الرباعي، إلا أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يجعل الجسد الأوروبي المنفصل عن بريطانيا بطيء التفاعل، ما يقوض أي أمل في جعل هذا الهجوم مَدخلاً لتشكيل جبهة أوروبية موحدة وقوية ضد روسيا.
يمكن أن تنضم هذه الحادثة للسجل السيئ لتيريزا ماي من حزب المحافظين، فمنذ وصولها إلى السلطة، وحزبها في تراجع، وأداؤها السياسي يزداد اضطراباً، ومؤشرات الاقتصاد تستمر في الهبوط. قد يصطف مجلس العموم وراءها في هذه اللحظة السياسية، كي تبدو البلاد موحدة في وجه هجوم كيماوي شن عليها، لكن الاختلاف سيأتي فيما بعد، حين يوضع الرد موضع التنفيذ، وبعد استيعاب الرد المعاكس الروسي، عندها قد ينفرط هذا التجمع بالسرعة التي بدأ بها، خصوصا بعد أن تعجز رئيسة الوزراء عن حشد تجمع معقول لمواجهة الروس، وتظهر وحيدة من دون أن يبقى في يدها سوى بيان التعاطف الرباعي، أما الخاسر الأكبر وقتئذ فهو العائلة المالكة البريطانية التي سيكتفي أعضاؤها بمشاهدة مباريات فريقهم الوطني عبر خدمة "بي إن" التي تمتلك حصرياً حق نقل مباريات كأس العالم.
يكاد فعل استخدام الكيماوي أن يكون يقينياً، وتقول التقارير إن غاز الأعصاب هو ما استخدم لمحاولة قتل رجلٍ وابنته كانا يتجولان في شوارع المملكة العظمى، تحتار رئيسة الحكومة، تيريزا ماي، ماذا تفعل، وهي المكلفة سياسياً وأخلاقياً بالرد على هذا الهجوم، فلا تجد إلا عقوبة هزيلة، تشبه رفع الأيدي بالاستسلام، وكل ما استطاعت أن تفعله هو إبعاد ثلاثة وعشرين جاسوساً "مرخّصين" بصفتهم دبلوماسيين يعملون في لندن، من دون أن يكون هذا الإبعاد قادراً على التأثير في عمل الجاسوسية العميقة، والتي تجند روسيا لأجلها الآلاف، وتدسّهم خلسة في المجتمع البريطاني.. ولكن العقوبة شُددت إلى حد امتناع العائلة المالكة، ووزراء الحكومة البريطانية، عن حضور مباريات كأس العالم المقرّرة إقامتها في روسيا هذا العام.
يبدو البيان الرباعي الذي صدر بشكل مشترك عن المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وأميركا تضامنياً بالدرجة الأولى، ويعكس تكتلاً بطريقةٍ ما في وجه الدولة التي تستخدم سلاحاً محرّماً، ولكن مفعوله موضعي، ذو نصف قطر ضئيل، وقد يجد طريقه بسرعة إلى الأرشيف.
الإجراء الدبلوماسي البريطاني المحدود، والذي قابلته روسيا برد فعل مشابه، ضعيفُ التأثير، ولا يعكس فداحة استخدام السلاح الذي حرّمته المواثيق الدولية، والإنكار الذي تبناه الروس في امتلاك سلاح مماثل، وهو السلوك نفسه الذي يتبناه حليفهم في دمشق، يدل على أن الإنكار يفيد أحياناً في محو ارتدادات الجريمة.
في الوقت الذي يتحضر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للفوز مرة أخرى بكرسي الرئاسة، يحدث الرد البريطاني الذي لن يؤثر بالطبع على الحملة الهادئة الواثقة التي يقودها بوتين للبقاء في الكرملين. على العكس فقد يستثمر بوتين مثل هذه الحوادث على طريقة زعماء دول العالم الثالث الذين يفاخرون بالعداء لأميركا وبريطانيا، ويتخذون من مثل هذه المواقف دلائل على أنهم يقفون في الجانب الصحيح، فقد قال المتحدثون باسم روسيا وبوتين في بياناتهم للشعب الروسي إن هذه الاتهامات تعتبر هجوماً خطيراً على روسيا، ومن المؤكد أن الرد المبين على مثل هذه الهجومات هو التصويت بكثافة لمن يقف في وجه هذا الهجوم، وهو السيد بوتين بالطبع!
يتقوى الموقف الروسي في مواجهة موقف أوروبي متردّد، فعلى الرغم من التضامن الرباعي، إلا أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يجعل الجسد الأوروبي المنفصل عن بريطانيا بطيء التفاعل، ما يقوض أي أمل في جعل هذا الهجوم مَدخلاً لتشكيل جبهة أوروبية موحدة وقوية ضد روسيا.
يمكن أن تنضم هذه الحادثة للسجل السيئ لتيريزا ماي من حزب المحافظين، فمنذ وصولها إلى السلطة، وحزبها في تراجع، وأداؤها السياسي يزداد اضطراباً، ومؤشرات الاقتصاد تستمر في الهبوط. قد يصطف مجلس العموم وراءها في هذه اللحظة السياسية، كي تبدو البلاد موحدة في وجه هجوم كيماوي شن عليها، لكن الاختلاف سيأتي فيما بعد، حين يوضع الرد موضع التنفيذ، وبعد استيعاب الرد المعاكس الروسي، عندها قد ينفرط هذا التجمع بالسرعة التي بدأ بها، خصوصا بعد أن تعجز رئيسة الوزراء عن حشد تجمع معقول لمواجهة الروس، وتظهر وحيدة من دون أن يبقى في يدها سوى بيان التعاطف الرباعي، أما الخاسر الأكبر وقتئذ فهو العائلة المالكة البريطانية التي سيكتفي أعضاؤها بمشاهدة مباريات فريقهم الوطني عبر خدمة "بي إن" التي تمتلك حصرياً حق نقل مباريات كأس العالم.