مع
دخول الانتفاضة شهرها الثاني، أصبحت اللعبة الإعلاميّة للسلطة واضحةً أكثر. فإعلام السلطة كثّف تحريضه ضدّ المتظاهرين، مع إطلاق حملةٍ مركّزة منفّذوها إعلاميون وصحافيون وكتائب إلكترونيّة (ومن ضمنهم حسابات وهمية) تستهدف الإعلاميين بشخصهم وتحاول أذيّتهم أو أذية فرد من عائلتهم وابتزازهم بغرض تبديل مواقفهم أو كسرهم لتحويل خطابهم وتقليل كشفهم للفساد أو إجبارهم على فرض رقابة ذاتية وعدم تأييد التظاهرات أو انتقاد الأحزاب والسلطة.
لكن فيما تعوّد اللبنانيون (شيئاً ما) على الحروب الإعلامية بين القنوات ومن خلفها الأحزاب والأجهزة من فترة لأخرى، تأتي الحملات الإلكترونيّة المتنمّرة والقائمة على أذية من يعبّرون عن رأي آخر فجةً وأقبح من السابق، مع انتشار "موضة" جديدة بتعميم أرقام مراسلين وصحافيين بهدف إزعاجم وثنيهم عن مواقفهم. ومع شموليّة هذه الحملة ضدّ كل صحافي يعارض السلطة، إلا أنّ أهدافها ترتكز على المراسلات النساء.
بدأت هذه الحملة أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي مع الصحافي الاستقصائي رياض قبيسي، المعروف بكشفه ملفات فساد لجهات مختلفة، فتم تعميم رقمه وإرسال أكثر من 1400 رسالة على "واتساب" ضدّه، مع استخدام صور لطفليْه أيضاً، إثر تصويبه على مسؤولين فاسدين. يومها، سخر قبيسي عبر منشورات على "فيسبوك" من الحملة، مشيراً إلى أنّ الكثير من مراسليه طلبوا منه فتح ملفات فساد أخرى.
لكنّ الحملة تستمرّ اليوم ويبدو أنّها تتوسع وتهدد حياة الصحافيين وأداءهم لعملهم. إذ دوّن عدد من الصحافيين، أغلبهم يعملون في
قناة "الجديد"، تغريدات ومنشورات على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، توضح الحملات الممهنجة القائمة على عشرات الاتصالات والرسائل عبر "واتساب". وكان بين هؤلاء كلّ من الإعلامية ديما صادق (LBCI) التي عانت منذ سنوات من حملات تنمّر ممنهجة تشنّها ضدّها بشكلٍ أساسي كتائب "حزب الله" الإلكترونيّة، وتسخر منها ومن مواقفها. كما وصلت هذه الحملة إلى حدّ الاتصال بوالدتها واستهدافها عبر شتم صادق وإرسال صور مركّبة، ما أدى إلى دخولها المستشفى إثر عارض صحي.
كما كان بين ضحايا هذه الحملة الإعلامية نانسي السبع وليال سعد وراشيل كرم ورامز القاضي (جميعهم في قناة الجديد).
وفيما أعلن الإعلاميون توجّههم للقضاء في شكاوى ضدّ أصحاب هذه الأرقام (توضح الصور الملتقطة من واتساب وضعهم لصور أمين عام حزب الله حسن نصرالله ورئيس مجلس النواب نبيه بري)، أكد مواطنون عبر مواقع التواصل رفض هذه الحملة واستنكارهم لها، واصفينها بالحقيرة، وكان من بينهم أيضاً مؤيدون لحزب الله، ومن وصفوا أنفسهم بـ"جمهور المقاومة الرافض لهذا الاستهداف".
يُذكر أنّ المراسلين والصحافيين يتعرّضون لانتهاكات عدة خلال أدائهم عملهم في الانتفاضة،
فاق عددها الخمسين، حسبما كشف تقرير لمنظمة "سكايز" المعنية بحريّة الصحافة.