بوتين وأردوغان ولعنة الأكراد

01 ابريل 2017
+ الخط -
ليست هذه هي المرة الأولى التي تشتد فيها وطأة الصراع الروسي التركي، كما أنّها ليست المرة الأولى التي قد تنقلب فيها موازين العلاقات بين البلدين، من النقيض إلى النقيض.
عادت الخلافات، وليفتح الباب من جديد لمراجعة المواقف والاتفاقيات المبرمة أخيرا بين الطرفين، فلم تكن تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في موسكو في العاشر من مارس/ آذار الجاري، والتي أفاد فيها بأنّ "القضاء على مجموعة إرهابية بمساعدة أخرى أمر غير ممكن".
ذلك أن رؤى أردوغان يبدو أنّها قد صدقت، حين أكدت صور تناقلتها مواقع إلكترونية وجود قوات ومدرعات روسية بمدينة عفرين قرب الحدود التركية، صحة ما كان يروّج عن اتفاق روسي كردي رسمي للوجود هناك، لتدريب قوات كردية، ولتبسط صفحة أخرى من صفحات الخلاف بين البلدين.
قد لا ينكر الطرفان أنّ هذه الخلافات بدت وكأنها قد ولّت، ومضى عهدها بعد أول لقاء جمعهما بعد حادثة مسقط الطائرة الروسية، تلته تصريحات ناعمة متبادلة بين الرئيسين، لتجديد تاريخ العلاقات الدبلوماسية، ولاستدراك مستقبل العلاقات الاقتصادية بينهما. إلا أنّ هذا التجديد لم يلبث وأن اتضحت هشاشة دعائمه وضعف أسسه وبنيانه "بسلاح كردي" بامتياز .
لكن خيبة الأمل الحادة التي عاشتها تركيا في السنوات الأخيرة، والذي مثّل محورها الصراع السوري المتواصل للبحث عن بناء حصن لها من الأكراد، لم تكن نهاية التخوفات، بل إنّ الكابوس الكردي ما انفكّ يخامر القائد التركي، خصوصاً بعد أن سيطرت قوات كردية على مناطق على الحدود شمال سورية، كان أردوغان يريد أن يجعل منها مناطق آمنة.
هاجس الزعيم وقوميته المفرطة، حرّكاه بعد نشر صور تجمع جنود روسيين بوحدات حماية الشعب الكردية في عفرين، فعملت أنقرة على استدعاء القائم بالأعمال الروسي إلى أنقرة في 23 من مارس/ آذار الحالي، إلى "جلسة عتاب على الملأ"، عبّرت فيها وزارة الخارجية التركية عن استيائها من مقتل جندي تركي على يد أكراد، وعن "اشمئزازها" من رؤية جنود روس يحملون شارات "مليشيات كردية إرهابية".
مرة أخرى تجد تركيا علاقاتها مع دول كبرى على المحك، في وقت هي الأحوج فيه إلى الدعم والمساندة، وفي ظلّ توتر علاقاتها مع واشنطن ومع دول "التحالف".
ولكن، ربما قد تطفو المصالح من جديد، لتطوي مرّة أخرى واحدةً من صفحات الخلافات بين البلدين، وتستنفذ سلاحاً آخر من أسلحة التوافقات الإستراتيجية في المنطقة.
B5CA2C2A-B88B-42D6-ACD7-399961389EC1
B5CA2C2A-B88B-42D6-ACD7-399961389EC1
مريم الموسي (تونس)
مريم الموسي (تونس)