هل يتراجع ترامب؟

03 فبراير 2017
+ الخط -
تتخلّى أميركا رسمياً، وعلى لسان رئيسها دونالد ترامب، عن بعض من سياسة "الحياد المزعوم" الذي تنتهجه، مدعيةً سعيها إلى وضع حدّ للصراع الصهيوني الفلسطيني، بهدف تكريس السلام.
جاء تأكيد ترامب أخيراً في صحيفة "يسرائيل هيوم"، زاعماً نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ليضرب بزيف هذه الادعاءات الكاذبة عرض الحائط، وليكشف نيته تعبيد طرقات فلسطينية جديدة أمام المستوطنات الإسرائيلية.
ولكن "شطحات" ترامب منذ ظهوره في المشهد السياسي الأميركي كانت، ولازالت، بعد توليه رئاسة أميركا، تظهر اندفاع هذا الرئيس في اتخاذ قراراتٍ جوهريةٍ تجاه سياسة بلاده في الشرق الأوسط.
بعد توليه السلطة وتنصيبه ليكون الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، تساءل كثيرون ما إذا كان ترامب سيكون وفياً لخطاباته التي ألقاها في حملته الانتخابية حقاً، أو أنّها ستقف عند حدّ "الوعود الانتخابية" لا أكثر، إذ تعتبر مسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة أمرا ليس هيناً، وهو أمر فشل في تحقيقه ثلاثة رؤساء سابقون، حاولوا نيل الأسبقية في تحقيق حلم إسرائيل في التوّسع نحو القدس الغربية، وهم بيل كلينتون وجورج بوش الابن وباراك أوباما .
فشل هؤلاء ليتمسّك به ترامب، وكأنه "الرجل الخارق" الذي دخل البيت الأبيض، ليسرع في إصدار قرار لفرض تأشيرات على الوافدين من بعض المناطق العربية الساخنة، كسورية والعراق واليمن وليبيا، بهدف تخفيض عدد المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين، متناسياً بذلك الدور الغربي الجوهري في تأجيج الصراعات في هذه المناطق.
صراعات خدّمتها أميركا من خلال الدعم العسكري والاكتفاء بالتنديد أو أخذ مسافةٍ من بعضها للحفاظ على مصالحها هي أولا وأخيرا، حيث حذر الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، من استعمال الأسلحة الكيميائية في سورية ضد المدنيين في فترة 2012 واصفاً هذه الممارسات "بالخط الأحمر" الذي لن تقبل به أميركا أبداً لكي يتوّضح فيما بعد، أنّها تصريحات لم تتجاوز البروباغندا السياسية لا أكثر.
شدّد أوباما، في آخر مؤتمر صحفي له، على أهمية التعامل بحذر مع هذه القضية، وقال "ذلك جزء مما حاولنا قوله للفريق القادم في عمليتنا الانتقالية.. الانتباه لأنّ هذه مادة متفجرة، عندما يتم اتخاذ خطوات أحادية مفاجئة تتعلق ببعض القضايا الجوهرية والحساسيات المتعلقة بأيّ جانب منها... فإن ذلك قد يفجر الوضع".
قد يكون ترامب واعياً نوعاً ما لحساسية التعامل مع الملف الفلسطيني الإسرائيلي، و يبدو ذلك من خلال تذبذب الآراء والتصريحات في هذا الشأن، فبعد أن كان حريصاً على التشديد على هذه النقطة في حملته الانتخابية، قال المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، إنّ البلاد "لازالت في المراحل الأولى من عملية صنع القرار"، وأضاف إنّ "هذا الملف ليس على جدول أعمال الرئيس في الوقت الحالي، فهل يتراجع ترامب عن وعده بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، ليصطف إلى جانب غيره ممن تراجعوا عن اتخاذ هذه الخطوة؟ أو هل يمثل هذا القرار سبباّ في إشعال فتيل انتفاضة جديدة قد تكون أشد وقعا من سابقاتها؟
B5CA2C2A-B88B-42D6-ACD7-399961389EC1
B5CA2C2A-B88B-42D6-ACD7-399961389EC1
مريم الموسي (تونس)
مريم الموسي (تونس)