بوتين يُطمئِن نتنياهو

23 سبتمبر 2015

نتنياهو وبوتين لدى مباحثاتهما في موسكو (21 سبتمبر2015،Getty)

+ الخط -
في مرة نادرة، اصطحب بنيامين نتنياهو معه، في زيارته الخاطفة إلى روسيا، الجنرالين، رئيس أركان الجيش غادي إيزنكوت، ورئيس المخابرات العسكرية، هرتزل هاليفي. وقيل في إسرائيل إن هدف الزيارة تعزيز التعاون ورفع مستوى التنسيق المتعلق بنشاط القوات الروسية في سورية. فقد التقى نتنياهو وبوتين، الإثنين المنصرم، في إحدى ضواحي موسكو، وناقشا ما سمّاه مكتب الثاني "الوضع متزايد التعقيد على الحدود الشمالية". وفي حضور بوتين، طرح نتنياهو شكايته أمام وسائل الإعلام، قائلاً: "إن الحكومة السورية وإيران ماضيتان في تسليح حزب الله، وهذا موّجه ضدنا، بل وأطلقت علينا النيران بهذا السلاح، وفي المحصلة، يجري تحت غطاء الجيش السوري، بناء جبهة إرهابية ثانية ضدنا من هضبة الجولان". وسرعان ما انتقل نتنياهو من موقع الشاكي إلى موقع الدفاع عن أعمال هجومية في سورية، وعن تدخلات عملياتيةٍ لإحباط وصول السلاح إلى جماعة حزب الله، بذريعة "منع قيام جبهة مضادة"، وأردف:"لهذا السبب، جئت إلى هنا، وكان هذا ضرورياً لكي نوضح مواقفنا، وأيضاً لكي لا يكون هناك أي سوء فهم بين القوات على الأرض".
استمع بوتين إلى حديث نتنياهو، وعقّب قائلاً: "خطوات روسيا في المنطقة اتسمت، دائماً، بالمسؤولية العالية، وندرك جيداً أن إسرائيل تعرضت لإطلاق نيران من الأراضي السورية، وقد شجبنا ذلك، أما السلاح الذي يحصل عليه حزب الله فهو من إنتاج محلي، ومع ذلك، نتفهم قلق إسرائيل. ولا ننسى أبداً أن مواطنين من الاتحاد السوفييتي السابق يعيشون بأعداد ضخمة في إسرائيل، ولهذا مغزاه الكبير على صعيد العلاقات الروسية الإسرائيلية".
وفي التعبير عن امتنانه، علّق نتنياهو قائلاً: "في كل الاتصالات بيني وبين الرئيس بوتين، عندما نتفق على قضايا، وكذلك عندما نختلف، يظل الحوار بيننا جارياً بانفتاح، وباحترام متبادل".
نحن هنا، بصدد طرف دولي ليست له مشكلة مع إسرائيل، وليس معنياً بوقفة موضوعيةٍ معها، تتعلق بسلوكها ليس في المنطقة وحسب، وإنما أيضاً ضد حلفائه في المنطقة. ففي لقاءٍ كهذا، تتراجع إلى الموضع المثير للسخرية كل المطولات التي تركّز على الممانعة، وعلى محور المقاومة. فعلى صعيد الجزئية المتعلقة بالمقاومة سابقاً، في موضوع جماعة حسن نصر الله، يُلام الطرف العربي، ويتفهم الروس قلق إسرائيل. أما تدخل هذه الجماعة في سورية، وخارطة انتشارها الواسعة، فلا مشكلة فيهما. وحيال التشكي الإسرائيلي الكاذب من نيرانٍ تعرّضوا لها، لا يُقال للكذوب إن نيرانه العدائية القاتلة لا تتوقف في سورية وغزة والضفة والقدس، وإن سياسته مسممة لمناخات المنطقة، وإنه يقود حكومة تتشبث بالاحتلال، وتغطي الاستيطان، وتمارس الانتهاكات في كل وقت.
وفي هذا السياق كله، يُطمئن بوتين صديقه نتنياهو أن حماية النظام ليس بالضرورة حماية دولةٍ تناصب إسرائيل العداء، أو إنقاذ نظام يفكر في قتال إسرائيل. ونتنياهو بدوره يعرف أن الديماغوجيا التي تثرثر ليل نهار عن محور المقاومة والممانعة فارغة وبلا مضمون، وهو لا يعيرها أية أهمية.
اللافت والمحزن أن دماء العرب، في لقاءاتٍ روسيةٍ كهذه مع العدو المحتل، لا قيمة لها. فقد جرى التركيز على نيرانٍ أطلقت من الحدود السورية، ولم تتسبب في خسائر في الأرواح، وعلى الرغم من ذلك، رآها الطرفان مدعاة للقلق. أما قتل الناس بالجملة في سورية، بسلاح روسي، ودفع الشعب السوري إلى الهجرة الجماعية المأساوية؛ فلم تهز ضمير بوتين، وبالطبع، هي تلقى كل ترحيب من نتنياهو. وبهذا الشكل من العلاقة بين الروس والمحتلين الصهاينة، ومع كل هذا التطمين الروسي لإسرائيل، والتنسيق لكي لا يكون هناك "سوء فهم بين القوات على الأرض"، ما زلنا نستمع إلى هذر السطحيين العرب الذين يدافعون عن نظام الأسد، ويتطلعون بعيون الرجاء إلى نظام بوتين.