عاش روبرتو بولانيو ومات وهو ضد الأسطرة والأيقنة. لم يترك أيقونة أدبية في تراث قارّته الجريحة، إلا وهدمها. من بابلو نيرودا إلى ماركيز، وبينهما أوكتافيو باث والجيل الذي أتى بعده.
أما على صعيد حياته الشخصية، فقد عاش صعلوكاً متشرّداً، ودفع ثمن خياره هذا كاملاً من صحته.
والأكيد أنه لم يكن ليخطر على باله يوماً أن يتحوّل هو بالذات إلى أسطورة. لكن ما حصل أن الإعلام الثقافي الأميركي بالتواطؤ مع الناشرين، تكفّل بالمهمّة، لغايات معروفة.
والحال أن الإعلام الثقافي في قارته وفي إسبانيا، تأثر بالإعلام الأميركي، وغدا يردّد ما يقوله.
وهكذا تخلّقت الأسطورة رغماً عن صاحبها.
صار بولانيو سلعة في السوق. هو الذي حارب بضراوة انتقال قيم السوق إلى الحقل الثقافي. المؤلم أن زوجته السيدة لوبيث استغلّت الوضع، كي يرتفع دخل العائلة. فانتبهت إلى مخطوطاته ـ وكان غزيز الإنتاج ـ لِتنشرها تباعاً (كل سنة، تقريباً، كتابا).
وبحسب المقرّبين منه، فإن هذه المخطوطات ليست إلا مسودات، لم يكن هو في وارد نشْرها أبداً.
فهل تكتفي وريثته بما فعلت وتكف عن نشر المزيد، وفاء لذكرى زوجها، وكي لا يُغدر به مرة أخرى في نومته الأبدية؟
نأْمُل!