يعتبر المفكر الفرنسي من أصل جزائري بيار رابحي أن "كوكب الأرض هو الواحة الوحيدة المتاحة للإنسان حتى الآن وسط صحراء فلكية واسعة، ورعاية كوكبنا واحترام سلامته وأشكال الحياة عليه، واستغلال موارده باعتدال، وبناء السلام بين البشر، هو المشروع الأكثر واقعية وروعة على حد سواء".
وينتقد المفهوم السائد في التعامل مع الأرض على أساس الإنتاج مقابل التدمير، ويعتبره مفهوماً يعرض الإنسانية لمجاعات لم يسبق لها مثيل، لافتاً للاستخدام المكثف للأسمدة الكيماوية والمبيدات والبذور المهجنة والمكننة المفرطة التي تلحق الضرر البالغ بالفلاحين والأرض الأم. كذلك يحذر من تعميم النموذج الصناعي الذي يقوم على مبدأ عدم الاكتفاء، والسعي وراء الربح غير المحدود، والوصول إلى مقدرات الطاقة والنفط والاحتياطات حتى استنزافها على آخرها، وبالتالي استنزاف الكوكب بذاته.
بيار رابحي ليس منظراً بيئياً فقط، بل هو مزارع في الأساس بنى أفكاره وطورها انطلاقاً من خبرته العملية مع الأرض. يعتبر أحد رواد الزراعة الإيكولوجية؛ أي العضوية، ومبتكر مفهوم "واحة في كل مكان"، ذلك الاكتشاف الذي توصل إليه في عام 1972 وطبق مبادئه بنجاح في التربة الجافة والصخرية. كذلك تحوّل اكتشافه إلى حركة سماها حركة الواحات في كل مكان في عام 1995، تقوم فيها الأنشطة والتبادلات بشكل يخدم مصالح الطبيعة والإنسان معاً، والتي على أساسها يعاد تشكيل الروابط الاجتماعية.
اقرأ أيضاً: تجمع دولي يبحث سبل القضاء على الجوع بحلول 2030
أطلق رابحي "الحركة من أجل الأرض والإنسانية"، كما أنشأ مؤسسة باسمه تهدف إلى بناء ورعاية الاستقلالية والأمان والأمن الغذائي للسكان. هي الدعوة للتحرك العاجل لوقف استنزاف موارد الأرض التي تؤدي إلى المجاعة والأمراض والتصحر والعنف وانعدام الأمن والتلوث. ويطرح السؤال أي كوكب سنتركه لأطفالنا؟ في إشارة للسلوك البشري الذي يمعن في تدمير الحياة على الأرض. كذلك يسأل أي أطفال سنتركهم على هذا الكوكب؟ في إشارة إلى ترسيخ مبدأ الاستهلاك والأخذ من الطبيعة واستنزاف قدراتها، بدل تعليم الأجيال طرق بناء علاقات تبادلية وتعاونية بين الإنسان والطبيعة.
ويعارض رابحي مبدأ قياس تطور الأمم وازدهارها وفقاً لناتجها القومي والإجمالي وأن تكون قوة المال هي التي تسيطر على المصير الجماعي، وكذلك قياس نجاح الأفراد بحسب مداخيلهم المادية وممتلكاتهم، في حين أن المال لا يمكنه تلبية جميع الرغبات ومنها الفرح والسعادة في الوجود.
اقرأ أيضاً: "الفاو": العالم يهدر 1.3 مليار طن من الغذاء سنوياً
يعتبر رابحي خبيراً دولياً في الأمن الغذائي والتصحر، أولى خطواته بعد أوروبا كانت في القارة السمراء، فقد طوّر أول برنامج زراعي في بوركينا فاسو، ودفعته التجربة إلى تأسيس مركز تدريب زراعي في أفريقيا في 1985، ومع اتساع دائرة عمله أنشأ برامج توعية وتدريب بخصوص "الوحدات الزراعية الأمثل" في كل من المغرب وفلسطين والجزائر وتونس والسنغال وتوغو وبنين وموريتانيا وبولندا وأوكرانيا. كذلك أطلق برنامج إعادة تأهيل واحة شنني قابس في تونس في عام 1992.
وبطلب من الأمم المتحدة، بات بيار رابحي في 1998 جزءاً من مشروع تطوير الاتفاقية الدولية لـمكافحة التصحر. واستمر في نشر فلسفته التي تقوم على إحياء الأرض والإنسانية. كما أطلق حملة إلكترونية في 2002 "غير تقليدية" لدعم طير الطنان. وفي 2004 أسس مشروع المدرسة في المزرعة، وهو واحة بكل معنى الكلمة ومختبر تجارب للمصلحة العامة.
اقرأ أيضاً: غابات العالم تتقلص والتصحر خطر على العرب