لم يصدر عن القمة العربية في البحر الميت، والتي اختتمت مساء اليوم الأربعاء، سوى "إعلان عمّان" الذي تلاه الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في الجلسة الثانية والأخيرة للقمة، والذي يعد بياناً ختاميّاً، يلاحظ أنه اختلف، إلى حد واضح، عن مشروع البيان الذي رفعه مندوبو الدول العربية في الجامعة، خصوصاً في ما يتعلق بإدانة التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية. ذلك أن "إعلان عمان" رفض كل التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية، من دون تسمية إيران، كما أنه دان "المحاولات الرامية إلى زعزعة الأمن، وبث النعرات الطائفية، والمذهبية، أو تأجيج الصراعات، وما يمثله ذلك من ممارسات تنتهك مبادئ حسن الجوار، وقواعد العلاقات الدولية، ومبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة".
وكان مشروع البيان، والذي اعتمده المندوبون، قد نصّ على إدانة تدخلات إيران باسمها، الأمر الذي غاب في "إعلان عمّان" الختامي، وهو ما يفسر انعدام أي تحفظ من أي دولة، وحيازة هذا الإعلان على الإجماع العام، ولم يكن مستبعدًا أن يبدي العراق ولبنان تحفظاتهما على إدانة مباشرة لإيران. ويمكن الاجتهاد بأن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية صاغت "إعلان عمان" بمشاركة أردنية، وبتنسيق مصري، من دون اكتراث سعودي، طالما أن مواقف الدول العربية غالبًا ما لا تتحدد أصلًا، بشأن إيران وغيرها، في بيانات قمم أو بيانات ختامية لأي اجتماعات.
وإذا كان لإيران أن ترفض، كما العادة، البند التاسع في "إعلان عمّان"، والذي يؤكد على سيادة دولة الإمارات العربية المحتلة على جزرها الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، فإنها مدعوة لالتقاط الرسالة العربية الهادئة إليها، كما تم التعبير عنها في البيان الختامي الذي صدر عن اجتماع القمة العربية، والذي شارك فيه العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، من بين 15 زعيماً عربياً.
ويذكر أن اللجنة الوزارية العربية المعنية بمتابعة تطورات الأزمة مع إيران، والتي تضم دولة الإمارات والبحرين والمملكة العربية السعودية ومصر، والأمين العام لجامعة الدول العربية، قد اجتمعت في منطقة البحر الميت، الإثنين الماضي، ودانت "استمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية". واعتبرت أن "ما تقوم به طهران من "تأجيج طائفي" يعيق جهود حل أزمات المنطقة". واعتمدت اللجنة توصيات فريق الخبراء على مستوى كبار المسؤولين، بهدف وضع خطة تحرك عربية من أجل التصدّي للتدخلات الإيرانية في المنطقة العربية. وثمّنت رد مجلس التعاون الخليجي الذي تضمنه خطاب أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، إلى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ودعت طهران إلى التعامل بإيجابية مع هذه المبادرة، تعزيزًا للأمن والاستقرار في المنطقة.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، في المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، عقب اختتام القمة أعمالها، إن العراق عادة ما يبدي تحفظه على بيانات اللجنة الرباعية.
وفي البندين الخاصين بالعراق واليمن خلا "إعلان عمّان" من أي إشارة ضمنية إلى "تدخلات إيرانية" في البلدين، على خلاف ما تدأب عليه خطابات مسؤولين عرب. وجاء في الإعلان: "نؤيد جميع الجهود المستهدفة إعادة الأمن والأمان إلى العراق، وتحقيق المصالحة الوطنية، عبر تكريس عملية سياسية، تثبت دولة المواطنة، وتضمن العدل والمساواة لكل مكونات الشعب العراقي، في وطن آمن مستقر، لا إلغائية فيه، ولا تمييز ولا إقصائية". وفي شأن اليمن، ساند "إعلان عمان" جهود التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وإنهاء الأزمة اليمنية، على أساس المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2219.
وفيما أبدى وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، ابتهاج بلاده بنجاح القمة التام، بحسب تعبيره، فلربّما يكون مردّ ذلك إلى غياب أي مشكلات أو خلافات أو مناوشات كلامية فيها، الأمر الذي ساعد بشأنه أن "إعلان عمّان" لم يغضب إيران، فلم يتحفظ أحد.