ليس انتقال ملكية بيوت الفنانين مجرّد إجراء في وثائق رسمية كبقية العقارات، إذ يتحوّل إلى هاجس يشغل المثقفين حيث يعبّرون عن تخوّفهم من طمس معالم هذه البيوت، وما تمثّله من ذاكرة جماعية، في حال حاول أصحابها الجدد البحث عن عائدات مالية من ورائها.
هذه الأيام ينشغل الرأي العام في إسبانيا بأمر انتقال ملكية بيت أبرز رسّامي عصر الباروك دييغو فلاسكيز (1599 -1660) في مدينة إشبيلية بعد إعلان مالكيه الحاليين؛ مصمّما الأزياء فيكتور كارو المعروف بـ "فكتوريو" وخوسيه ديل كورال المعروف بـ "لوتشينو"، إفلاسهما.
كان مصمّما الأزياء لوتشينو وفكتوريو قد جعلا من بيت فلاسكيز ورشة لهما منذ سنة 1980، وهو أمر لم يستسغه كثيرون وقتها، وثارت بعض السجالات حول من يمكن أن يملك بيوت الشخصيات العامة، وتهكّم بعضهم عن تحوّل "مرسم" إلى "ورشة خياطة". غير أن مصمّما الأزياء أثبتا أنهما يقدّران تاريخية المكان من خلال الاعتناء به، إضافة إلى كونهما كانا يفتحانه لزيارات السيّاح في أعياد إشبيلية.
ما يزيد من المخاوف أن أزمة لوتشينو وفكتوريو المالية قد تكون تسبّبت في قلّة الاعتناء بالبعد الأثري للبيت في السنوات الأخيرة، وهو ما يجعل تكلفة صيانته أكبر، وبالتالي فهو في الغالب سيؤول لمن يدفع أكثر، لذا فإن الجهود تنصبّ اليوم نحو المطالبة بتحويله إلى متحف.
غير أن هذا الخيار ليس من السهولة بمكان، إذ يتطلّب الأمر اقتناءَ البيت من قِبل بلدية إشبيلية والتي تبدو في حالة صمت حيال ما يدور حولها، ما يوحي بأنها عاجزة على هكذا رهان، في فترة تعاني فيها معظم بلديات المدن الإسبانية من صعوبات مالية بسبب سياسات التقشّف التي اتبعتها الحكومات منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008.
أمام هكذا وضع لا أمل للناشطين في إنقاد بيت فلاسكيز سوى أن يكون المالك الجديد محبّاً للفن، وأن يسمح لمحبّي الفنان الإسباني بزيارة بيته. لو لم تتوفّر هذه الشروط معاً، فلا يمكن توقّع ما سيؤول إليه المكان.