وجاءت تصريحات بيدرسون خلال إحاطة قدمها أمام مجلس الأمن الدولي، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، خلال جلسته الشهرية حول سورية.
وأكد المبعوث الأممي أن الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها سورية تؤثر على جميع أنحاء البلد، وليس فقط المناطق التي يسيطر عليها النظام. ووصف هذا التدهور بـ"الدرامي والسريع"، حيث انخفض سعر الليرة السورية خلال أسبوع واحد من الفترة التي تشملها إحاطته، على نحو لم ينخفض فيه خلال السنوات التسع الأخيرة مجتمعة.
وأشار إلى أن سعر العملة السورية ارتفع بعد ذلك، إلا أن تقلبات العملة والأسعار ما زالت حادة، حيث بلغ معدل التضخم مستويات الذروة في الأشهر الستة الماضية، مؤكدا أن تلك التقلبات تؤثر على جميع أنحاء سورية، وإلى أن "الأدوية أصبحت أكثر تكلفة وندرة".
وأضاف: "ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، وتعطلت سلسلة الإمدادات والتوريد، وتضاءلت القوة الشرائية للسوريين العاديين بشكل خطير، حيث إن الأجور، سواء الخاصة أو العامة، غير كافية إلى حد كبير لتلبية متطلبات الحياة اليومية"، مبرزا أنه قبل التطورات الاقتصادية الأخيرة كان قرابة ثمانين بالمائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، ورجح، في هذا السياق، أن تكون حدة الفقر أعلى الآن.
ولفت الانتباه إلى تقديرات برنامج الغذاء العالمي، والتي تشير إلى أن حوالي 9.3 ملايين شخص في سورية يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأكثر من مليوني شخص معرضون للخطر، وهذه زيادة تصل إلى حوالي 42 في المائة خلال العام الماضي.
وأشار بيدرسون إلى تحذير صدر عن المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي مؤخرا، مفاده أن استمرار تدهور الأوضاع في سورية قد يعني أن "المجاعة يمكن أن تطرق على الباب".
وذكر المبعوث الأممي المعاناة التي تعيشها النساء السوريات على وجه التحديد، حيث تقع على عاتقهن مسؤولية إعالة العديد من العائلات السورية بشكل أساسي، كما يجدن أنفسهن مضطرات إلى تحمل مسؤولية تقديم الرعاية لعائلاتهن داخل البيوت، في الوقت الذي يدعمن فيه أسرهن ماديا. وشدد على أن النساء في مجتمعات اللجوء يتعرضن كذلك إلى مخاطر بمستويات أعلى بسبب استغلالهن وسوء المعاملة.
وعن الاقتصاد كذلك، قال بيدرسون: "لقد تسبب الصراع المستمر منذ عقد في سورية في تدمير الشعب السوري وبيئته والبنية التحتية والنسيج الاجتماعي، وجميعها تشكل روابط الثقة التي يقوم عليها أي اقتصاد"، ثم قال إن الحوكمة الاقتصادية بسورية تتميز بسوء الإدارة المالية والنقدية والفساد.
وأوضح أن من العوامل الإضافية التي أثرت على تدهور الأوضاع الاقتصادية في سورية ودفعتها إلى حافة الهاوية الأزمة المصرفية اللبنانية، وتداعيات انتشار فيروس كورونا، والتدابير الاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بمكافحته.
وقال: "أحد العوامل الإضافية في هذا السياق هو العقوبات الكبيرة التي فرضتها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي"، وشرح أنها "تستهدف الأفراد والكيانات التابعة للحكومة أو المحسوبة عليها، وتقيد أيضا النشاط في القطاعات المالية والمصرفية والنفط والغاز والقطاع العسكري، وكذلك الصادرات، والإقراض المتعدد الأطراف والاستثمارات في سورية"، ثم لفت الانتباه إلى العقوبات الأميركية الإضافية التي ستدخل حيز التنفيذ بدءا من الأربعاء، وتهدف إلى ردع النشاط التجاري الأجنبي مع النظام السوري.
وعن الأوضاع على الأرض، تحدث عن الاحتجاجات التي يشهدها عدد من المدن في سورية، من بينها السويداء ودرعا وإدلب.
وحول الأوضاع في شمال غرب سورية، قال إن المنطقة تشهد هدوءاً عقب الاتفاق الروسي التركي، وعلى الرغم من ذلك "هناك بعض التطورات المقلقة". وأشار في هذا السياق إلى زيادة في القصف المتبادل، وتقارير عن تعزيزات عسكرية من الجانبين، وعن غارات جوية من قبل النظام السوري وحلفائه، وتقارير عن نزوح جديد للمدنيين.