دعا خبراء اقتصاد واتحادات عمالية وأحزاب سياسية، الحكومة المغربية، لتسهيل عملية بيع المصفاة الوحيدة لتكرير البترول في المملكة والمملوكة لمجموعة "سامير"، وذلك عبر توفير ضمانات تشجع المستثمر المحتمل على إعادة بعث التكرير.
وأكدت الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة، أنه كي يخاطر مستثمر بشراء "سامير" بقيمة تتراوح بين 2.5 و3 مليارات دولار، لا بد من ضمانات توفرها له الدولة، سواء عبر حمايته في السوق أو عبر تدابير جمركية.
وتوجد مجموعة سامير المالكة للمصفاة، رهن التصفية القضائية، منذ عامين ونصف، بعدما أغلقت في الخامس من أغسطس/ آب 2015.
ووصلت مديونية سامير إلى 4.3 مليارات دولار، علماً بأن الشركة كانت قد بيعت في إطار الخصخصة بنحو 450 مليون دولار.
وقدرت قيمة شركة "سامير" بنحو 2.16 مليار دولار، من قبل خبراء عينتهم المحكمة التجارية بالدار البيضاء، فيما قدروا قيمة المصفاة وحدها بنحو 1.49 مليار دولار، غير أن القاضي المفوّض عبّر عن تطلعه لبيع المجموعة بنحو 2.5 مليار دولار، مستنداً إلى تقييم مكتب دولي لقيمتها.
وقال الحسين اليماني، منسق الجبهة، التي تشكلت في الصيف الماضي، من خبراء وجمعيات أهلية واتحادات عمالية وأحزاب سياسية، في مؤتمر نظم مساء أول من أمس، بمدينة المحمدية، حول المحروقات، إن حوالي 30 مستثمرا عبروا عن اهتمامهم بمصفاة المغرب، ومنهم من قدموا عروضا لشرائها، إلا أن إنجاز العملية لا يمكن أن يتم دون تدخل الدولة.
ويذهب وزراء في حكومة سعد الدين العثماني، إلى أن الحكومة لا يمكنها أن تتدخل، ما دامت المصفاة تحت التصفية القضائية، غير أن مراقبين يعيبون على أولئك الوزراء، حديثهم عن تأمين الاستيراد لحاجيات المملكة من المحروقات، ما يقرأ على أنه تسليم بفقدان نشاط المصفاة.
وقد اعتبر وزير الشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، يوم الجمعة الماضية، أن المستثمر الذي سيسعى إلى شراء المصفاة، لا بد أن يتساءل عما إذا كان الاستهلاك المحلي، في مستوى ما ستوفره من محروقات، خاصة في ظل وجود مستوردين منافسين.
وعمد وزير الطاقة والمعادن، عزيز رباح، قبل أشهر إلى التأكيد على أن وضعية المصفاة حاليا لا تتيح الإنتاج، مشددا على أن التردد الذي يطبع سلوك المستثمرين، يعزى إلى كون إعادة بعث المصفاة سيقتضي استثمارات كبيرة.
غير أن اليماني، يذهب إلى أن المصفاة، قابلة للتشغيل، بعد ستة أشهر، في حال شرائها من قبل مستثمر جديد، حيث لن يقتضي الأمر سوى عملية صيانة بتكلفة حوالي 80 مليون دولار.
ويرى أن المصفاة ستكون أكثر تنافسية، عند عودتها للتكرير، مشيرا إلى أنها قادرة على توفير سولار بسعر يقل بدرهم واحد، عن السعر المعتمد في السوق، علما أن سعر اللتر الواحد حاليا وصل إلى 9.52 دراهم، أي حوالي دولار واحد.
ويعتبر الاقتصادي محمد بنموسى، عضو جبهة خبراء وجمعيات أهلية واتحادات عمالية وأحزاب سياسية لإنقاذ المصفاة، أنه لا غنى عن التكرير بالنسبة للتكرير، الذي تبناه المغرب في الستينيات من القرن الماضي، من أجل عدم الارتهان للتغيرات التي يعرفها سعر المكرر في السوق الدولية.
ويؤكد بنموسي أن دولا صاعدة غير منتجة للنفط، انخرطت في مشاريع لتكرير النفط من أجل تأمين حاجياتها من الطاقة، معتبرا أن رهان المملكة على الطاقة المتجددة، لا يلغي التركيز على النفط.
ويذهب القيادي في الاتحاد النقابي (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، عبد الغني الراقي، إلى أن عودة المصفاة، متعلقة بالقرار السياسي الحكومي، مشيرا إلى أن الجبهة، ستواصل سعيها لدى أصحاب القرار السياسي والأحزاب، من حشد الدعم لإعادة بعث شركة سامير.
وتظهر بيانات لمكتب الصرف المغربي (حكومي) أن قيمة مشتريات المغرب من منتجات الطاقة ارتفعت بنسبة 19.4% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، لتصل إلى نحو 6.37 مليارات دولار.
وذهب مجلس المنافسة، الذي عاد إلى العمل بعد أربعة أعوام من التجميد، في تقرير له في فبراير/ شباط الماضي، إلى أن المصفاة لم تكن تؤمن سوى 64 في المائة من حاجات السوق من المحروقات، بل كانت تلعب دوراً كبيراً في التخزين، بما يساعد على تأمين مخزون استراتيجي للمملكة.
وانتقد مجلس المنافسة الحكومة، بسبب تحرير سوق المحروقات، مع علمها المسبق بأن السوق سيحرم من المصفاة الوحيدة التي تتوفر عليها المملكة، والتي كانت تساهم في التوازن التنافسي وتزويد السوق والتخزين.