دخل عدد كبير من تجار دمشق في إضراب عن البيع بإغلاق محالهم احتجاجاً على استمرار حجز البضائع بمرفأ اللاذقية وتهاوي سعر صرف الليرة إلى نحو 600 ليرة للدولار.
ونقل مصدر من دمشق، أن معظم محال أسواق "الحميدية وباب الجابية والحريقة وعاصم" قد استمرت بالإغلاق منذ نهاية الأسبوع الفائت بحجة بدء نفاد بعض السلع وعدم قدرتهم على مجاراة ارتفاع الأسعار المتقلبة بحسب سعر الدولار يومياً .
ورغم تدخل المصرف المركزي بأربع جلسات مباشرة لبيع الدولار لشركات الصرافة، الأسبوع الفائت، وكسره السعر الرسمي من 600 إلى 580 ليرة للدولار الواحد إلا ان عدم الثبات ما زال هو الغالب على سعره .
وأضاف المصدر أن نسبة ارتفاع الأسعار خلال أسبوعين، زادت عن 60% لبعض المنتجات، كاللحوم والحلويات والقهوة، في حين ارتفع سعر السكر والأرز إلى 500 ليرة للكيلوغرام الواحد، مشيراً إلى قلة عرض الأواني المنزلية التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، على حد وصفه، بعد إحراق سوق العصرونية بدمشق، المتخصص بتلك السلع، الشهر الفائت .
بدوره، وصف عضو غرفة تجارة إدلب السابق، محمد العلو، إضراب محال دمشق "بالاحتجاج الدبلوماسي" الذي كرره الدمشقيون منذ تهاوي سعر الليرة مراراً، لعلهم يوصلون معاناتهم بتأمين البضائع وتبدل الأسعار لحكومة الأسد، رغم تأكدهم من عدم جدوى الإغلاق الذي كلل بمظاهرة قبل شهرين في سوق الحريقة وسط العاصمة السورية .
ويضيف العلو لـ"العربي الجديد" أن أسباب الغلاء لا ترتبط بأسعار الدولار فقط، بل بمنع مديرية الجمارك ووزارة الاقتصاد السورية، آلاف الأطنان من البضائع الواردة إلى مرفأ اللاذقية من الدخول للمنشآت الصناعية والمناطق الحرة، ما سبب نقصًا بالسلع في الأسواق وارتفاعًا في الأسعار، وخاصة تلك التي تزيد رسومها الجمركية على 5% أو 10% كالأجهزة الإلكترونية وبعض لوازم الصناعة.
وحول سؤالنا، لماذا لا نشهد ارتفاعات في مدن الساحل السوري كالتي نشهدها بدمشق، يجيب العلو: ببساطة لأن تجار اللاذقية يدخلون البضائع كما أن إجازات الاستيراد معظمها محصورة بهم .
وكانت وزارة الاقتصاد السورية قد منعت منذ شباط/فبراير الفائت، دخول 700 حاوية محجوزة في مرفأ اللاذقية غربي البلاد، بحجة عدم حصول المستوردين على إجازات استيراد، رغم سماحها بإدخال البضائع بهذه الطريقة منذ عام 2014، بعد دفع غرامة بمقدار 40 دولاراً على كل حاوية، كما يقول تجار سوريون .
وقال رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، غسان القلاع: إن الوسط التجاري يعاني من سلسلة من المشاكل تبدأ من إجازة الاستيراد إلى عملية تمويلها بأسلوب من الأساليب عبر المصارف من القطاع العام أو الخاص إلى إجراءات تخليص البضائع المستوردة.
وأشار القلاع خلال تصريحات صحافية سابقة، إلى أن التجار ليسوا مسؤولين عن ارتفاع سعر صرف الدولار حيث إن السعر المتغير للصرف ينهك التجار، مضيفاً، أنه عندما يقوم التاجر بالتعويض عن تقلبات سعر الصرف بوسائله الخاصة والحفاظ على رأس ماله لن تصدقه وزارات المالية والتموين.
ويرى الاقتصادي السوري المقيم باسطنبول، حسين جميل، أن المستهلك هو من يدفع ثمن عدم قدرة نظام الأسد على تحسين سعر الليرة وتثبيت سعر الصرف، ويتكبد بالوقت نفسه عبء زيادة فاتورة الأسعار التي يفرضها التجار الذين تتغير عليهم أسعار المستوردات كل يوم، على حسب سعر الصرف وتوفر المواد.
وتوقع جميل خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن تعاود الليرة السورية سلسلة تهاويها بمجرد توقف المصرف المركزي عن بيع الدولار للشركات بسعر التدخل، لأن السوق عطشى وفقد السوريون ثقتهم بالليرة، ما يعني أن السوريين سيشهدون خلال شهر رمضان المقبل، ارتفاع أسعار كبيراً محسوباً على أساس الدولار، مشفوعاً بتوسع دائرة إضراب المحال التجارية، لأن التاجر لا يعمل بخسارة وكل الظروف وفوضى الأسواق بسورية، تدفعه للإفلاس .