انتقلت المعركة بين المغرب والجزائر بخصوص ملف الصحراء، من جلسات مجلس الأمن الدولي في نيويورك، إلى أروقة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، الذي يشهد حالياً انعقاد دورته التاسعة والعشرين، في الفترة الممتدة بين 15 يونيو/حزيران الحالي إلى 3 يوليو/تموز المقبل.
وتناقش الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان عدداً من قضايا حقوق الإنسان، مثل حقوق الطفل، والمرأة، وحقوق المهاجرين، وذوي الاحتياجات الخاصة، والحق في الغذاء، والسلام، كما تناقش دورة المجلس، أوضاع حقوق الإنسان في عدد من الدول، وتستمع إلى تقارير المقررين الخاصين بتلك الدول.
واستعرت المعركة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، التي تدعم مطالب "جبهة البوليساريو" بانفصال الصحراء عن المملكة، داخل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف، من خلال محاولة كل طرف طرح وجهة نظره الخاصة بشأن نزاع الصحراء. وفي وقتٍ تراهن فيه الجزائر على إثارة الوضع الحقوقي في المنطقة، تسعى الرباط إلى كسب ثقة المجلس.
وفيما كانت الدبلوماسية الجزائرية، بجانب حليفتها جنوب أفريقيا، تسعى في أروقة واجتماعات أعضاء مجلس الأمم المتحدة بجنيف، إلى دفع المفوض السامي المكلف بحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، إلى إثارة ملف الصحراء ضمن تقريره، تفادى هذا الأخير الخوض في الملف.
اقرأ أيضاً: المغرب يرفض التدخل الأفريقي في ملف الصحراء
ويشير الخبير الاستراتيجي في قضايا الساحل والصحراء، عبدالفتاح الفاتحي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إلى أن "المعركة الدائرة اليوم في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، بين المغرب والجزائر، هي استمرار متصاعد لسلسلة المعارك الدبلوماسية في مجلس الأمن الدولي حول نزاع الصحراء".
وأضاف الفاتحي، أن "في خلفية المعركة الدبلوماسية الطاحنة بين البلدين الجارين، محاولة لاستعراض الذات من أجل زعامة تمثل أفريقيا في حوار جنوب شمال، إذ يسعى المغرب إلى فرض سياسته بشكل واضح في هذا الاتجاه، بعد سلسلة الزيارات الأفريقية للملك محمد السادس إلى أفريقيا".
ويتابع المحلل، بأن "هذه الحرب ستظلّ مستعرة امتداداً لهجوم الجزائر على الوحدة الترابية للمغرب في قمة جوهانسبرغ، وسعيها المتواصل إلى إنهاك المغرب بورقة حقوق الإنسان في الصحراء، كمدخل لاستعادة التوازن إلى موقفها التفاوضي، وموقف البوليساريو من قضية الصحراء".
واعتبر الفاتحي أن "ما يجري حرب دبلوماسية وإعلامية ستزداد حدتها في المستقبل إلى حين ترتيب لقاء مباشر بين البلدين، لحل عدد من القضايا الاستراتيجية، ولا سيما التوافق حول تدبير طموحاتهما الجيوسياسية في المنطقة المغاربية، وفي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء".
وأورد الفاتحي أن "انفتاح المغرب على العديد من البلدان الأفريقية، عبر خطة للتعاون الاستراتيجي الذي يرتكز على صيغة رابح ـ رابح، مع فصل التعاون السياسي عن العلاقات الاقتصادية، يعكس فلسفة جديدة للمملكة في التعاون بين دول الجنوب"، وفق تعبيره.
واعتبر أن "زيارات العاهل المغربي لدول أفريقية، من قبيل جولته الأخيرة إلى السنغال، وغينيا بيساو، والغابون، هددت استفراد الجزائر بمنظمة الاتحاد الأفريقي وتوظيف مواقفه السياسية ضد المغرب في المحافل الدولية"، مشيراً إلى أن الجزائر من جهتها استشعرت إنهاكاً اقتصادياً وسياسياً من استمرار أمد نزاع الصحراء". وتوقع بأن "لا تتراجع حدة الحرب الدبلوماسية بين البلدين قريباً، لأن وجهات النظر بين الجارين متباينة بشدة بعد توقف الاجتماعات الدورية المتبادلة لوزراء البلدين".
اقرأ أيضاً مجلس الأمن يُرضي المغرب ويُغضب البوليساريو: أسئلة الحياد