يرى مراقبون في المغرب، أنّ اختيار الملك الإسباني الجديد، فيليبي السادس، الذي سينصب ملكاً خلال الأيام المقبلة، المغرب كأول بلد عربي يزوره، إلى جانب كل من فرنسا والبرتغال، يؤشر إلى رغبة العائلة الملكية الإسبانية بالاستمرار في الحفاظ على العلاقات التاريخية بين الرباط ومدريد.
وأفادت صحف إسبانية، مقربة من القصر الملكي، بأن الملك، خوان كارلوس، قد يكون أسرّ إلى عدد من زعماء الدول الصديقة لبلده، ومنهم ملك المغرب، بدنوّ موعد تنازله عن العرش لصالح نجله الأمير فيليبي، لكن من دون أن يحدد موعداً زمنياً لذلك.
وذكّرت الصحف الإسبانية بزيارة خوان كارلوس إلى المغرب، في يوليو/ تموز الماضي، حين استقبله العاهل المغربي بحفاوة بالغة، برفقة أفراد أسرته، ورجحت صحف أن يكون الملك الإسباني قد أخبر محمد السادس، وقتها، بعزمه التنازل عن العرش.
واستدل مراقبون على ذلك بأنه بُعيد تلك الزيارة، أقدم المغرب على عدد من التدابير، من أجل مساعدة العائلة الملكية الإسبانية على انتقال سلس للعرش، والمحافظة بذلك على استقرار العلاقات الثنائية بين البلدين.
ومن بين الإجراءات التي قام بها المغرب، وقف المطالبة بتحرير مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، الخاضعة للسيادة الإسبانية، وأيضاً مساعدة مدريد في صدّ المهاجرين "غير الشرعيين"، من خلال بناء سور شائك بشفرات حادة لمنع المتسللين إلى كل من سبتة ومليلية.
ويقول الاختصاصي في العلاقات المغربية ـ الإسبانية، الدكتور سمير بنيس، لـ"العربي الجديد"، إنه "يتعين على المغرب الاستمرار في عدم إدراج سبتة ومليلية في أجندة العلاقات بين البلدين، وترك هذا الموضوع الشائك للمستقبل عندما تكون الظروف ملائمة".
ولفت بنيس إلى أن العلاقات بين الرباط ومدريد، تشهد طفرة نوعية، على الرغم من عودة الحزب الشعبي اليميني إلى الحكم في مدريد، كما أن إسبانيا تتتبع نهج الحياد الإيجابي لصالح المغرب في قضية الصحراء، وتدعم، ضمنياً، مقترح الحكم الذاتي المغربي.
وشدد المحلل نفسه على أنه "لأسباب سياسية موضوعية، لا يمكن للمغرب اللّعب على واجهتين، والمطالبة باسترجاع سبتة ومليلية، في الوقت الذي لم يستطع إلى حد الآن التوصل لحل لنزاع الصحراء.
ويشرح بنيس بأنه إذا قام المغرب بالمطالبة بهاتين المدينتين، في هذه الفترة بالذات، فمن شأن ذلك أن يؤثر بشكل سلبي على العلاقات بين البلدين، مما قد يدفع إسبانيا إلى تبني موقف معاد للمغرب تجاه قضية الصحراء.
ولفت بنيس إلى أن إسبانيا تُعَدّ من بين الدول المرشحة لشغل مقعد في مجلس الأمن عامَي 2015 و2016، وفي حال فوز إسبانيا بهذا المقعد، فسيكون المغرب بحاجة ماسة إلى دعمها في مجلس الأمن، للدفع نحو التوصل إلى حل سياسي للنزاع يتماشى مع المصالح المغربية.
وأوضح بنيس أن المغرب قد يحتاج إلى دعم إسبانيا لتفادي أي تسييس لمسألة حقوق الإنسان بالصحراء الغربية، وخصوصاً أن إسبانيا تُعتبر من بين الدول المنتمية لـ"مجموعة أصدقاء الصحراء"، المكونة من كل من فرنسا والولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة.