وداع
(إلى الشاعر السوري صالح)
شِعرنا هو
آخر أغنيةٍ حالمةٍ
على عجلٍ غنّاها
رأسٌ على سكّةِ الحديد
وهو يصغي إلى هديرِ
قطارٍ آتٍ
قبيل أن يسحقَ
الفولاذُ حنجرته.
■ ■ ■
مناقشة الحُبّ
تسألوني، يا أصدقاءُ، لماذا
لم تعدْ تُكتَبُ
قصائدُ الحب؟
أجيبُ: لأننا نناقش الحب.
انظروا في الدخيلة: كلُّ رجلٍ
يترقّبُ أن يكون النسيمَ
فوق الأزهار، وكلُّ امرأةٍ،
أن تكون ضوءَ القمر فوق البحيرة.
لا يولِّدُ التفكيرُ شيئاً،
وبالتأكيد، لا يولّد الحياة.
أنا أحبُّ،
إذاً أنا موجود.
■ ■ ■
كونغو – كونغو
(إلى غابرييل أوكوندجي، شاعر من الكونغو)
من غابة المجاز،
من عبوره نهر الأخيلة
جاعلاً من جسده سماءً
ببقعه المرصعة بالنجوم، مع الخطوات
الواسعة للعاصفة،
من نظرته التي تدربت على فريسته،
وذاكرة قبيلته التي خُطَّتْ على ظهره،
من هدير النار المسعورة في أحشائه
وعهْد الفولاذ في قلبه
يأتي
شِعرُ الكونغو.
■ ■ ■
الشِّعر الميت
حين تموت قصيدة،
احرصْ على دفنها عميقاً،
قبل أن تعديَ الجراثيمُ
كاملَ اللغة.
ليس طوق أزهار
ما تحتاجه، بل إكليل عزاء.
لن تكون حطباً للنار،
ولا زيتاً للغد.
سنحتاج إلى قصائدَ أخرى
كي نطهو أرزنا
ونسيِّرَ مركباتنا.
في حقيقة الأمر، ثمة تلك القصائد
التي تتصرف كالمواليد الجدد
إذ قامت في الخفاء
من قبورها.
انظر إليها عن كثب:
جلد متغضّن، أعين مغمضة،
أنفاس ساكنة، وقلب هامد.
ورائحة الأمس
البشعة.
تنوءُ كلّ يوم أكثرَ تحت ثقل ما نكدِّسه
فوقها من الجوائز علّها
لا تنهض آناءَ الليل
فتنشب أنيابها
في الحناجر الغضّة
للقصائد الفتيّة.
■ ■ ■
القصيدة التي لـمّا تُكتَب
أنا القصيدةُ
التي لمّا يكتبْها أحد من قبلُ.
وصلتُ رؤوس أصابعِ
كثيرِ الشعراء
لكني نكصتُ إلى الحلم
مثل حبٍّ دفين
كما كنتُ، دون مخطوط.
لستُ أَرهَبُ اللغةَ
طالما تحتوي صيغةَ فعلٍ في زمن المستقبل.
ويوماً، سأجد مفرداتي:
طفلاً مشدوهاً
سيبصر شراعاً
يُرخى ويرتفع بطيئاً
في سماء صفحة شاغرة
تحت نجمة وليدة.
* يقف ك. ساتشيداناندان K Satchidanandan في طليعة شعراء الهند اليوم. يكتب بلغة المالايالم التي باتت تتمتع بمكانة اللغة الكلاسيكية في الهند منذ 2013 ويكتب النقد بالإنكليزية. كان أول إصدارات ك. ساتشيداناندان كتاباً نقدياً عن الشعر (1970)، لينشر بعد ذلك بعام أولى مجموعاته الشعرية "خمس شموس"، ومن مؤلفاته الأخرى: "الأشياء في غير محلها" و"تجربة، ذاكرة، سفر".
** ترجمة عن الإنكليزية: أحمد م. أحمد