نحتاج مؤرخاً ثقافياً يشرح لنا سبب عدم تأثر الموسيقى العربية المعاصرة بالموسيقى الفارسية، أو الموسيقى الإيرانية الحديثة. ظهرت في المنطقة عشرات وربما مئات فرق "الروك"، في حين لم تظهر فرقة عربية واحدة تستلهم التخت الموسيقي الفارسي.
كل هذا التاريخ والمؤثرات المشتركة بيننا وبين إيران تجعل هذا الاستغراب مضاعفاً. ففي حين تأثرت حياتنا الموسيقية المعاصرة بأنماط الموسيقى الغربية بشكل زائد وفج أحياناً؛ نجدها موصدة أمام أي تأثير موسيقي إيراني.
بالطبع هذه الفجوة والجفوة لا تقتصران على الحقل الموسيقي وحده، كما أن هذا السؤال يمكن أن يُطرح معكوساً على الثقافة الإيرانية المعاصرة في علاقتها بالثقافة العربية.
لا يمكن لغير المعجبين بسياسة إيران أن يضعوا التفسير هناك، فنحن منذ قرن كامل نغرف بشهية فائقة من ثقافة الغرب الاستعماري، واستطعنا أن نقيم نوعاً من التحييد الضروري للآداب والفنون، باعتبارها خطاب إنسان لإنسان يتجاوز الحدود الهوياتية ومزالقها، في حين أن إيران رغم ما يشوب علاقتها بالمنطقة العربية، هي جارة شقيقة يجمعنا بها إرث لا سبيل إلى تجاهله.
وفي غمرة التحشيد المذهبي المبتذل الذي يعمّ المنطقة، فإنّ سماع مقطوعة أو أغنية من إيران تغني عن كثير من التنظير. جزء من تاريخنا عندهم وجزء من تاريخهم عندنا، أما المستقبل فهو على الدوام سجادة عجمية أو بساط عربي يشارك الجميع في حياكته.