في الكويت، كشفت مصادر مرافقة للوفدين المشاركين في المحادثات لـ"العربي الجديد"، أن "الجلسة الثانية التي عُقدت صباح أمس، طغت عليها الخلافات والمشادات الكلامية، بوتيرة أكبر ممّا كانت عليه في أولى الجلسات يوم الجمعة، والتي قال المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إنها عُقدت في أجواء إيجابية".
ووفقاً للمصادر، فقد طالب الوفد الحكومي الذي يترأسه وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، بـ"تنفيذ إجراءات بناء الثقة، التي جرى التوافق عليها في ختام محادثات سويسرا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وفي مقدمتها إطلاق سراح أبرز المعتقلين، منهم وزير الدفاع محمد ناصر أحمد، وكذلك السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المدن، وتعز تحديداً، والالتزام بوقف إطلاق النار. على أن يتمّ بعدها البدء بنقاش القضايا المطروحة على جدول الأعمال، بالترتيب، بدءاً من انسحاب المليشيات من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة ومؤسسات الدولة إلى الحكومة الشرعية، ثمّ التوجه إلى حوار سياسي بين مختلف الأطراف".
من جهتهما، تمسك وفدا جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب "المؤتمر الشعبي العام"، بقيادة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، بأولوية "وقف إطلاق النار" على ما عداه. كما ركزا على "أهمية وقف الضربات الجوية للتحالف العربي وكذلك تحليق الطائرات الحربية"، مع إهمال الخروقات الميدانية التي ترتكبها قواتهم، وخصوصاً في محافظة تعز، وسط البلاد، بحسب مصدر حكومي من وفد الشرعية.
وأكد المصدر أن جلسة صباح أمس، شهدت مشادة وتوتراً كبيراً بين الوفدين، ما اضطر المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى رفعها وعقد لقاءات منفردة مع الوفدين بهدف تلطيف الأجواء.
وأصرّ الوفد الحكومي خلال الجلسة الصباحية، على ضرورة المضي في المشاورات عبر تراتُبية معينة مقترحة في مخرجات محادثات مدينة بال السويسرية، التي جرت منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والمتعلقة بثلاث نقاط متعلقة بإجراءات بناء الثقة والمتمثلة بـ"وقف إطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين، وفتح الممرات إلى المدن المحاصرة"، على أن تمضي ثلاثتها بـ"التوازي"، وفقاً لمصادر وكالة "الأناضول". كما طالب الوفد الحكومي أن يتم الانتقال بعد ذلك إلى نقطتين من النقاط الخمس، وهي الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة، ثم بعد ذلك يكون الذهاب للنقاش في الجانب السياسي والترتيبات لعودة المسار السياسي، فيما تمسك الحوثيون بالإجراءات السياسية والاتفاق على الشراكة في المقام الأول، ووقف غارات التحالف العربي.
وتنص النقاط الخمس على "الاتفاق على إجراءات أمنية انتقالية، وانسحاب المجموعات المسلحة، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة، وإعادة مؤسسات الدولة، واستئناف حوار سياسي جامع، وإنشاء لجنة خاصة للسجناء والمعتقلين".
ووفقاً للمتحدث الرسمي باسم الجماعة، رئيس وفدها إلى مفاوضات الكويت، محمد عبد السلام، فإن "وقف الحرب وكافة أشكال الأعمال العسكرية، هي الأولوية التي يطالب بها شعبنا اليمني". كما تحدثت مصادر مقرّبة من الحوثيين، عن أن "ولد الشيخ طرح على الوفدين مقترحاً بإصدار بيان يدعم تثبيت وقف إطلاق النار"، وأشارت إلى أن "الطرف الآخر رفض الموافقة على ذلك". إلا أن مصادر مرافقة للوفد الحكومي ذكرت لـ"العربي الجديد"، أن "الوفد لم يرفض، بل اقترح إضافات على البيان، منها إطلاق سراح المعتقلين". وقد استمر الخلاف حول ذلك. وعقب الجلسة الأساسية، عُقدت جلسة مسائية أخرى بين رؤساء الوفدين، ركّزت على وقف إطلاق النار.
ويتمحور الخلاف حسب مصادر مقربة من الطرفين، حول ترتيب النقاط الخمس المطروحة لعناوين النقاش، والتي جدد المبعوث الأممي التأكيد على تركيز المفاوضات عليها وأنها منطلقة من قرار مجلس 2216، فيما تقول الحكومة إن تنفيذها يجب أن يتم بالترتيب بدءاً بالانسحاب من المدن ومؤسسات الدولة، ويقول الحوثيون إنها يجب تبدأ بوقف إطلاق النار والحوار السياسي.
وعلى الرغم من استمرار الخلافات التي عادت إلى ملفات الجولة السابقة من المحادثات، وتحديداً في ما يخص المعتقلين، إلا أن آمالاً حذرة لا تزال ترافق انعقادها، وذلك على ضوء التقدم الذي أحرزته التفاهمات السعودية الحوثية المباشرة، وكذلك اتفاقات وقف إطلاق النار التي جرى التوقيع عليها في مدينة ظهران الجنوب، في السعودية.
ميدانياً، تصاعدت التحركات العسكرية للقوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي ضد تنظيم "القاعدة" في جنوب اليمن، وتقدمت قوة عسكرية من جهة عدن صوب مدينة زنجبار، مركز محافظة أبين، لتحريرها من مسلحي التنظيم الذين يسيطرون عليها منذ أشهر.
وأفادت مصادر محلية في أبين لـ"العربي الجديد"، بأن الحملة التي وصلت أمس إلى مدخل زنجبار جاءت بالترافق مع تكثيف الضربات الجوية التي استهدفت أكثر من مرة خلال الأيام الماضية، مقرات ومزارع يُعتقد أن التنظيم يستخدمها لأغراض عسكرية، ولم ترد تفاصيل دقيقة حول حصيلة الضحايا نتيجة المواجهات والضربات الجوية.
وجاء توجّه القوات الحكومية صوب زنجبار، بعد أن تمكنت خلال الأسابيع الماضية من تحرير مدينة الحوطة، مركز محافظة لحج، فيما انسحب مسلّحو "القاعدة"، ومن خلال هذه التحركات تسعى القوات الحكومية المدعومة من التحالف إلى تأمين المدخل الشرقي والشمالي لمدينة عدن، مع استمرار الضربات الجوية وتواتر الأنباء عن استعدادات لعملية عسكرية لاستعادة مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت (شرقي اليمن)، التي تشهد منذ أيام حالة من الاستنفار العسكري للسلطات الشرعية، يقابله تحرك مضاد لتنظيم "القاعدة".
ووصلت يوم الجمعة حوالى 17 آلية مدرعة وأطقم عسكرية إلى قيادة المنطقة العسكرية الأولى بمدينة سيئون، بدعم من قوات التحالف العربي. وقال مصدر عسكري لـ"العربي الجديد"، إن "دعم التحالف يأتي لتعزيز إمكانيات قوات الجيش المرابطة في مديريات وادي حضرموت وأجزاء من المهرة في مواجهة "القاعدة" وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) اللذين زاد نشاطهما أخيراً في المحافظة. وخلال الأسبوع الماضي وصلت إلى منطقة المسيلة النفطية، عشرات الآليات العسكرية ومئات الأفراد آتين من معسكر تابع للتحالف العربي في منطقة رماه الصحراوية، بالقرب من الحدود السعودية. وعلى مدى عدة أشهر تم تدريب الآلاف من شباب المحافظة في هذه المعسكرات بإشراف ضباط سعوديين وإماراتيين.
في هذه الأثناء، هدّد تنظيم "القاعدة" منتسبي معسكرات التحالف العربي، معتبراً أنهم سيكونون وقوداً للحرب وضحايا لأطماع من فتح هذه المعسكرات. وذكر التنظيم في بيان أن "هذه المعسكرات لا تجند الجنود لقتال الحوثي ولا للدفاع عن أهل السنة، وإنما هدفها أن يقتل أبناء حضرموت بعضهم بعضاً، وليتخذوا من أبنائنا وقوداً للحرب، ومن أرضنا ميداناً لها، ومن خيرات أرضنا أزواداً للقائمين بها". ويأتي البيان التحذيري بعد أيام من اعتقال التنظيم ما يقارب 70 شاباً من منتسبي هذه المعسكرات من مناطق المكلا وساحل حضرموت كانوا في طريقهم من وإلى المعسكرات، بحسب مصدر في التنظيم تحدث لـ"العربي الجديد".
في تعز، كشفت مصادر محلية في المحافظة، أن "حمزة المخلافي، شقيق قائد مقاومة تعز، حمود المخلافي، قُتل في قصف حوثي على بعض مواقع الجيش والمقاومة".