منذ 11 سبتمبر 2001، تطغى صورة التعامل الأمني الغربي مع ملايين المواطنين العرب والمسلمين. بعد كل هجوم، ولو تبين أنه فردي غير ذي صلة حتى بالحركات العنفية الجهادية وما شابه ذلك، نكتشف المزيد من التشدد الأمني-البوليسي بوضع مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين على امتداد دول، تحت طائلة الشبهة. حدث هذا بعد تفجير ماراثون بوسطون، ووصل أوجه في شهر يناير/كانون الثاني بعد هجوم "شارلي إيبدو".
التركيز مرة أخرى بعد هجوم كوبنهاغن الفردي، الذي نفذه شاب من أصول عربية، مولود في الدنمارك، على نقاش يشبه نقاش الأنظمة الشمولية عن "البيئة الحاضنة" لما يطلقون عليه "الإرهاب"، يفتح الباب مرة أخرى على مسائل الهوية والمواطنة على وقع حالة من التخويف من المسلمين، وكأنهم يكتشفون الآن، ولم يكونوا طيلة عقود جزءا من تركيبة تلك المجتمعات.
إننا أمام جاليات تعيش تحت وطأة التحريض. أمر لا تخفيه مناقشات الصحافة والأحزاب اليمينية المتطرفة في رفضها لوجود هؤلاء العرب والمسلمين تحت سقف ذات المواطنة وحماية حقوقها المدنية بالقوانين والدساتير. والمذهل أن حكومات غربية، وخصوصا أوروبية، تسرع بعد كل أزمة إلى عقد مؤتمرات واستصدار تشديدات على قياس اليمين القومي المتطرف.
عناوين كثيرة تحملها تقاطعات المواقف، لكن ربما أكثرها تأثيرا يكمن في الآتي:
- موازنات أمنية إضافية لأجهزة استخباراتية، مدنية وعسكرية، موجهة في الأساس للعمل "الوقائي الداخلي". الأموال المخصصة هي من جيوب دافعي الضريبة، وفي عدمية سياسة اليمين المتشدد تصبح تلك الأموال المخصصة لمشاريع يتقدم بها بنفسه "مرهقة للمواطنين". ثم تستخدم في مزيد من التحريض على "الأجانب" (الذين هم مواطنون أيضا)، بحجة أنهم: "يدفعوننا نحو مصروفات يمكن استخدامها في نواح أفضل للمواطنين".
- تسابق سياسي-استخباراتي نحو "صناعة إسلام محلي"، وهو مقترح تعمل عليه حكومة الدنمارك. هو أيضا يتطلب مصاريف إضافية تستغلها صحافة اليمين وساستهم للإشارة إلى التكلفة المادية لوجود المسلمين في المجتمعات تلك.
- منع "الجنوح نحو التشدد بين الشباب"، وهي صيغة فضفاضة في السياقات الانتخابية والتنافس الحزبي عما يمكن فعله بمزيد من "المراقبة الأمنية وبنشر آلاف الكاميرات" في التجمعات التي تقطنها جاليات مسلمة وعربية.
لا يحتاج الأمر إلى عظيم جهد في دول أوروبية كثيرة، لاكتشاف الصيغ الأمنية البعيدة كل البعد عن مشاريع بديلة لتلك التي فشلت اجتماعيا في الدمج.
هناك منظمات وأحزاب يسارية ومؤسسات جاليات وعلماء اجتماع يعيدون التذكير بأن لسان حال الشباب من الجيلين الثاني والثالث يطالب بالإقلاع عن التعامل معهم كزوائد وهوامش في مجتمعاتهم. بدءا من سياسات منع التمييز في التوظيف والسكن وانتهاء بالاعتراف بثقافة خاصة بهذا الجيل، وهي في عرف علماء الاجتماع لا تختلف كثيرا عن حالة نشأت مع ثورة الشباب في نهاية الستينيات. وهذا بالتأكيد لا يبرر اللجوء إلى العنف والسلاح في دورة استلهام لهما تنتقل من دولة إلى أخرى.
دول الرفاهية التي تسمح بوجود اكتظاظ سكاني في الضواحي، مع انتشار السلبية والعزلة والتهميش، والتركيز على الصورة النمطية عن شبابها، مع غياب الحوار الحقيقي وترك الخيال العنصري واليميني لفرض الأجندات الاجتماعية-السياسية، لن تحل مشكلة التسرب التعليمي والبطالة والغربلة حسب الاسم والانتماء الثقافي.
صنعت في فرنسا وغيرها من دول أوروبا أفلام سينمائية ووثائقية وكتبت دراسات عن خطورة التمييز. وحين يصبح بعض شباب الضواحي بلا أمل في وظيفة ومستقبل وتركيز إعلامي على الحالات السلبية وتقديمها كظاهرة، فنحن سندور في حلقة مفرغة لا تكسر بالرقابة الأمنية ولا باكتظاظ السجون بمراهقين وشبان فقدوا الأمل في المستقبل.
التركيز مرة أخرى بعد هجوم كوبنهاغن الفردي، الذي نفذه شاب من أصول عربية، مولود في الدنمارك، على نقاش يشبه نقاش الأنظمة الشمولية عن "البيئة الحاضنة" لما يطلقون عليه "الإرهاب"، يفتح الباب مرة أخرى على مسائل الهوية والمواطنة على وقع حالة من التخويف من المسلمين، وكأنهم يكتشفون الآن، ولم يكونوا طيلة عقود جزءا من تركيبة تلك المجتمعات.
إننا أمام جاليات تعيش تحت وطأة التحريض. أمر لا تخفيه مناقشات الصحافة والأحزاب اليمينية المتطرفة في رفضها لوجود هؤلاء العرب والمسلمين تحت سقف ذات المواطنة وحماية حقوقها المدنية بالقوانين والدساتير. والمذهل أن حكومات غربية، وخصوصا أوروبية، تسرع بعد كل أزمة إلى عقد مؤتمرات واستصدار تشديدات على قياس اليمين القومي المتطرف.
عناوين كثيرة تحملها تقاطعات المواقف، لكن ربما أكثرها تأثيرا يكمن في الآتي:
- موازنات أمنية إضافية لأجهزة استخباراتية، مدنية وعسكرية، موجهة في الأساس للعمل "الوقائي الداخلي". الأموال المخصصة هي من جيوب دافعي الضريبة، وفي عدمية سياسة اليمين المتشدد تصبح تلك الأموال المخصصة لمشاريع يتقدم بها بنفسه "مرهقة للمواطنين". ثم تستخدم في مزيد من التحريض على "الأجانب" (الذين هم مواطنون أيضا)، بحجة أنهم: "يدفعوننا نحو مصروفات يمكن استخدامها في نواح أفضل للمواطنين".
- تسابق سياسي-استخباراتي نحو "صناعة إسلام محلي"، وهو مقترح تعمل عليه حكومة الدنمارك. هو أيضا يتطلب مصاريف إضافية تستغلها صحافة اليمين وساستهم للإشارة إلى التكلفة المادية لوجود المسلمين في المجتمعات تلك.
- منع "الجنوح نحو التشدد بين الشباب"، وهي صيغة فضفاضة في السياقات الانتخابية والتنافس الحزبي عما يمكن فعله بمزيد من "المراقبة الأمنية وبنشر آلاف الكاميرات" في التجمعات التي تقطنها جاليات مسلمة وعربية.
لا يحتاج الأمر إلى عظيم جهد في دول أوروبية كثيرة، لاكتشاف الصيغ الأمنية البعيدة كل البعد عن مشاريع بديلة لتلك التي فشلت اجتماعيا في الدمج.
هناك منظمات وأحزاب يسارية ومؤسسات جاليات وعلماء اجتماع يعيدون التذكير بأن لسان حال الشباب من الجيلين الثاني والثالث يطالب بالإقلاع عن التعامل معهم كزوائد وهوامش في مجتمعاتهم. بدءا من سياسات منع التمييز في التوظيف والسكن وانتهاء بالاعتراف بثقافة خاصة بهذا الجيل، وهي في عرف علماء الاجتماع لا تختلف كثيرا عن حالة نشأت مع ثورة الشباب في نهاية الستينيات. وهذا بالتأكيد لا يبرر اللجوء إلى العنف والسلاح في دورة استلهام لهما تنتقل من دولة إلى أخرى.
دول الرفاهية التي تسمح بوجود اكتظاظ سكاني في الضواحي، مع انتشار السلبية والعزلة والتهميش، والتركيز على الصورة النمطية عن شبابها، مع غياب الحوار الحقيقي وترك الخيال العنصري واليميني لفرض الأجندات الاجتماعية-السياسية، لن تحل مشكلة التسرب التعليمي والبطالة والغربلة حسب الاسم والانتماء الثقافي.
صنعت في فرنسا وغيرها من دول أوروبا أفلام سينمائية ووثائقية وكتبت دراسات عن خطورة التمييز. وحين يصبح بعض شباب الضواحي بلا أمل في وظيفة ومستقبل وتركيز إعلامي على الحالات السلبية وتقديمها كظاهرة، فنحن سندور في حلقة مفرغة لا تكسر بالرقابة الأمنية ولا باكتظاظ السجون بمراهقين وشبان فقدوا الأمل في المستقبل.