لم تبدِ الحكومة التركية أي تحفّظات على مشاركة وفد المعارضة السورية في محادثات جنيف، على الرغم من الشروط الأميركية ـ الروسية الجديدة والمجحفة، التي تمّ فرضها على المعارضة السورية. وبينما حافظت على موقفها الرافض وبشدة لمشاركة حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الجناح السوري لحزب "العمال" الكردستاني في وفد المعارضة في جنيف، تعيش أروقة اتخاذ القرار في أنقرة نوعاً من الاستنفار السياسي، تمّت ترجمته باجتماع غير اعتيادي لمجلس الأمن القومي، اليوم الأربعاء، بقيادة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبل أن يبدأ رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، جولة خارجية بدءاً من السعودية، يوم الجمعة، لمدة ثلاثة أيام، سيكون التفاهم على القضية السورية أحد أهم محاورها. ويتمّ ذلك بالتزامن مع تعزيز التعاون العسكري الأميركي ـ التركي في الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على قدم وساق.
ويجري مجلس الأمن القومي التركي، اليوم، اجتماعاً غير عادي بقيادة أردوغان، إذ كان معتاداً إجراء اجتماعات دورية كل شهرين. الاجتماع هو الأول من نوعه الذي يعقد، في شهر يناير/كانون الثاني منذ 12 عاماً، وذلك لمناقشة عدد من القضايا، من بينها المعارك مع الكردستاني في جنوب شرق البلاد، وكذلك التطورات المتسارعة التي شهدتها القضية السورية، خلال الأسبوع الماضي، لتحديد الأسس والركائز التي ستُبنى عليها السياسة الخارجية التركية في هذا الملف خلال الأشهر المقبلة.
اقرأ أيضاً تسوية كيري "الروسية الإيرانية" في سورية: مرفوضة سعودياً
وأضاف داود أوغلو، "ندرك تماماً أهمية مشاركة كافة الأطياف السورية في المحادثات التي ستجري، خلال الأيام المقبلة، إلّا أننا لا نسمح ولا نقبل بمشاركة التنظيمات الإرهابية في هذه المحادثات بين صفوف المعارضة المعتدلة التي تمثل عامة الشعب السوري، فإذا كان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي يرغب في المشاركة بهذه المحادثات، فعليه أن يشارك إلى جانب النظام السوري الذي يقوم بالتعاون معه لقتل الشعب السوري". مع العلم أن صالح مسلم، أحد رئيسي حزب "الاتحاد الديمقراطي" توقع أن "تتمّ دعوة الحزب للمشاركة في المحادثات".
يأتي ذلك في الوقت الذي تتسارع الخطى بين أنقرة وواشنطن لتعزيز التعاون العسكري بينهما فيما يخص الحرب على "داعش"، وبينما يبدو الطرفين متقاربين فيما يخص ملف محاربة التنظيم في العراق لتواجد قوات "البشمركة" التابعة لمسعود البارزاني حليف تركيا، وبسبب الخطوات التي اتخذها الأميركيون في تسليح عشائر العرب، يبقى "الاتحاد الديمقراطي" عقدة تعوق تحقيق أي تقدم جديد على الجبهة السورية.
وبعد أيام من زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى إسطنبول، يبدأ قائد القيادة المركزية لسلاح الجو الأميركي الجنرال، تشارلز براون، زيارة إلى أنقرة، في الأول من فبراير/شباط المقبل، تستمر يومين، يلتقي خلالها نظيره التركي الجنرال، عابدين أونال، وعدداً من المسؤولين الأتراك. فيما سيقوم وزير الأمن الداخلي الأميركي، جيه جونسون، في فبراير، أيضاً، برئاسة وفد من عدّة وكالات أميركية، ليعرض على الحكومة التركية قائمة بالتكنولوجيات التي يمكن أن تستخدم في ضبط الحدود، من المرجح أن تشمل بالونات المراقبة وتكنولوجيا كشف الأنفاق، وكذلك إتاحة وسائل رصد المواد المستخدمة في صناعة العبوات التفجيرية.
وبعد الخلافات مع الحكومة المركزية في العراق، يسعى الأتراك لتغطية قاعدتهم العسكرية في منطقة بعشيقة (زليكان)، شمال العراق، عبر الضغط على الأميركيين لضمها واعتبارها إحدى القواعد التابعة للتحالف الدولي ضد التنظيم. الأمر الذي أكده وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، يوم الاثنين، قائلاً إن "تواجدنا في العراق يهدف إلى تقديم الدعم في القتال ضد داعش، وكذلك تدريب قوات البشمركة وقوات الحشد الوطني المتواجدة في الموصل". وتابع "في الزيارة الأخيرة لبايدن إلى إسطنبول، ناقشنا كيفية دمج قواتنا مع باقي قوات التحالف المتواجدة على العراق، كون العراق يضم قوات أميركية وقوات من دول أخرى في التحالف، تعمل على تقديم الدعم والتدريب، وتستمر لقاءاتنا حول كيفية دمج قواتنا بباقي قوات التحالف والعمل على قتال داعش بشكل فعال".
اقرأ أيضاً المعادلة الأميركية الروسية الجديدة: الأسد باق.. وجوائز ترضية للحلفاء