اتخذت الحكومة التركية برئاسة أحمد داود أوغلو، موقفها الرسمي في الشأن الليبي، وهو الاعتراف بمجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق شرقي ليبيا، وذلك نتيجة حسابات تتعلق بالموقف الداخلي التركي.
إذ لا يُمكن للحكومة التركية التي تشكّلت عبر صناديق اقتراع، ومرّت بمراحل صراع طويل مع المؤسسة العسكرية حتى نجحت في تحييدها وإخراجها من المشهد السياسي الداخلي، إلا أن تعترف بالبرلمان الليبي المنتخب في 25 يونيو/حزيران الماضي، تماهياً مع الاعترافات الدولية التي نالها مجلس نواب ليبيا.
لذا زار المبعوث الشخصي للرئيس رجب طيب أردوغان، آمر الله إيشلاج طبرق، الإثنين الماضي، على رأس وفد رسمي، والتقى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، وعقب اللقاء، أعلن المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب فرج هاشم، أن "الوفد التركي الذي زار ليبيا اعترف بشرعية البرلمان، وبأنه الجهة الوحيدة التي تمثّل الشعب الليبي".
وفي السياق، حرصت تركيا على مدّ جسور التفاهم مع حكومة الإنقاذ الوطني المنبثقة عن عملية "فجر ليبيا" التي تسيطر على أغلب مدن غرب ليبيا، عدا الزنتان. وزار المبعوث التركي، الثلاثاء الماضي، العاصمة الليبية طرابلس، والتقى رئيس حكومة الإنقاذ عمر الحاسي، في رسالة تركية أخرى، تطابق مواقف باقي دول العالم والمؤسسات الأممية، من الناحية التعامل مع سلطة الأمر الواقع، وهو أيضاً ما يُمكن قوله عن زيارة آمر الله إيشلاج، لمدينة مصراتة والتقائه بمسؤولين محليين في المدينة، وممثلين عن "فجر ليبيا"، ونواب رافضين لحضور جلسات برلمان طبرق.
وقال بعض المحللين، إن "تركيا وعلى الرغم من عدم دعمها أياً من أطراف الأزمة الليبية بشكل مباشر وعلني، إلا أنها تحاول التخفيف من حدة غلواء الحلف الاقليمي، المتشدد حيال الأزمة الليبية والداعي إلى تدخل عسكري مباشر، لتوجيه ضربات لمعاقل فجر ليبيا في العاصمة طرابلس، وقوات مجلس شورى ثوار بنغازي في شرق ليبيا".
ويتماهى الموقف التركي هذا، مع ما انتهى إليه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، الإثنين الماضي، من أنه لا حل عسكريا في ليبيا لإنهاء الصراع الجاري، وهو موقف لا يعتبره الحلف المصري الإماراتي في صالح الخطوات العملية المتخذة على الأرض.
فتركيا فيما يتعلق بالمسألة الليبية الآن تقف موقفا وسطا يدعو إلى حل سياسي يأتي عبر مفاوضات بين الأطراف الليبية، وفي نفس الوقت لحسابات داخلية تعترف بمجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق شرقي ليبيا كممثل شرعي.