18 فبراير 2020
تركيا وأميركا في سورية؟
لا يمكن فهم كشف وكالة الأناضول التركية القواعد العسكرية الأميركية في شمال شرق سورية إلا في سياق زيادة التوتر بين البلدين، على خلفية مواصلة الإدارة الأميركية دعمها الكرد، وعدم استجابتها لمطلب تركيا بوقف هذا الدعم، وهو ما تعدّه أنقرة الحليفة التاريخية لواشنطن انقلابا على ثوابت العلاقة الأميركية - التركية، منذ انضمت تركيا مبكرا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 1952، ولعل ما يزيد من مخاوف تركيا شعورها العميق بأن وراء الدعم الأميركي للكرد وجود مخطط غير معلن، هدفه إقامة دولة كردية في المنطقة، وإن إقامة مثل هذه الدولة ستؤدي إلى تقسيم تركيا، فيما تقول واشنطن إن ذلك يأتي في إطار الحرب على "داعش". وهكذا، تحول الدعم الأميركي للكرد إلى نقطة خلاف متصاعدة في العلاقات التركية – الأميركية، أفقدها الثقة من جهة، ومن جهة ثانيةٍ، عمّق من الشروخ بين البلدين، لاسيما ان قضية تسليم فتح الله غولن المتهم بالتورّط بالإنقلاب العسكري الفاشل في تركيا تخيم بظلالها على هذه العلاقة.
أمام هذا الواقع، ترى تركيا أن اللغة الدبلوماسية الأميركية التي تحاول التوفيق بين الحليف التاريخي (تركيا) والحليف الكردي الجديد عبر لعبة التوازنات ليست سوى مجرد أسلوب دبلوماسي، للتهرب من مطالب أنقرة، والمضي في المخططات الخفية، ومثل هذا الأسلوب لم يعد ممكنا القبول به في المرحلة المقبلة، وإن على واشنطن أن تحسم خيارها بين استمرار تحالفها مع الكرد أو العودة إلى تحالفها القديم مع أنقرة. وعليه، فان كشف أنقرة المواقع العسكرية الأميركة في سورية يشكل رسالة تركية بأنها لن تقبل باستمرار الوضع هكذا، وهي رسالةٌ تتكامل مع التسخين العسكري التركي في شمال سورية، والتهديد بشن عملية عسكرية ضد عفرين، تحت عنوان "سيف الفرات".
أبعد من قضية الدعم الأميركي للكرد، ثمّة قضية حسّاسة قد تفجر العلاقات بين البلدين، فبعد الاتفاق الأميركي – الروسي على وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية، زادت الهواجس التركية إزاء إدارة دونالد ترامب، ولاسيما بعد تلميح الأخير إلى احتمال إبرام اتفاق ثان يشمل منطقة شمال شرق سورية التي تتمتع بأهمية قصوى لتركيا. ولعل تركيا تخشى هنا، في المقام الأول، من أن يجري مثل هذا الاتفاق من دون الترتيب معها، وأن يؤدي إلى تكريس الكيان الكردي الناشئ على شكل اعتراف أمني، يجلب اعترافا سياسيا به في المرحلة المقبلة. ومن جهة ثالثة، قد يؤثر مثل هذا الاتفاق سلبا على التقارب التركي – الروسي، والتفاهمات التي حصلت في أستانة بشأن التهدئة في المناطق المنخفضة التوتر، فيشكل ذلك كله ضربة لنفوذ تركيا ودورها في الأزمة السورية.
من دون شك، يثير وصول العلاقات الأميركية - التركية إلى هذا المستوى من الخلافات مخاوف مفتوحة في تركيا، لاسيما وأن سياسات دونالد ترامب توحي بمزيد من التصعيد، في ظل شعاراته المعادية للإسلام، وانخراطه في إجراءات إقصائية بهذا الخصوص، والحديث عن احتمال تصنيف الكونغرس الأميركي جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، كذلك ازدياد حدّة الخلافات بين تركيا ودول أوروبية عديدة... إذ يوحي ذلك كله بتطورات دراماتيكية في العلاقات التركية مع الغرب، بشقيه الاميركي والأوروبي، قد يكون من أهم نتائجها إعادة تموضع العلاقات، إن لم نقل القطيعة في بعض الحالات.
أمام هذا الواقع، ترى تركيا أن اللغة الدبلوماسية الأميركية التي تحاول التوفيق بين الحليف التاريخي (تركيا) والحليف الكردي الجديد عبر لعبة التوازنات ليست سوى مجرد أسلوب دبلوماسي، للتهرب من مطالب أنقرة، والمضي في المخططات الخفية، ومثل هذا الأسلوب لم يعد ممكنا القبول به في المرحلة المقبلة، وإن على واشنطن أن تحسم خيارها بين استمرار تحالفها مع الكرد أو العودة إلى تحالفها القديم مع أنقرة. وعليه، فان كشف أنقرة المواقع العسكرية الأميركة في سورية يشكل رسالة تركية بأنها لن تقبل باستمرار الوضع هكذا، وهي رسالةٌ تتكامل مع التسخين العسكري التركي في شمال سورية، والتهديد بشن عملية عسكرية ضد عفرين، تحت عنوان "سيف الفرات".
أبعد من قضية الدعم الأميركي للكرد، ثمّة قضية حسّاسة قد تفجر العلاقات بين البلدين، فبعد الاتفاق الأميركي – الروسي على وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية، زادت الهواجس التركية إزاء إدارة دونالد ترامب، ولاسيما بعد تلميح الأخير إلى احتمال إبرام اتفاق ثان يشمل منطقة شمال شرق سورية التي تتمتع بأهمية قصوى لتركيا. ولعل تركيا تخشى هنا، في المقام الأول، من أن يجري مثل هذا الاتفاق من دون الترتيب معها، وأن يؤدي إلى تكريس الكيان الكردي الناشئ على شكل اعتراف أمني، يجلب اعترافا سياسيا به في المرحلة المقبلة. ومن جهة ثالثة، قد يؤثر مثل هذا الاتفاق سلبا على التقارب التركي – الروسي، والتفاهمات التي حصلت في أستانة بشأن التهدئة في المناطق المنخفضة التوتر، فيشكل ذلك كله ضربة لنفوذ تركيا ودورها في الأزمة السورية.
من دون شك، يثير وصول العلاقات الأميركية - التركية إلى هذا المستوى من الخلافات مخاوف مفتوحة في تركيا، لاسيما وأن سياسات دونالد ترامب توحي بمزيد من التصعيد، في ظل شعاراته المعادية للإسلام، وانخراطه في إجراءات إقصائية بهذا الخصوص، والحديث عن احتمال تصنيف الكونغرس الأميركي جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، كذلك ازدياد حدّة الخلافات بين تركيا ودول أوروبية عديدة... إذ يوحي ذلك كله بتطورات دراماتيكية في العلاقات التركية مع الغرب، بشقيه الاميركي والأوروبي، قد يكون من أهم نتائجها إعادة تموضع العلاقات، إن لم نقل القطيعة في بعض الحالات.