عادت النقابات المستقلة في الجزائر للتحرك من جديد في اتجاه التهديد بالعودة إلى الاحتجاجات، بعد هدنة نسبية شهدتها الجبهة الاجتماعية منذ بداية صيف العام الجاري 2018.
ويضع النقابيون هذه الخطوة في سياق المطالب العمالية الاجتماعية، فيما يؤكد مراقبون سياسيون واقتصاديون أنها ورقة ضغط على الحكومة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في شهر إبريل/ نيسان 2019.
وأعلنت النقابة الجزائرية لمستخدمي الإدارة العمومية "سناباب" التي يقع تحت عباءتها قرابة 300 ألف عامل، عن التحضير لإطلاق حملة لجمع مليون توقيع بهدف مطالبة الحكومة برفع أجور العمال والمتقاعدين وإلغاء الضريبة على الدخل، في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطنين.
وكشفت النقابة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية العامة المستقلة للعمال في الجزائر (تكتل نقابي غير معتمد)، في بيان لها، أن "هناك سياسة ممنهجة تطبق على تجويع وتفقير العمال حتى يبقى الشغل الشاغل للعامل البحث عن القوت اليومي فقط وينسى المواضيع الشائكة التي تثبت للعامل فشل النظام".
وحدّد التنظيم النقابي المشاكل التي تُواجه المواطن الجزائري والتي يأتي في مقدمتها "تدهور القدرة الشرائية، صعوبة الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية، كالتربية، الصحة، الشغل، السكن والنقل".
وحول هذه الخطوة، كشف الناطق باسم النقابة الجزائرية لمستخدمي الإدارة العمومية دريس ميكيداس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحملة المليونية تسعى من خلالها النقابة لإسماع صوت العمال بطريقة أكثر حدة، وتجعل الحكومة ترضخ لسلطة العمال".
وأضاف المتحدث نفسه أن "جمع مليون توقيع ليس بالأمر الصعب، فإذا اتحدنا مع النقابات المستقلة الناشطة في مختلف القطاعات سنجمع أكثر من 1.2 مليون توقيع، ولا نستبعد أن ينضم إلينا عمال الاتحاد العام للعمال الجزائري (التكتل النقابي الرسمي المعتمد من طرف الحكومة)، فكل عمال الجزائر يواجهون المشاكل نفسها، مهما كان الفضاء النقابي الذي ينشطون فيه".
اقــرأ أيضاً
وتابع ميكيداس: "بعد جمع التوقيعات سنرفعها للحكومة، وإذا لم تستجب لمطالبنا سندرس الخطوة القادمة، والتي قد لا تخلو من الاحتجاج الميداني".
وطغت على لهجة النقابات المستقلة في مختلف القطاعات خلال الأسابيع الماضية حالة من التهديد والوعيد بالعودة إلى الحراك بعد هدنة يرى نقابيون أنها لم تحظ بالاهتمام من قبل الحكومة خلال الأشهر الماضية.
وفي قطاع التعليم، أعادت ست نقابات مستقلة إلى السطح شريط "العودة للإضرابات"، بعدما أبدت في بيان لها نهاية الأسبوع الحالي، نيتها في العودة إلى الإضراب بداية من يناير/ كانون الثاني 2019، بعد مرور أشهر من الهدوء في قطاع التربية، بعد رفض وزارة التربية والتعليم فتح باب الحوار مع المعلمين.
وإلى ذلك، يكشف رئيس اتحاد عمال التربية صادق دزيري أن "كل المؤشرات في الوقت الراهن تدفع نحو الاحتجاج الميداني، ولن نكتفي بالبيانات، وذلك بعد انتظار فاق 4 أشهر، حيث أبدينا حسن نيتنا، حيث أجلنا اللجوء إلى الإضراب، إلا أن مماطلة الحكومة في فتح باب الحوار، دفعنا للاجتماع".
وقال دزيري لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة ملزمة بتقديم توضيحات لنا، حول عدم استجابتها لمطالبنا والمتعلقة أساسا برفع الرواتب، لأن القدرة الشرائية للعمال الجزائريين باتت لا تستطيع مقاومة غلاء المعيشة".
من جانبه، يقول الأمين العام للنقابة الجزائرية المستقلة لعمال التربية والتكوين عمورة بوعلام، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة لم تستغل الهدنة للاستجابة لمطالب النقابات، ولا حتى في إرساء أرضية حوار متينة مع الشريك الاجتماعي"، وأضاف عمورة: "وزارة التربية خرقت وبطريقة معلنة ميثاق أخلاقيات المهنة الموقع عليه من قبل الوزارة الوصية، وهو سبب كاف لاستنتاج نوايا وزارة التربية تجاه مطالب العمال".
الأئمة بدورهم أشعلوا فتيل الغضب في قطاع الشؤون الدينية، عقب تصريح وزير القطاع محمد عيسى حول رفض الحكومة ضخ زيادات في أجور الأئمة، وهو التصريح الذي أغضب أصحاب العمائم البيضاء الذين هددوا بالخروج إلى الشارع بداية السنة المقبلة للمطالبة برفع الأجور ومراجعة القانون الأساسي لقطاع الشؤون الدينية. تهديدات لم يخف الوزير تخوفه منها ليلجأ إلى سياسة التهدئة بدعوة الأئمة إلى طاولة الحوار والتي رفضها الأئمة خلال الأيام الماضية.
وإلى ذلك، قال منسق نقابة الأئمة وموظفي الشؤون الدينية، جلول حجيمي، إن موظفي قطاع الشؤون الدينية يعانون، مضيفاً أن أعلى مرتب لهم لا يكفي احتياجات أسبوع واحد، في ظل غلاء المعيشة، "فالأئمة وموظفو القطاع يتخبطون في مشكل السكن ومتطلبات الحياة الضرورية. مهنتنا لا نهدف من ورائها إلى خلق ثروة، بل نسعى للعيش الكريم الذي يضمن رفعة أهل القرآن".
وتابع حجيمي في حديث مع "العربي الجديد"، أنه سيتّم تنظيم الوقفة الاحتجاجية للأئمة خلال الأيام المقبلة، وستكون الوقفة تحت شعار "وقفة العمائم البيضاء"، وهي سلمية ولا تشكل أي خطر على الأمن والاستقرار العام.
وتتزامن تهديدات النقابات المستقلة في الجزائر مع عودة الحديث في البلاد عن إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في شهر نيسان/ إبريل 2019، وتمديد عهدة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ليتواصل الانسداد السياسي الذي لف البلاد في السنوات الأخيرة عقب مرض بوتفليقة سنة 2013.
اقــرأ أيضاً
وتحاول النقابات المستقلة اللعب بورقة الانتخابات الرئاسية للضغط على السلطة المحرجة، بهدف تحقيق مكاسب للطبقة العمالية.
وإلى ذلك، لا يستبعد المحلل الاقتصادي جمال نور الدين، استغلال بعض الشرائح الاجتماعية والسياسية للظرف السياسي الحساس الذي تعيشه البلاد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، من أجل الضغط على السلطة في سبيل تحقيق تلك المطالب الاجتماعية التي ترفعها الطبقة العمالية في الجزائر.
وأكد الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، أن "اقتراب موعد الانتخابات سيكون فرصة للضغط على السلطة، وخاصة أن الظرف الاقتصادي للبلاد يغذي حالة الاحتقان في الأوساط العمالية. فتراجع مداخيل العملة الصعبة جراء انهيار النفط في السوق الدولية، وسياسة التقشف التي انتهجتها الدولة من أجل تقليص الإنفاق، انعكست سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين، مع انخفاض قيمة الدينار وتجميد الأجور وارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية".
ويرى نور الدين أن الحكومة تتجاهل حتى الآن هذه التحذيرات والتنبيهات، إلا أنها ستكون أمام الأمر الواقع إذا اتجهت النقابات إلى مرحلة التنفيذ، وبالتالي سيتضاعف الضغط السياسي والاجتماعي عليها، وتضطر للجلوس إلى طاولة الحوار، بل وتقديم تنازلات، مقابل إجراء الانتخابات الرئاسية في أحسن الظروف إذا لم يتم تأجيلها دون تأجيج للشارع الجزائري".
وتعاني الجزائر من أزمة مالية حادة دفعتها للجوء إلى احتياطات النقد الأجنبي التي تهاوت خلال الفترة الأخيرة لتصل إلى 82.12 مليار دولار في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، مقابل 97.33 مليار دولار مع نهاية 2017.
ويضع النقابيون هذه الخطوة في سياق المطالب العمالية الاجتماعية، فيما يؤكد مراقبون سياسيون واقتصاديون أنها ورقة ضغط على الحكومة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في شهر إبريل/ نيسان 2019.
وأعلنت النقابة الجزائرية لمستخدمي الإدارة العمومية "سناباب" التي يقع تحت عباءتها قرابة 300 ألف عامل، عن التحضير لإطلاق حملة لجمع مليون توقيع بهدف مطالبة الحكومة برفع أجور العمال والمتقاعدين وإلغاء الضريبة على الدخل، في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطنين.
وكشفت النقابة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية العامة المستقلة للعمال في الجزائر (تكتل نقابي غير معتمد)، في بيان لها، أن "هناك سياسة ممنهجة تطبق على تجويع وتفقير العمال حتى يبقى الشغل الشاغل للعامل البحث عن القوت اليومي فقط وينسى المواضيع الشائكة التي تثبت للعامل فشل النظام".
وحدّد التنظيم النقابي المشاكل التي تُواجه المواطن الجزائري والتي يأتي في مقدمتها "تدهور القدرة الشرائية، صعوبة الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية، كالتربية، الصحة، الشغل، السكن والنقل".
وحول هذه الخطوة، كشف الناطق باسم النقابة الجزائرية لمستخدمي الإدارة العمومية دريس ميكيداس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحملة المليونية تسعى من خلالها النقابة لإسماع صوت العمال بطريقة أكثر حدة، وتجعل الحكومة ترضخ لسلطة العمال".
وأضاف المتحدث نفسه أن "جمع مليون توقيع ليس بالأمر الصعب، فإذا اتحدنا مع النقابات المستقلة الناشطة في مختلف القطاعات سنجمع أكثر من 1.2 مليون توقيع، ولا نستبعد أن ينضم إلينا عمال الاتحاد العام للعمال الجزائري (التكتل النقابي الرسمي المعتمد من طرف الحكومة)، فكل عمال الجزائر يواجهون المشاكل نفسها، مهما كان الفضاء النقابي الذي ينشطون فيه".
وتابع ميكيداس: "بعد جمع التوقيعات سنرفعها للحكومة، وإذا لم تستجب لمطالبنا سندرس الخطوة القادمة، والتي قد لا تخلو من الاحتجاج الميداني".
وطغت على لهجة النقابات المستقلة في مختلف القطاعات خلال الأسابيع الماضية حالة من التهديد والوعيد بالعودة إلى الحراك بعد هدنة يرى نقابيون أنها لم تحظ بالاهتمام من قبل الحكومة خلال الأشهر الماضية.
وفي قطاع التعليم، أعادت ست نقابات مستقلة إلى السطح شريط "العودة للإضرابات"، بعدما أبدت في بيان لها نهاية الأسبوع الحالي، نيتها في العودة إلى الإضراب بداية من يناير/ كانون الثاني 2019، بعد مرور أشهر من الهدوء في قطاع التربية، بعد رفض وزارة التربية والتعليم فتح باب الحوار مع المعلمين.
وإلى ذلك، يكشف رئيس اتحاد عمال التربية صادق دزيري أن "كل المؤشرات في الوقت الراهن تدفع نحو الاحتجاج الميداني، ولن نكتفي بالبيانات، وذلك بعد انتظار فاق 4 أشهر، حيث أبدينا حسن نيتنا، حيث أجلنا اللجوء إلى الإضراب، إلا أن مماطلة الحكومة في فتح باب الحوار، دفعنا للاجتماع".
وقال دزيري لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة ملزمة بتقديم توضيحات لنا، حول عدم استجابتها لمطالبنا والمتعلقة أساسا برفع الرواتب، لأن القدرة الشرائية للعمال الجزائريين باتت لا تستطيع مقاومة غلاء المعيشة".
من جانبه، يقول الأمين العام للنقابة الجزائرية المستقلة لعمال التربية والتكوين عمورة بوعلام، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة لم تستغل الهدنة للاستجابة لمطالب النقابات، ولا حتى في إرساء أرضية حوار متينة مع الشريك الاجتماعي"، وأضاف عمورة: "وزارة التربية خرقت وبطريقة معلنة ميثاق أخلاقيات المهنة الموقع عليه من قبل الوزارة الوصية، وهو سبب كاف لاستنتاج نوايا وزارة التربية تجاه مطالب العمال".
الأئمة بدورهم أشعلوا فتيل الغضب في قطاع الشؤون الدينية، عقب تصريح وزير القطاع محمد عيسى حول رفض الحكومة ضخ زيادات في أجور الأئمة، وهو التصريح الذي أغضب أصحاب العمائم البيضاء الذين هددوا بالخروج إلى الشارع بداية السنة المقبلة للمطالبة برفع الأجور ومراجعة القانون الأساسي لقطاع الشؤون الدينية. تهديدات لم يخف الوزير تخوفه منها ليلجأ إلى سياسة التهدئة بدعوة الأئمة إلى طاولة الحوار والتي رفضها الأئمة خلال الأيام الماضية.
وإلى ذلك، قال منسق نقابة الأئمة وموظفي الشؤون الدينية، جلول حجيمي، إن موظفي قطاع الشؤون الدينية يعانون، مضيفاً أن أعلى مرتب لهم لا يكفي احتياجات أسبوع واحد، في ظل غلاء المعيشة، "فالأئمة وموظفو القطاع يتخبطون في مشكل السكن ومتطلبات الحياة الضرورية. مهنتنا لا نهدف من ورائها إلى خلق ثروة، بل نسعى للعيش الكريم الذي يضمن رفعة أهل القرآن".
وتابع حجيمي في حديث مع "العربي الجديد"، أنه سيتّم تنظيم الوقفة الاحتجاجية للأئمة خلال الأيام المقبلة، وستكون الوقفة تحت شعار "وقفة العمائم البيضاء"، وهي سلمية ولا تشكل أي خطر على الأمن والاستقرار العام.
وتتزامن تهديدات النقابات المستقلة في الجزائر مع عودة الحديث في البلاد عن إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في شهر نيسان/ إبريل 2019، وتمديد عهدة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ليتواصل الانسداد السياسي الذي لف البلاد في السنوات الأخيرة عقب مرض بوتفليقة سنة 2013.
وتحاول النقابات المستقلة اللعب بورقة الانتخابات الرئاسية للضغط على السلطة المحرجة، بهدف تحقيق مكاسب للطبقة العمالية.
وأكد الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، أن "اقتراب موعد الانتخابات سيكون فرصة للضغط على السلطة، وخاصة أن الظرف الاقتصادي للبلاد يغذي حالة الاحتقان في الأوساط العمالية. فتراجع مداخيل العملة الصعبة جراء انهيار النفط في السوق الدولية، وسياسة التقشف التي انتهجتها الدولة من أجل تقليص الإنفاق، انعكست سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين، مع انخفاض قيمة الدينار وتجميد الأجور وارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية".
ويرى نور الدين أن الحكومة تتجاهل حتى الآن هذه التحذيرات والتنبيهات، إلا أنها ستكون أمام الأمر الواقع إذا اتجهت النقابات إلى مرحلة التنفيذ، وبالتالي سيتضاعف الضغط السياسي والاجتماعي عليها، وتضطر للجلوس إلى طاولة الحوار، بل وتقديم تنازلات، مقابل إجراء الانتخابات الرئاسية في أحسن الظروف إذا لم يتم تأجيلها دون تأجيج للشارع الجزائري".
وتعاني الجزائر من أزمة مالية حادة دفعتها للجوء إلى احتياطات النقد الأجنبي التي تهاوت خلال الفترة الأخيرة لتصل إلى 82.12 مليار دولار في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، مقابل 97.33 مليار دولار مع نهاية 2017.